ضياع 800 مليون متر مكعب في شهرين و91 في المائة من الآبار دون ترخيص، إجراءات استباقية وبرامج متعددة لتأمين الماء للوسطين القروي والحضري "لا للتبذير نعم للاستهلاك المسؤول". بهذه العبارة ختم وزير التجهيز والماء نزار بركة عرضه يوم الثلاثاء الماضي بمجلس المستشارين تفاعلا مع سؤال محوري حول تدبير الموارد المائية.
عبارة كانت ملخصة للإشكالية التي عالجها تفاعلا مع تساؤلات الفرق بالغرفة الثانية، حيث أبرزت المعطيات المقدمة من جهة مدى خطورة الوضع التي تضع المغرب تحت الضغط وفي فترة ندرة المياه، وتجسد من جهة ثانية حجم المجهودات والمنجزات المحققة منذ دجنبر الماضي في إطار الاستباقية.
وعلى الفور، وضع السيد نزار بركة الرأي العام الوطني في قلب المعضلة، معلنا أن المغرب يعيش ندرة مياه وقد تم بسبب ذلك دق ناقوس الخطر منذ مطلع السنة واتخاذ تدابير استباقية لمواجهتها، قائلا "نحن اليوم نعيش فترة ضغط كبير ومعاناة من المواطنين والمواطنات في عدة مناطق نتيجة قلة الماء وانقطاعات اضطرارية، فضلا عن تداعيات الجفاف على المياه الجوفية، وارتفاع نسبة الملوحة مما يضطر الفلاحين إلى التخلي عن أراضيهم".
الأسباب عزاها الى عدة أمور، منها التبخر والاستهلاك المفرط للماء والتبذير، وتراجع التساقطات هذه السنة مسجلة عجزا ب50 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، أما كميات الثلوج التي تغطي عادة مساحة 45 ألف كلم مربع، فقد سجلت هذه السنة 5 آلاف كلم مربع فقط متراجعة ب89 في المائة. أما أيام الثلوج التي تدوم عادة أزيد من 41 يوم في السنة فقد امتدت 14 يوما فقط، مما يعكس الآثار على المخزون المائي. وبذلك انكمشت واردات الماء ب85 في المائة، مسجلة مليار و38 مليون متر مكعب.
أرقام مقلقة كذلك تمثلت في نسبة تغطية السدود التي لا تتجاوز 9.7 في المائة مقارنة مع 46.5 في المائة السنة الماضية، إذ تبلغ حاليا 4 مليار و780 مليون متر مكعب، علما انها بلغت أواخر أبريل الماضي 5 ملايير و600 مليون متر مكعب، بمعنى ضياع 800 مليون مكعب خلال شهرين بسبب التبخر المرتفع، وكذا استعمال الماء الشروب والسقي، حسب قوله، ليكشف بعد ذلك أن انخفاض المياه الجوفية يعرف وتيرة ضاغطة في سوس وسايس والحوز وتادلة والبحيرة، وتسجيل ضياع كبير في بعض القنوات بمعدل 40 في المائة بسبب التسرب.
وبعدما لفت إلى أن استراتيجية 2009 حددت كهدف مواجهة سنتين متتاليتين من الجفاف، فبحكم الاستغلال المفرط للمياه الجوفية واستنادا للإحصاءات فإن 91 في المائة من الآبار غير مرخصة مما يُصعب معرفة كيفية استغلالها وصعوبة مواجهة الجفاف.
وبالنسبة للجهود المبذولة فقد تحدث وزير التجهيز والماء عن وضع برنامج استعجالي في دجنبر بشراكة مع الجهات لمواجهة الأضرار بالأحواض المائية، مستعرضا تفاصيل الاتفاقيات والمنجزات منذ ذلك الوقت.
فبخصوص حوض ملوية تطرق إلى جملة من التدابير منها أثقاب بسعة 150 لتر في الثانية لتزويد وجدة والناضور وتاوريرت وكرسيف وبركان والدريوش والسعيدية وراس الماء وزايو، موازاة مع دراسة ستنطلق بخصوص تحلية المياه في الناضور. وبرمجة 11 سدا تليا في الجهة إلى نهاية 2024.
