(أيها الراكض فوق شظايا القلب هشة هي الأرض التي تحملك ، ووقعك ... أثقل من سقوط مرتقب. ) إ يمان الخطابي في المحطة، اشتريت وجبة سريعة للفطور من محل صغير، ثم صعدنا الحافلة التي مضت بمحاذاة البحر، عابرة طرقا من شجرة الأركان. الركاب يغطون في النوم، ساعة هاتفي النقال تشير إلى السادسة والربع صباحا، ولم يحدث أي تغيير مفاجئ، مازالت هي متجهمة، وصائمة عن الكلام، فقط، أشعر بالجوع، فآكل هلاليتي وأحتسي الحليب، وكذلك تفعل هي بمهل. في الثامنة والنصف، توقفت الحافلة قريبا من مقهى بمحطة للوقود، يستيقظ معظم الركاب ويتساقطون من الحافلة وهم يتثاءبون، أنزل أنا، وتنزل هي. كنت أرتشف قهوة سوداء، وكانت هي تحمل بيدها كأس عصير من الليمون وشوكولاطة . - « بالمناسبة، أين نحن ؟» تسألني جنة - « لا فكرة لدي « أجيبها وما إن جلسنا حتى انطلقت الحافلة في طريقها تسابق الريح ، وانطلقت موسيقى راقصة لأغنية(بعث لي جواب وطمني ) من مسجل الحافلة . ولأن جلستها بجوار النافذة، راحت تتسلى بالنظر إلى البحر، وكنت أنا أتصفح صحيفة يومية. تبدو جنة سعيدة بالأغنية والبحر، أنا أيضا سعيد، وفجأة، امتدت يدها لقارورة عطر، رشت إبطيها وهي تحدق في عيني. « بالصحة والراحة زوجتي العزيزة « قلت هامسا ومبتهجا صمتت جنة قليلا، وجاء جوابها ابتسامة وعناقا، ثم عادت جملة مفيدة، وعدت نسخة منها. تنحنحت ، وبدأت بالكلام : - « هل أنت جاد في ما تقول يا آدم ؟» سألتني بعفوية ضحكت وتابعت : - « أنا جاهز في أي وقت « - « جاهز للحب والعشق، أم للزواج ؟» - « للاثنين معا « أجبتها - « وأنا لن أشبع منك يا روحي « ترد جنة ببراءة، ثم ضحكنا كما لو أننا على تفاهم تام، و...رن هاتف جنة ، شعرت بغيرتي بلغت أوجها ، قطعت المكالمة ، ترددت قليلا ، ثم سلمتني هاتفها . ارتفعت دقات قلبي،وأنا أقرأ ذاكرتين ، أخرجت زفرات مصحوبة بتنهيدة وأسى وأنا ألتقي ببطاقتين ، ثم..وضعت الهاتف في حقيبتها بعصبية . ( قالت جنة : أليس لديك صديقات ؟ قال آدم : ألا تصادقين غير الرجال ؟ تنهد آدم، أغمض عينيه، وسمع البحر يتنفس بشكل إيقاعي غاضب وصاخب، فيما كانت جنة تسحب منديلها من حقيبتها كي تجفف زخات من عرق ، تسقط مرآتها بين رجليها، ويرتعش أنفها كقطة غير أليفة ) هنا استفاضت جنة بإخباري بكل علاقاتها التي رمتها في سلة المهملات ، منذ التقينا في الهوتمايل. و..أغمضت عيني كي أمتص عصبيتي، وكي أكتشف شيئا مشتركا بيني وبين جنة : « كلانا يحب شخصا لم يعد ينتمي لعالمنا « وأخيرا وصلت الحافلة مدينة الكورنيش، وأول عمل قمنا به هو البحث عن شقة آمنة قريبا من الحي البرتغالي، وحالفنا الحظ ، فاستأجرنا واحدة بالشروط التي نبغيها، شقة من غرفتين وبنافذة واحدة . كان الليل حينئذ قد حل تماما، وانتابتني رغبة في طبق من السمك، نظرت حولي وجدت لافتة « مطعم فواكه البحر» . اخترنا طاولة في ركن قصي ، أسرع إلينا النادل مرحبا ، لتستحثه جنة بسرعة إعداد طبق من السمك ، وأوصته ألا ينسى عصير البرتقال. - « هيا إلى البحر» قالت جنة بعد العشاء بنغمة غزلية (هل تذكرين ياجنة يوم عبرنا حديقة في كامل زينتها في طريقنا إلى الكورنيش ؟ كنا نمشي بنشوة صامتة كأننا في حلم ، لن أنسى أبدا الأصابع التي لم تشأ أن تنفصل ، وأنك قلت لي بغنج:» سأتصرف معك كصديقة وعاهرة» ، وفجأة وثبت مرحا) وما إن أصبحنا في غرفتنا، حتى ارتدينا ملابس النوم ، تصارعنا بمرح مع بعضنا ونحن نضحك من أعماقنا، ثم تمددنا معا في السرير منهكين ومستسلمين للنوم متعانقين. (عطني خمس دقائق لأثبت لك أنني لا أبالغ كالشعراء صانعي التماثيل من وسخ أظافر الشيطان) نصر جميل شعث عقارب ساعة حائط بيت النعاس تشير إلى التاسعة والنصف ، وكان مجرد وجود جنة في صباحي يعني أن الحياة محتملة . كانت نائمة ، وكان وجهها ك»لالة» فاطمة ، فلم أرغب بإزعاجها ، فقط ، أغمضت عيني ، شردت ، وغصت في زمن ماض ، ومن ثقوب الذاكرة يهبط وجه « لالة» ، رائحتها ، ضفائرها الطويلة ، وصوتها الجميل الذي سحرني ولا زال إيقاعه يتردد في أذني . ( كانت الغرفة ضيقة ، كنت يومها طفلا ، وكان عمي يلعب فوق « لالة» ، انتصبت ، ومنذ تلك اللعبة وأنا أراقب عضوي التناسلي في المرحاض ، وأحيانا أهدهده ). وددت وقتها ، وعلى مائدة الفطور أن أقول ل»لالة» كلمات كثيرة ،لكني لم أعرف ما أقول ، واكتفيت باللعب مع حشفتي من تحت السروال ، حتى احمرت كثيرا . تفتح جنة عينيها ، تتثاءب ، وتأخذني في حضنها ، تعصرني كما الليمونة الطازجة ، تقبلني ، تمسك بعضوي ، تلاعبه ، ثم تنتزع كيلوتها القطني. أصابعها ماهرة ، ركوبها ماهر ، وحين أقذف ، تقفز جنة بسرعة من السرير ، وتذهب إلى المرحاض عارية، وحين تعود أنام في أحضانها، وربما أعمق نوم عرفته . ( حكت لي جنة أنها حلمت بكثير من العصافير ، وأنها كانت تصلي في محراب مليء بالمنحوتات ، كان اليوم يوم سبت ، لكنه لم يكن كغيره من الأيام ، كانت ضالة وفي غاية الإثم ) سكتت مدة ، ثم قلت : - « خير» غسلنا أسناننا، غسلنا الإبريق، غسلنا الكؤوس، كنسنا المكان، تحممنا ، وأغلقنا الباب والنافذة خلفنا ومشينا على رصيف ما في الحي البرتغالي . كانت السماء تمطر ساعتها، وكانت جنة أنيقة، وشديدة النظافة كعادتها دوما، تشبك ذراعها في ذراعي. وفي انتظار البتي طاكسي ، سحبتني من ذراعي عن المطر الذي كان يزداد غزارة ويبلل المارة . ندخل مقهى الكورنيش ، هناك رجل يعانق امرأة ثم يقبلها ، هناك عجوز يدخن، هناك رجل شارد يتأمل البحر ، وهناك رجل يقرأ كتابا . نجلس في مواجهة البحر، أنا اسكب لنفسي شايا، بينما تحتسي جنة كافي كريم ، والمطر مازال غزيرا . فجأة، تقول جنة وهي تتأمل صحف الصباح : « كل العناوين عنيفة هذا الصباح « « العنف سنة العالم هذه الأيام « أقول أنا « على فكرة، ماذا تقرأ هذه الأيام ؟ « تسألني جنة « انتهيت من رواية ? اسمه الغرام-، وحاليا أقرأ ? سرير الأستاذ ?» « اسمه الغرام « ؟ تقول جنة مندهشة «........» « قرأتها بعشق الصيف الماضي « « الجسد اسمه الغرام « « و مسكون بالجموح والجنون « تقول جنة « بل يعيش أجمل عطاءاته وتوهجه « أقول أنا « و ... صدقه وكرمه في حالة الغرام « تقول جنة وهي مبتهجة وبعد ساعة من ذلك ، أشرقت الشمس ، وكنا نمشي على الشاطئ كما بطلين في فيلم رومانسي ، تجلس جنة على الرمال المبللة ، تغطس قدميها في ماء البحر ، وبدت لي كمن تراقب زبد الأمواج المتلاطمة ، وتستمع لأمواجه المتلاطمة علها تحمل لها رسالة من بعيد، وفي الأفق باخرة صيد وحيدة. ( أهدى آدم لجنة صدفة ، والتمس منها أن تحافظ عليها في أرشيف حقيبتها ) عادت السماء لغيومها ، وكان البرد قارسا ، حينها ناديت جنة: « لنغادر» في مطعم يعج بالطلبات ، قالت لي جنة : « أطلب ما شئت « « دجاج « « وأنت ؟» « سمك مشوي « حضر الطعام ، ثم راح كلانا يستمتع بوجبته في صمت . - « السمك لذيذ هنا « علقت جنة غمزتها ، وضحكنا على ما يفعله السمك بنا في السرير . في الطريق إلى الشقة ، توقفت فجأة والتفت للحانة : « هل تسمحين ؟» حدقت بي جنة عابسة : « أنا أو البيرة « وقفت مشدوها : « علاش ؟» وكالعادة ، هناك العديد من القصص في قبعة جنة ،قصص لا تتوقف عن استخراجها طازجة . « البيرة سادية « « .....؟» « خطيبي تحيون بعد احتسائه صندوقا من الجعة « ( جنة : لم يكن من اللائق أن أعيش مع خطيب سكير تحت سقف واحد آدم : أنا احتسي البيرة لأصحو جنة : ولو) عدنا إلى الشقة ، أخذنا حماما ، ثم ذهبت إلى السرير ، وسرعان ما نمت ، بينما بقيت جنة تكتب في مذكرتها ، وتستمع للموسيقى ) هامش: خرج الرجل من غرفتها الشاحبة ليجد في مطبخ الشقة كثيرا من المناديل اللزجة في قمامة الأزبال تنهد عميقا ، وعاد لنفس الغرفة ليمسح اسمه من جسدها ------ « اسمه الغرام « رواية لعلوية صبح « سرير الأستاذ» رواية لمحمد مزيد