إقالات مفاجئة و غريبة و تسريبات عن حالة سخط عارمة و مناوشات بقمة المؤسسة العسكرية في تجل جديد لهوان و تخبط أسس الدبلوماسية الجزائرية , أنهى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نهاية الأسبوع الماضي مهام سفير الجزائر لدى القاهرة حسن رابحي، الذي تسلّم مهامه قبل أقل من أسبوعين .
المثير للاستغراب و التأويلات التي تتحدث عن رجة عنيفة تهز منذ مدة أركان قصر الرئاسة بالمرادية ,أن قرار الاعفاء جاء بعد يوم واحد من تسليم السفير الجزائري أوراق اعتماده الى وزير الخارجية المصري قبل أن يطلب منه العودة فورا الى الجزائر دون معرفة دوافع هذا القرار المفاجئ الذي يهم مركزا دبلوماسيا حساسا في خريطة العالم العربي و منطقة الشرق الأوسط تداول عليه خمسة سفراء جزائريين منذ تسلم تبون مفاتيح الرئاسة.
قرار سحب سفير الجزائر بأرض الكنانة تزامن مع إعفاء الرئيس الجزائري لأقرب مساعديه بديوان الرئاسة، و يتعلق الأمر بمستشار الرئيس المكلف بالمديرية العامة للتشريفات محمد بوعكاز الذي قال بلاغ مقتضب للرئاسة الأربعاء الماضي أنه تم إنهاء مهامه لارتكابه أخطاءً جسيمة ومخالَفةِ لأخلاقيات المهنة .
قمة مسلسل التشويق حول حقيقة ما يقع بالمطبخ الداخلي لأعلى مركز للسلطة بالجزائر أسابيع قبل موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي , ستكتمل مع كشف موقع ساحل أنتلجنس الفرنسي الأربعاء الماضي , عن تعرض رئيس أركان الجيش الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة لمحاولة إغتيال فاشلة , نتيجة انفجار عبوة ناسفة تزامنا مع مرور موكب يقله , و تسبب الحادث في سلسلة من الاصطدامات نتج عنها مقتل ستة أشخاص .
الموقع الفرنسي أكد أن هذه المحاولة تفضح الانقسامات العميقة داخل قيادات الجيش الجزائري والأجهزة الأمنية و تعكس تشكيك فصائل بالجيش في جدوى القيادة المستبدة للجنرال شنقريحة وسيطرته المطلقة على البلاد , حيث شرع مجموعة من الضباط والجنود الذين كانوا موالين للنظام، في التعبير عن سخطهم وخلافهم، مما أثار مخاوف من احتمال حدوث انهيار وشيك داخل مؤسسة الجيش.
و كان تقرير صدر نهاية شهر ماي و أعده خبيران بمعهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط قد فسر خطوة تبون باستعجال موعد الانتخابات الرئاسية الى محاولة منه للرد على ما وصفه التقرير بالنزاع الداخلي العشائري الذي يشارك فيه الجيش (القوة السياسية الأقوى تقليدياً في البلاد) ويحاول إضعاف مراكز السلطة الأخرى.
و في نفس السياق تحدث تقرير صادر عن "ميناس أسوسييتس" الشركة البريطانية المتخصصة في التحليلات الاستراتيجية والسياسية "نشر نهاية العام الماضي عن ما وصفها بالخلافات بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تيون وبعض الأجنحة في المؤسسة العسكرية مما يشير في حينه لإمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية ويمثل أيضا تهديدا للمستقبل السياسي للرئيس في ظل مطامع متعلقة بالحكم ومع تصاعد الازمات الداخلية والخارجية التي يعيشها النظام الجزائري.
ذات المصدر كشف أمثلة من الضغوط المتزايدة التي يمارسها الجيش على الرئيس الحالي من أجل التنحي تزامنا مع وجود خلافات وجهود من قبل بعض القيادات العسكرية الكبرى للتخلي عن تبون في ظل إخفاقات سياسية ودبلوماسية عديدة رافقت عهدته الرئاسية المنتهية من بينها ملف الصحراء المغربية الذي حققت فيه الرباط انتصارات دبلوماسية كبرى وتوتر علاقة الجزائر بدول الساحل الافريقي وكذلك بعض الدول الأوروبية.
التقرير شدد على أن بعض أجنحة النظام لم تعد مهتمة بالرئيس الحالي الذي صعد في سنة 2019 بدعم من المؤسسة العسكرية لاحتواء غضب الحراك الشعبي الذي انهى حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة , فيما تشهد قمة المؤسسة العسكرية حاليا صراعات نفوذ و مصالح متضاربة للتوافق حول مرشح بديل لعبد المجيد تبون يقود المرحلة العصيبة التي تجتازها البلاد و التي قد تتحول في حالة عجز قصر المرادية عن ترويضها و ضبطها الى حرب استنزاف شرسة بين قيادات الجيش حسب درجة ولائهم لساكن قصر المرادية و تعصف برئيس الأركان بنفس الطريقة التي تم بها تحييد سلفه الجنرال قايد صالح و تفكيك تركته من خلال عمليات تطهير مسلحة أحيانا قادها شنقريحة و ضباطه لتصفية رموز و قيادات الجهاز الاستخباراتي العسكري المعنى بالشأن الأمني الداخلي و الخارجي للبلاد و المعروف اختصارا ب " DRS " المحسوبين على الجنرال الراحل قايد صالح و التعامل معهم بطريقة مهينة و مذلة و دموية .