أما حوض أم الربيع، فقد تحدث عن إنجاز قناة ربط شبكة مياه شمال الدارالبيضاء بشبكة جنوبالمدينة لتفادي الضغط على سد المسيرة الذي يزود مدن الجديدةومراكش وآسفي وسطات وبرشيد، علما أن نسبة ملئه تغطي 5 في المائة فقط، فضلا عن منصات الضخ وبرنامج تحلية المياه لفائدة الدارالبيضاء.
وفتح بعد ذلك ملف ما وصفه "بظاهرة خطيرة في أم الربيع" تتمثل في سرقة مليون متر مكعب من المياه في اليوم أي 300 مليون متر مكعب في السنة وهو ما تحتاجه الدارالبيضاء.
الجهود بالنسبة لحوض تانسيفت انصبت حول المياه الجوفية والأثقاب الاستكشافية ورصد 60 مليون متر مكعب من خلال ربط سدود بين الويدان والحنصالي والمسيرة لتخفيف أثر الجفاف في مراكش.
وعن جهة درعة تافيلالت فقد تحدث عن منصات متنقلة بسعة 200 لتر للثانية في شتنبر المقبل، موازاة مع برنامج استعجالي خاص بالعالم القروي ومحطات متنقلة لتحلية المياه تصل 26 محطة لأجل 17 إقليما، و15 محطة لإزالة المعادن من المياه الأجاجة لفائدة 9 أقاليم ومناطق قروية، و706 شاحنة صهريجية لتزويد الدواوير بالماء الشروب، إضافة إلى تشكيل لجنة التتبع اليومي واليقظة برئاسة رئيس الحكومة، ورصد أماكن المشاكل والتأكد من وصول الماء.
وبعدما أكد نزار بركة أن أزمة الماء عالمية تعصف بعدد من الدول على غرار فرنسا، إسبانيا، إيطاليا والبرتغال والشيلي ما يولد طلبا كبيرا على تجهيزات الماء وخاصة المحطات المتنقلة لتحلية المياه، تناول المشاريع المهيكلة من خلال 16 سدا كبيرا في طور الإنجاز بسعة 4 ملايير متر مكعب، وبلوغ تعبئة 24 مليار متر مكعب، وعُقد الفرشة في المناطق الأكثر تضررا كبودنيب وبرشيد، واعتماد برنامج خاص لتقليص التوحل وعدم ضياع الماء في البحر ونقله للمناطق المتضررة.
وقال موضحا بعد هذه التدابير "إذا أردنا تجاوز إشكالية الماء الشروب الذي يتطلب مليار متر مكعب، فعلينا التحصل على 50 في المائة من تحلية مياه البحر، والاقتصاد في الماء والنجاعة المائية بانخراط المواطن والإدارة والسياحة والصناعة والتعليم والجماعات والغرف، والربط بين الأحواض المائية، ورفع نسبة السقي بالتنقيط وتوسيع مشاريع تحلية المياه ضروري ولكن وفق ما يكشفه التحليل الاقتصادي من آليات ناجعة وإقرار تضامن بين الجبال والمناطق الساحلية، واستعمال الطاقة النظيفة وتطوير قدرات المقاولات الوطنية وتقليص التبعية، ورفع معدل السقي بالتنقيط لبلوغ مليون هكتار، وإدماج البعد المائي في التصورات المستقبلية الخاصة بالمدن، وإدراج النجاعة المائية في مشاريع المناطق الصناعية الخضراء".
ولفت في الختام إلى إصدار دورية لوزارة الداخلية بعدم استعمال الماء الشروب في الفلاحة واستعمال النباتات غير المستهلكة للماء، وتوقيع اتفاقية مع النيابة العامة لإيلاء أهمية أكبر للمحاضر التي تنجزها شرطة المياه.