قال نزار بركة، وزير التجهيز والماء، إن المغرب دخل مرحلة تتميز بمحدودية الثروة المائية تستوجب تدبير عقلاني لمواره المائية. وكشف بركة في رده على تساؤلات المستشارين البرلمانيين، أمس الثلاثاء، خلال الجلسة العمومية الأسبوعية للأسئلة الشفوية بالغرفة الثانية، حول وضعية الماء بالمغرب، أن المغرب سيفقد في أفق 2050 ما بين 30 و50 في المائة من موارده المائية، مؤكدا أن المغرب سيعاني في السنوات المقبلة شح المياه. وأكد الوزير أن المغرب يعيش محطة دقيقة، تتميز بإشكالية كبرى تهم ندرة المياه، فضلا عن كون التساقطات المطرية تعرف تباينا كبيرا خلال السنوات الأخيرة حيث تراجعت هذه السنة بنسبة 33 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، وبنسبة 79 في المائة مقارنة مع سنة متوسطة. وشدد المسؤول الحكومي على ضرورة وضع خطة استباقية واتخاذ تدابير استعجالية لمواجهة ندرة المياه، مؤكدا أن الحكومة الحالية عقدت عدة اجتماعات شارك فيها كل من وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الفلاحة ووزارة التجهيز والماء، وكذا وزارة النجاعة الطاقية، ومكتب الماء والكهرباء والأحواض المائية، من أجل وضع استراتيجية، استباقية، كما عمدت على تفعيل لجان اليقظة من أجل اتخاذ القرارات الضرورية لمواجهة ندرة المياه عبر التتبع اليومي للتطورات الموجودة. وأعلن بركة، «اليوم هناك قناعة بأن الإمكانية الوحيدة التي نملك لمواجهة التطورات المستقبلية هي التركيز على تحلية مياه البحر»، مبرزا أنه في فترة الجفاف القوي الذي عاشه المغرب في الثمانينات حصل استغلال مفرط للفرشة المائية. وقال الوزير إنه «إذا قدر لله ومر المغرب من سنتين جافتين سنجد صعوبة كبيرة في تزويد مدن المملكة بالماء الشروب، خاصة في المناطق المتضررة أكثر من الجفاف، مؤكدا أن الاتجاه الذي يسير فيه المغرب كذلك من أجل الاقتصاد في الماء، هو إعادة استعمال المياه العادمة خاصة في سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف، مفيدا في الصدد نفسه، أن هذا الأمر مطبق في مدينتي الرباط ومراكش وسيتم تعميمه على باقي المدن المغربية. وأعلن بركة أن الحكومة شرعت في البحث عن موارد إضافية خاصة الموارد الجوفية، وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع الحالية، مذكرا أن المغرب يتوفر على 149 سدا كبيرا وهو ما يمكنه من تعبئة نسبة مهمة من الماء تصل إلى 19 مليار متر مكعب. وأضاف الوزير أن المغرب يتوفر أيضا على تسع محطات لتحلية مياه البحر بما يسمح بتعبئة 147 مليون متر مكعب من الماء في السنة، إضافة إلى مشاريع إعادة استعمال المياه العادمة بسعة تبلغ 700 مليون متر مكعب، مؤكدا أن الدولة بذلت مجهودا كبيرا كي يستفيد جميع المواطنين من هذه المشاريع، حيث يتوقع أن تصل نسبة الاستفادة من الماء الشروب في الوسط الحضري، إلى 100 في المائة، وفي العالم القروي إلى 97 في المائة، «لكن يبقى أن معدل تغطية سكان العالم القروي بالماء الشروب مباشرة في المنازل أقل بكثير» يوضح الوزير. وأوضح أن «نسبة الربط بالتطهير السائل في العالم الحضري تصل إلى 75 في المائة، لكن في المقابل لا تتجاوز هذه النسبة في العالم القروي حاجز 10 في المائة». وشدد بركة، من جهة أخرى، على أن «مجهودا كبيرا بذل في ما يخص الاقتصاد في الماء بالمجال الفلاحي، لأن 85 في المائة من المياه المستعملة في المغرب تستخدم في المجال الفلاحي، لهذا قدمت الدولة دعما كبيرا للفلاحين من أجل التحول إلى استخدام تقنية التنقيط في الري»، مضيفا أن 700 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية انتقلت من السقي الانجذابي إلى الرش. وأبرز بركة أنه «بالرغم من أهمية هذه المكتسبات، فإن المغرب يعاني خصاصا كبيرا في الماء وتحديات كبيرة ستواجهها بلادنا في المحطات المقبلة، خاصة في ظل الضغط القوي الذي سيكون في المستقبل على الإمكانيات المائية، لا سيما مع التوسع العمراني والتطور الديمغرافي، والتقدم الاقتصادي وزيادة الطلب على الماء»، داعيا إلى «ضرورة مراجعة السياسات المطبقة حتى يأخذ بعين الاعتبار هذا الضغط الموجود على الماء، الذي عجل بإطلاق برنامج 2020/2027 الخاص بالتزويد بالماء الصالح للشرب وبالسقي». واعتبر بركة أن هذا البرنامج الاستدراكي يهدف أساسا إلى تحسين تعبئة الإمكانيات المائية من خلال السدود، وتحقيق النجاعة المائية، والتركيز على تحلية مياه البحر، وذلك بميزانية تصل إلى 115 مليار درهم، مبرزا أن الحكومة برمجت 120 سدا تليا في الثلاث سنوات المقبلة، وإعطاء الانطلاقة لمشروع مهم جدا هو تحلية المياه بالنسبة لمدينة الدارالبيضاء الكبرى، والذي يهم 300 مليون متر مكعب، وسينفذ بشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى مشروع مماثل في آسفي.