تآكل المخزون و تأثيرات الجفاف وارتفاع الأسعار في السوق العالمية تعرف أسعار الحبوب في الأسواق العالمية تقلبات كبيرة طيلة الفترة الماضية بسبب تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا. واتجهت هذه التقلبات نحو الرفع من قيمة و أسعار هذه المادة الاستهلاكية الأساسية، إذ وصلت إلى مستويات قياسية كانت لها تأثيرات مباشرة على القدرة الشرائية في مختلف دول العالم.
الرأي العام الدولي يراقب هذه التقلبات باهتمام و انشغال كبيرين و عميقين ، خصوصا و أن استمرار الحرب بين الجارين العدوين تؤشر على مواصلة ارتفاع أسعار هذه المادة ، و السبب واضح و يتمثل في العواقب التي أرخت بظلالها على الكميات المنتجة من هذه المادة و على سلاسل الانتاج و التسويق في العالم.
ومن الطبيعي أن يجد المغرب نفسه في صلب معركة ضمان الأمن الغذائي من هذه المادة الرئيسية بالنسبة لفئات عريضة من المواطنين .و إذا كانت مصادر حكومية أكدت منذ أسابيع خلت أن بلادنا تتوفر على مخزون لمدة خمسة أشهر من الحبوب ، فإن استمرار الحرب سيساهم لا محالة في تآكل هذا المخزون ،و تراجع كمياته بسبب ارتفاع معدلات الاستهلاك الداخلي من الحبوب ،و صعوبة الحصول على مصادر بديلة لروسيا و أوكرانيا، اللذين يعتبران من الدول الأكثر إنتاجا للحبوب و الأكثر تصديرا لها.و تكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أن روسيا و أوكرانيا صدرتا خلال سنة 2021 إلى مختلف دول العالم 53 مليون طن من القمح و 11.5 مليون طن من الشعير و 28.7 مليون طن من الذرة.
آخر المستجدات في هذه القضية التي سيزيدها استمرار الحرب تعقيدا و استفحالا و خطورة، تتمثل فيما جاء به تقرير لوكالة (بلومبرغ) من أن أسعار القمح في الأسواق العالمية، ستواصل الارتفاع بسبب اتجاه كثير من الدول المنتجة والمصدرة له، وفي مقدمتها الهند، إلى فرض قيود جديدة على صادراتها من هذه المادة. والهند تعتبر ثامن أكبر دولة مصدرة للقمح في العالم. وذكر تقرير الوكالة أن العقود الآجلة للقمح في شيكاغو التي ستسلم الشهر المقبل قفزت قبل أيام قليلة بنسبة 4.2 بالمائة، وتم تداول العقود عند 10.912 دولار البوشل الواحد (البوشل وحدة معتمدة لقياس الحبوب و يساوي 27.2 كيلوجرام) و هي أكبر نسبة زيادة عرفها سعر الحبوب منذ بداية الحرب.
يضاف إلى متاعب المغرب في هذا الشأن ضعف المحصول من الحبوب من الموسم الفلاحي الحالي بسبب الجفاف الحاد الذي عرفته بلادنا هذه السنة، إذ من المرتقب أن تعرف بلادنا انخفاضا في انتاج الحبوب بنسبة تتجاور 70 بالمائة مقارنة مع السنة الفارطة، و هذا ما سيفرض و سيحتم زيادة كبيرة في كميات الحبوب المستوردة من الخارج.