تخليدا لليوم العالمي لضحايا الحروب الكيماوية (29 أبريل) والذي يصادف هذه السنة الذكرى الخامسة والثمانين لقصف منطقة الريف (شمال المغرب) بالأسلحة الكيماوية من طرف جيوش الاحتلال الإسباني، والتي أودت آنذاك بحياة أزيد من خمسين ألف قتيل، وبسقوط الآلاف من الضحايا والمصابين، وإلحاق أضرار خطيرة ومستديمة بالبيئة، نظمت فعاليات حقوقية وجمعوية مساء يوم الجمعة الماضية وقفة احتجاجية أمام مقر القنصلية الإسبانية بتطوان. وفي هذا الصدد، أصدر مكتب فرع العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان بلاغا للرأي العام المحلي والجهوي والوطني، أكد من خلاله على ضرورة الكشف عن جميع تفاصيل الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسباني في منطقة الريف والتي تعد جرائم ضد الإنسانية ولا يطالها التقادم، وشدد البلاغ أيضا على ضرورة الكشف عن جميع وثائق الأرشيف العسكري الإسباني المتعلقة باستعمال الغازات السامة، كما طالب البلاغ الحكومة الإسبانية بتقديم الاعتذار الرسمي للمغرب جراء ما أقدمت عليه قواتها في شمال المغرب من انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان، وتعويض الضحايا وعائلاتهم ماديا ومعنويا وجبر الضرر الجماعي لسكان المنطقة الذين لا يزالوان يعانون من الآثار الجانبية لهذا القصف الهمجي بواسطة الأسلحة الكيماوية، حيث مازالت تسجل أمراض وأعراض خبيثة ناتجة عن استعمال تلك الغازات. وأوضحت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان من خلال نفس البلاغ أن إسبانيا لازالت تتهرب من مسؤولياتها في هذا الملف، علما أن كل الدلائل تثبت تورطها في استخدام أسلحة محرمة دوليا ضد سكان منطقة الريف وشمال المغرب. وهذه الحجج جاء بها العديد من المؤرخين المغاربة وحتى الإسبان، ولعل كتاب (العناق المميت) الذي صدر سنة 2002 يتضمن رسائل خطية تبادلها جنود وضباط في القوات الإسبانية آنذاك، يكشف عن تورط قوات الاحتلال في استعمال الغازات السامة. وفي ختام البلاغ جددت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان إدانتها الشديدة للجريمة النكراء التي اقترفتها القوات الإسبانية. ويذكر - وحسب المعطيات التاريخية المتداولة - أنه مباشرة بعد الانتصار الباهر لرجال المقاومة الريفية بزعامة عبد الكريم الخطابي خلال معركة أنوال الخالدة، قامت جيوش الاحتلال الإسباني بقيادة الجنرال «سلفستر» يوم 9 ماي 1925 بغارات جوية على مناطق شاسعة من منطقة الريف شمال المغرب، وخاصة التجمعات السكنية والأسواق، حيث استعملت خلالها مختلف الأسلحة الكيماوية والغازات السامة كالفوسيجين والخردل والكلوريل، والتي زودت بها من طرف دولة ألمانيا الفاشية ومن المعامل التي أنشأتها لهذا الغرض بمدريد ومليلية المحتلة. ويشار إلى أن العديد من التقارير والدراسات الطبية بالمغرب تشير إلى أن 60 في المائة من حالات الإصابة بداء السرطان ببلادنا سجلت في منطقة الريف، نظرا لاستمرار الآثار الجانبية للقصف الكيماوي الذي تعرضت له المنطقة من طرف جيوش الاحتلال الإسباني.