أكد المشاركون في ندوة دولية افتتحت يوم الأربعاء 12/5/2010 بفاس أن حصول الأطفال المغاربة بالخارج على شخصية متوازنة بانسجام مع وضعيتهم المتأرجحة بين ثقافات مختلفة يتطلب مزيدا من الدعم من جانب دول الاستقبال وكذا المغرب. وقالت الباحثة الجامعية فاطمة الصديقي، في عرض حول «البعد الأمازيغي في هوية الطفل المغربي بالمهجر»، إن من واجب المغرب (حكومة ومؤسسات ومنظمات غير حكومية) العمل على تعزيز وسائل تعليم الأطفال من أصل مغربي لغتهم الأصلية (العربية أو الأمازيغية) دون حرمانهم من تعلم لغة بلد الاستقبال. ولاحظت أن غياب مثل هذا الدعم للغة الأم يعني تسليم الطفل للفراغ الذي لا يمكن تصور انعكاساته الوخيمة، مذكرة بأن الإستراتيجية اللغوية المعتمدة بالمغرب تقوم على التنوع في إطار الوحدة وعلى هوية وطنية متعددة الأبعاد. وفي السياق ذاته، شدد عبد الله بوصوف الكاتب العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، على أن الأطفال ذوو أصل مغربي المقيمين بالخارج مواطنون مغاربة لهم نفس حقوق وواجبات مواطني بلدان الاستقبال وأن تربية هذه الشريحة من الأطفال بانسجام مع قيم بلدهم الأصلي وفي ظل احترام قيم بلدان الاستقبال تستدعي مجهودا إضافيا على مستوى تحسين مناهج ومضامين تعليم اللغة العربية. ونبه بوصوف إلى أن الطفل ذا الأصل المغربي يعيش عموما في محيط عدائي يتم فيه بذل كل ما من شأنه إبعاده عن أصوله. وحذر الجامعي الجزائري سعيد أوشريع من أن الطفل الذي يفشل في الاندماج أو في العودة إلى الأصول يواجه خطر السقوط في هاوية وحدة ظاهرية تخفي شخصية ممزقة وغير متوازنة. وأضاف أن الحلول المقترحة من طرف بلدان المنشإ فيما يتعلق باللغة العربية ومبادئ الإسلام غير مضمونة النتائج كما أن المناهج والوسائل البشرية المرصودة لذلك تبقى دون مستوى التطلعات. وحول إشكالية الاندماج، عاب الباحث الجزائري محمد سيني على الصحافة الغربية اعتماد خطاب مزدوج يزعم أن المهاجرين يرفضون الاندماج وفي نفس الوقت يخوض حملة لدى الأغلبية الحاكمة لجعل هذا الاندماج مستحيلا. وخلص إلى أن الإعلام الغربي لا يتطلع إلا لتسفيه العناصر المكونة للهوية الأصلية للطفل المهاجر بما في ذلك ديانته الإسلامية، وبالتالي فإن الطفل المغاربي يجد نفسه مضطرا في كثير من الأحيان للتخلي عن دينه ومقومات أصوله من أجل النجاح في اختبار «الاندماج». ومن جانبه، اعتبر الجامعي المغربي محمد البكوشي من جامعة (السوربون) أن المهاجرين يقدمون أنفسهم بصور شتى فهناك المتطلعون إلى موضع متقدم في بلدان الاستقبال وهناك الذين يعيشون أوضاعا هشة بالضواحي وهناك أيضا الراديكاليون الذين يتعلقون كليا بثقافتهم الأصلية. وقال إن التقدم الذي يعرفه المغرب في مجال الديمقراطية والحريات من شأنه أن ييسر عودة العديد من الأطر المغربية للمساهمة في تنمية البلاد. وتتناول أشغال هذه الندوة، التي ينظمها فريق البحث في قضايا المرأة والطفل فقها وقانونا بكلية الشريعة بفاس تحت عنوان «واقع الطفل المغربي في المهجر بين أحكام الشريعة الإسلامية والتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، جملة من القضايا المتعلقة بالوضع القانوني للطفل في بلدان المهجر والتربية والتعليم الديني والمحيط السوسيوثقافي للطفل.