يتفق الخبراء على أن احتمال تسلل الفيروس إلى بلادنا وارد في أي وقت وأن اليقظة الجماعية ضرورية.. بعدَ أزيدَ من 48 ساعةِ ترقب، زفّت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية للمغاربة صباحَ يومه الأربعاء 25 ماي، بشرى سَلبيةِ النتائج المخبرية للحالات الثلاث المشتبه في إصابتها بفيروس جدري القردة، ما يعني ألاّ وجودَ في المغرب لهذا الفيروس المنتشر في اثني عشر بلداً. وكشف بلاغ صادر عن الوزارة، أن التحليلات جرت بمختبر المستشفى العسكري ابن سينا بمراكش، وأن الحالات المشتبه في إصابتها توجد بصحة جيدة وتحت الرعاية الصحية والمراقبة الطبية، حيث يتم التكفل بها وفقا للإجراءات الصحية المعتمدة. تأكيدُ المعطيات الوبائية المسجلة في بلادنا حالياً، عدمَ تسجيل أي حالة إصابة مؤكدة بمرض جدري القردة، يرى فيه البروفيسور مولاي المصطفى الناجي، مدير مختبر علوم الفيروسات في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بشرى وكذا تنبيهاً للمغاربة، مفسرا ذلك في تصريح ل"العلم"، بأنّ المنظومة الصحية يقظة، وأن الحدود الدولية مفتوحة، والفيروس منتشر في اثني عشر بلدا عبر العالم، ما يعني احتمالية وصوله إلى المغرب في أي لحظة. واستبعد عضو اللجنة العلمية لتدبير جائحة كورونا، أنْ يلجأ المغرب إلى الإغلاق الكلي، لأنّ ثمنه كان باهظا، ولأن سلطة اتخاذ القرار تقوم بالواجب في الوقت المناسب، ومن ذلك المراقبة وعزل الأشخاص المشتبه في إصابتهم. ورغم أن مرض جدري القردة ليس بحدّة مرضَ كوفيد-19 نفسها، وفقَ الناجي، فإنّ الحذر واجب من انتشاره، لأنّ مضاعفاته تبقى مدى الحياة، من قبيل بعضِ التشوهات. وبشأن ما يتم تداوله من كون فيروس جدري القردة خاصا بالمثليين، قال البروفيسور إن هذه شائعة لا أساس لها من الصحة، لأن الفيروس المسبب للمرض ينتقل من الحيوانات إلى البشر منذ أكثر من خمسين سنة، وقد ظهر قبل ذلك سنة 1800 لدى البشر في أفريقيا، وبعدها سنة 1958 تم تسجيله لدى قردة خاضعة لتجارب، وسنة 1970 ظهر لدى البشر مرة أخرى في الكونغو الديمقراطية. وفي جوابه عن السؤال المحير الآن، وهو سبب/ أسباب انتشار هذا الفيروس في هذا التوقيت تحديداً خارج القارة السمراء، اعتبر الخبير ذاتُه، أن ازدهار التجارة في الحيوانات، وعيش الأليفةِ منها مع الناس، وتغير السلوك البشري، ساهمت في ظهور هذا الوباء بالبلدان المذكورة أخيرا. بدوره، قال الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، إن هناك مجموعة من النقط يجب أخذها بعين الاعتبار في هذا السياق، أولُها عدمُ وجود أي حالة إيجابية للإصابة بفيروس جدري القردة في بلادنا حتى الآن، ثانيها ألا يدخلنا هذا في مرحلة من الاطمئنان الزائف، وإنما أن تستمر يقظة المواطنين. وبين حمضي، أن الإجراءات التي تتخذها الحكومات ضد الفيروسات تتمثل في تأخير دخولها، وتهييء المنظومة الصحية والمواطنين لمواجهتها، موضحاً في تصريح ل"العلم"، أن مراقبة الحدود ليست كافية لحماية المغرب من هذا الفيروس، وأن على الجميع المشاركة في اليقظة الجماعية. وبالنسبة للمدة الفاصلة بين الإصابة بالفيروس وظهور أعراض المرض على المصاب، يمكن أن تذهب من 5 إلى 21 يوما. بينما الإصابة بالعدوى تبقى أضعف من كورونا بكثير، والنظافة العادية كفيلة بالحماية. وكانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تفاعلت بسرعة مع ظهور هذا المرض خارج الحدود، من خلال وضع منظومة للرصد الوبائي والمراقبة للحالات المشتبه فيها، وذلك بإجراء التحاليل المخبرية الخاصة به في كل من المعهد الوطني للصحة والمختبرات العسكرية، وتكوين الأطر الصحية وإخبارها بالمرض، وتعبئة مصالح مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض.