تفيد الدراسات المنجزة خلال السنوات الأخيرة أن ضعف حركية القطاع الخاص يمثل أحد المشاكل الكبرى التي تواجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، ذلك أن هذا القطاع مازال دون مستوى التطلعات بالمقارنة مع الدور الذي يلعبه القطاع العام، بالرغم من التشجيعات والتحفيزات التي استفاد منها خلال العقود الماضية، إلا أن الفاعلين في القطاع الخاص يشيرون إلى مجموعة من العوامل التي تحد من نجاعة المجهود الذي يبذلونه من أجل إحداث المقاولات وتوفير فرص الشغل وتحقيق الثروة والغنى داخل المجتمع. ويؤكد الدكتور محمد حركات أستاذ الاقتصاد والمالية أن المغرب في حاجة ماسة إلى قطاع خاص مهيكل، قوي ومنتج من أجل التصدي لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ومواجهة التحديات المستقبلية المرتبطة باحتدام المنافسة واعتماد معايير الحكامة والشفافية في تدبير الشأن الاقتصادي. ويوضح حركات في تصريح للعلم أن القطاع الخاص هو المحرك الأساس لقطاع التنمية، إلا أنه في بلادنا يعاني من الهشاشة ومازالت تنقصه روح المغامرة التي هي سر نجاح الاقتصادات المتقدمة، مضيفا أن الدولة في حاجة إلى تعميق الإصلاحات ذات الطابع الاقتصادي والتجاري، حيث إن الحكومة مطالبة باتخاذ إجراءات وتدابير أكثر جرأة بخصوص تنظيم الأنشطة الاقتصادية وإحداث المقاولات الجديدة ومعالجة المنازعات في مجال الأعمال. ويبرز تقرير للبنك العالمي حول القطاع الخاص بمنطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، أن هذه الأخيرة لم تعرف حتى الآن حدوث تحول هيكلي في اقتصادات بلدانها ومن ضمنها المغرب، حيث لم تستطع الانتقال إلى مرحلة الاقتصادات الناشئة، مثل ما تحقق في الصين وماليزيا وكوريا الجنوبية. ويتحدث تقرير البنك العالمي عن عدد من الإكراهات تعوق تطور القطاع الخاص، وفي مقدمتها كلفة التحويل والنظام الضريبي وكلفة العقار والطاقة التي تعتبر من الصعوبات الكبرى التي تواجه المقاولات الخاصة المغربية، دون إغفال انتشار مظاهر الرشوة والمنافسة غير الشريفة التي يفرضها القطاع غير المنظم ويؤكد التقرير أن القطاع الخاص المغربي يشتكي بالدرجة الأولى من صعوبة الولوج إلى القروض من أجل تمويل الأنشطة الاقتصادية بالإضافة إلى المشكل الضريبي. وتعتبر المقاولات الصغرى أكبر متضرر من هذا الوضع، حيث غالبا ما تنظر إليها الأبناك بعين الريبة. ويظهر من المعطيات التي يقدمها التقرير أن صعوبة الحصول على العقار عقبة تواجه القطاع الخاص المغربي حيث إن انتشار المضاربات في المجال العقاري يؤثر بشكل حقيقي على مناخ الأعمال، كما أن استمرار مظاهر البروقراطية والتعقيدات الإدارية يضاعف من معاناة رجال الأعمال الذين قد ينتظرون أكثر من ثلاثة أشهر قبل الحصول على رخصة لبناء مشاريعهم.