لم تبق إلا ساعات معدودة على استحقاق انتخابي هام لن أكون مبالغا في وصفه ب"الحاسم" لبناء مغرب جديد ومُتجدد،مغرب يستشرف المستقبل،و يتجاوز مختلف التحديات سواء الداخلية أو الخارجية،و يخرج من عنق زجاجة الأزمات الخانقة،التي أوقعتنا فيها الحكومتان المتعاقبتان،نتيجة سياسات عقيمة ومتجاوزة تغيب عنها روح الاستباقية و الابداع في الحلول، بدل الهجمة الشرسةعلى جيب المواطن ومدخوله البسيط، إن كان له أصلا أي مدخول في خضم الأرقام المخيفة لأعداد العاطلين. لن تكفينا لا الكتب ولا المجلدات لسرد كل الاخفاقات الحكومية وأغلبيتها وسنواتها العجاف،ليبقى عنوانها البارز هو "الفشل ثم الفشل ثم الفشل" حتى بات المواطن المغربي المغلوب على أمره يشعر بفقدان الثقة في العمل السياسي و مؤسساته المنتخبة،والخوف على مستقبله ومستقبل أبنائه،لكن ما العمل أمام هذا الوضع ؟هل نستسلم للأمر الواقع ونترك الطريق سالكة بممارسات بائدة لنفس الألوان السياسية لتتحمل من جديد المسؤولية ؟ هل نختار الحل الأسهل بمقاطعة هذه الانتخابات بمنطق "كلشي فاسد " كما يطالب بذلك بعض الأشخاص؟
الجواب بالطبع،هو "لا" كون بلادنا في حاجة،كما دعا إلى ذلك جلالة الملك محمد السادس في الكثير من المناسبات،إلى نخب و كفاءات و أطر تغني المشهد السياسي،ومنتخبين نزهاء و صادقين في القول والفعل،وبصفحة ناصعة البياض، يعملون على خدمة المواطن ويجعلونه هدفا رئيسيا لكل السياسات العمومية والقوانين،ويغلبون المصلحة العامة على الخاصة،فلا الوضع الداخلي ولا الخارجي يتحمل أن نعود بعد 8 شتنبر بنفس الوجوه و العقليات المتجاوزة،ولا المواطن المغربي سيرضى بمجالس منتخبة ولا حكومة ضعيفة و غير منسجمة و لا قادرة على تحريك المياه الراكدة،والعمل على معالجة مختلف الاشكاليات و الارهاصات بعدما كشفت لنا آثار أزمة "كورونا" عن حجم الخصاص والمشاكل الهيكلية و بأننا لسنا "أجمل بلد في العالم" كما كان يصور لنا.
الأكيد أنه لا مجال لنا سوى التمسك بجرعة أمل أخرى من أجل مغرب المستقبل،قادر على تجاوز مختلف التحديات و الاشكاليات، مع وجود نخبة من السياسيين الذين دخلوا معترك هذه الحملة الانتخابية بخطاب جديد ومتفائل،سندهم في ذلك برنامج انتخابي واعد وقابل للتحقيق،وسيرة ذاتية حافلة بالنجاحات في مختلف المهام التي أنيطت بها،وفي مقدمتهم رجل يصفه البعض "بالقوة الهادئة" و رجل المرحلة والمستقبل بامتياز،ألا وهو الدكتور نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال،الذي يخوض الاستحقاق الانتخابي من مسقط رأسه وبين أبناء عمومته بإقليم العرائش،والذي يرى فيه الكثيرون بتجربته السياسية الناجحة،و بقدراته العلمية و خصاله العالية،وتمكنه الكبير من سبل التواصل و الإقناع بالحجة والدليل،رئيسا لحكومة المغرب القادمة.
"نعم"أقولها،وبرأس مرفوع،حزب الاستقلال يستحق ترؤس الحكومة المقبلة،حزب حرص طيلة السنوات الماضية على رفض كل الاجراءات الحكومية التي كانت تستهدف المواطنين المغاربة،وفي مقدمتهم الطبقة المتوسطة التي تعد أساس وعماد أي مجتمع،حزب رفض وواجه كل القرارات و القوانين اللاشعبية سواء عبر برلمانييه أو القيام بتوجيه العشرات من المذكرات إلى الحكومة التي حملت بين طياتها تشريحا دقيقا للأوضاع و الحلول الممكنة، انطلاقا من معارضة وطنية تجعل الوطن فوق أي اعتبار،و بعيدا عن منطق الحسابات السياسية الضيقة.
حزب الاستقلال هو الأمل و المستقبل،لأنه لم يقم بصياغة برنامج انتخابي عابر أو اعتماد مكاتب للدراسات كما فعل البعض،ولا صرف الملايير على حملات انتخابية وتجمعات باذخة لاستعراض العضلات فقط،،بل اعتمد على أطره و كفاءاته،ودراسات ميدانية وعميقة دامت لشهور عديدة،ولقاءات مباشرة و غير مباشرة مع المواطنين والمواطنات للاستماع لمطالبهم الأساسية،برنامج بخطوط عريضة متعددة قابلة للتنفيذ، و آفاق واعدة ستضع دون أدنى شك المغرب على سكة التغيير و التنمية المنشودة،اختار له بذكاء كبير شعار "الانصاف الآن" و الذي يحمل بين طياته أبعادا كبيرة،وينهل من ركائز إديولوجيته التعادلية الاجتماعية و الاقتصادية،وفي مقدمتها اقرار عدالة مجالية و اجتماعية،تسعى إلى استفادة كافة أرجاء الوطن من الأوراش والبرامج التنموية والسياسات العمومية بسواسية،وتوزع فيها خيرات الوطن بشكل متوازن و عادل بين جميع المغاربة.
وإذا كان المجال لا يسمح باستعراض النقاط والاجراءات التي يعد بها حزب "الميزان" في هذه الاستحقاقات الانتخابية،والتي رتبها في شكل تعاقدات مع مختلف الفئات المجتمعية،إلا أن الأكيد هو أننا أمام فرصة ذهبية للقطع مع زمن اليأس و النكسات و الضربات الموجعة التي تلقاها المغاربة،وخاصة من ذوي الدخل المحدود أو الطبقة المتوسطة،وحان الوقت للتعبئة الجماعية،والتوجه بكثافة يوم غد الأربعاء من أجل أداء واجب وطني ودستوري،فلا ينتقص أحد من أهمية صوته،وكما يقال " بنقطة نقطة كيحمل الواد" فصوت كل فرد مهم لصنع التغيير على مستوى المجالس الترابية أو مجلس النواب،وهو تغيير لن نبلغه إذا لم نحسن الاختيار بين المرشحين والبرامج الانتخابية،فمن لا يمارس السياسة تمارس عليه،ومن لا يصوت في الانتخابات لاحق له بتاتا مستقبلا في الإنتقاد وهو على كراسي المقاهي و الدروب و الأزقة وصفحات العالم الافتراضي،انتقاد لا يغني ولا يفيد في شيء.