افتتح أخيرا برواق باب الكبير - الأوداية في الرباط معرض «فضاءات من ورق» للفنان التشكيلي سعيد المساري. ويشتغل المساري في لوحاته، التي يستمر عرضها إلى غاية 27 فبراير الجاري، على الورق بتقنية الحفر على شكل أحجام دائرية ومستطيلة ومربعة مستعينا باللون الأسود وألوان قريبة له. وتعتبر تجربة المساري، حسب الباحث والناقد ابراهيم الحيسن، من أبرز التجارب التشكيلية المغربية وربما العربية، ولا سيما في الجانب المرتبط بفن الغرافيك أو تحديدا فن النسخ الفني أو ما يسمى بالرشم. وأضاف الحيسن، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تجربة المساري تتميز بالاشتغال على الورق كسند أساسي في العملية الابداعية، معتبرا أن الجميل في هذه التجربة هو اعتمادها على السواد والألوان المماثلة كالبني، بالإضافة إلى تعزيز عمله بتخطيطات غرافيكية منفلتة هاربة. والجميل أيضا في لوحات المساري، يقول الناقد الحيسن، هو «تلك الآثار اللونية الناتجة عن الطبع والحفر»، خاصة أن هذا الفنان يعد من أكبر الحفارين البارزين على المستوى المغربي والعربي والأوروبي، وهو ما لا يدعو إلى الاستغراب علما أنه يقيم منذ سنوات طويلة في إسبانيا التي تعتبر تجربتها التشكيلية متقدة ومتطورة في فنون الطبع بشكل عام. ومن جهته قال مدير المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان عبد الكريم الوزاني، إن عمل سعيد المساري «يختلف عن عمل جميع الحفارين المعروفين»، معتبرا أن الجديد عند هذا الفنان هو تلك الروح الإبداعية التي تنبثق من لوحاته «المنفلتة والهاربة من التقليد» والتي تعكس عمل باحث عاشق للجديد. ويعتبر المساري، حسب الوزاني، مفخرة للمغرب في هذا المجال على اعتبار أنه مقيم في إسبانيا ويعمل في الآن ذاته على تجديد فن الحفر الذي تعتبر اسبانيا رائدته بامتياز. وتطرح لوحات المساري تساؤلات تقنية، خاصة أنه اشتغل على الورق كمادة مستعصية، واستطاع أن يروضه، حتى إن لوحاته تجعل المشاهد يعتقد أن الألوان نابعة من الورق. ويفسر سعيد المساري اشتغاله على الورق بكون (هذا الأخير يهاجم الفضاء وفي الآن ذاته يتأقلم معه). وقال المساري إن الأشكال التي اعتمدها كالدائرة ونصف الدائرة والمستطيل والمثلث مع الخروج عن القاعدة في العرض وتبني أشكال جديدة تكسر الإطار التقليدي، «تشكل ثورة» ، الأمر الذي يفسر مثلا نهله من أشكال حميمية في التراث المغربي ك(المرمة) التي تستعمل في «الطرز» التقليدي. وبخصوص ظهور الفراغات في أعماله، يوضح المساري، أنها تمثل جمالية خاصة، فالورقة، في رأيه، معبرة في حد ذاتها وهي بكر، فكيف لا تكون جميلة وهي حاملة لعمل فني؟. ويستند المساري في أعماله على بحوثه العلمية والفنية في مجال الأشكال، فمعرض « فضاءات من ورق»، شكل ثمرة عشر سنوات من البحث والاشتغال على الأشكال المستديرة والبحث المعمق في مدارس صينية وأوروبية ولاتينية وعربية.