يوميات حملة انتخابية :اليوم الثالث اليوم الثالث من الحملة الانتخابية لاستحقاقات 25 نونبر المقبل كان يوم خاصا بالعدالة والتنمية، فلقد استطاع هذا الحزب أن يجند المئات من أنصاره الذين أتوا من مختلف أنحاء إقليمتطوان وعمالة المضيق الفنيدق، الذين حجوا لملأ قاعة أبينيدا، ليشاهدوا تقديم مرشحيهم للبرلمان، ويشنفوا أسماعهم بالكلمات الرنانة لزعيم حزبهم ذ. عبد الإله بنكيران. المهرجان الخطابي والبرنامج الانتخابي لم يخرج عما هو مألوف خلال الحملات الانتخابية الخاصة بحزب العدالة والتنمية، فالشعار الرئيسي هو "محاربة الفساد والاستبداد". وبداية هذه المحاربة هي الدعوة إلى عدم التصويت على الذين راكموا الثروات نتيجة تسييرهم لإحدى المؤسسات العمومية، أو أولئك الذين يتملصون من أداء الضرائب لفائدة خزينة الدولة. بطبيعة الحال لم يكن الجو مهيأ لاستعراض البرنامج الانتخابي لحزب المصباح بكامل تفاصيله، وبالتالي تم التركيز على الجوانب الاجتماعية من قبيل الرفع من الحد الأدنى للأجور والتعويض عن البطالة... مع استعراض الفشل الذي تعرفه مجموعة من القطاعات الحيوية من قبيل التعليم والصحة والشغل... هذا هو المسار الذي اتخذته كلمة الأمين العام للحزب، الذي بدأ من الآن يضع عينيه على رئاسة الحكومة، التي أعلن أنه – في حالة فوز بأغلبية المقاعد – سيمارس اختصاصاتها كاملة، وفق ما هو منصوص عليها في الدستور الجديد، داعيا في هذا الصدد من وصفهم بالمتسلطين والوسطاء بالابتعاد عن مراكز صنع القرار، حيث أن بقاءهم سيؤدي بالمغرب إلى مخاطر غير محدودة العواقب. بنكيران لم يعد المغاربة بأنه سيحول المغرب إلى جنة ، ولكنه بالمقابل وعدهم بأن حزبه، لن يكون ضد ممارسة الحريات الشخصية التي يحرمها الدين، من قبيل شرب الخمر وأشياء أخرى...، شريطة أن تتم هذه العملية بعيدة عن أعين الناس. ولم يفوت بنكيران هذه الفرصة لينتقد مجددا خصومه السياسيين، وعلى رأسهم حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أراد أن ينفرد بحكم المغرب، ولكن الحراك الشعبي أرجعه إلى حجمه الطبيعي، وأصبح "الجرار يحتمي بالحمامة"، لينتقل إلى انتقاد "الأحرار" الذي طالب رئيسهم بالتريث، وأن لا يلهث وراء رئاسة الحكومة، لأنها بعيدة المنال عنه، لاسيما وأن الجميع يعرف الطريقة التي تم بها تنصيبه رئيسا لهذا الحزب، بعد انقلاب استعملت فيه أساليب غير مشروعة للإطاحة بمصطفى المنصوري، لا لشيء سوى أن هذا الأخير رفض الانصياع للتعليمات أكثر من اللازم. بنكيران أعطى في معرض حديثه إشارتين قويتين؛ الأولى تخص وكيل لائحة المصباح بإقليمتطوان الذي وصفه بالرجل الذي يمتلك سمات "رجل الدولة" والإشارة الثانية كانت إعلان التقاعد السياسي للبرلماني المنقضية ولايته ذ. الأمين بوخبزة، الذي تمنى له التوفيق في مشواره الجديد بعيدا عن مشاكل السياسة، وهو ما يبدو أن الأخير قد بدأ تطبيقه بالفعل، حيث تخلف عن حضور هذا اللقاء، كما روي عنه حديث لا ندري ما مدى صحته، بأنه أجاب أحد أصفيائه الذي سأله إن كان سيقوم بالحملة الانتخابية لفائدة الحزب بالحديث النبوي الشريف "لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين". هذا اللقاء حضره مستشارو حزب الاتحاد الاشتراكي، في إشارة إلى متانة التحالف ما بين الحزبين، وفي نفس الوقت قام المستشارون التسعة المنشقون عن "الأحرار" في مقدمتهم المستشار محمد الحسيوتي، بزيارة مجاملة لم تتعد 15 دقيقة، مؤكدين بذلك عدم حسمهم النهائي فيما يخص الجهة التي سيساندونها خلال هذه الانتخابات. بعيدا عن العدالة والتنمية، بدأت تحركات المحسوبين على حزب "الحمامة" من أجل الاتصال ببعض الأشخاص المؤثرين بعدد من الأحياء الشعبية، ولا سيما حي جامع مزواق الذي تكلف به المستشار سعيد الإدغيري، والمدينة العتيقة التي تكلف بها الأخوان عبد السلام وحميد الدامون. إلى جانب ذلك تمت اتصالات من أجل استقطاب أصوات العاملين بالمنطقة الصناعية. كما لوحظ في نفس السياق عودة كل من الدكتور محمد مراحة وزوجته المستشارة آسية بوزكري إلى المقر المركزي للحملة بعد غيابهما خلال الأيام الأخيرة، احتجاجا على إقصاء هذه الأخيرة من المراكز المتقدمة للائحة الوطنية التي فازت بها منافستها سميرة القاسمي. بغض النظر عن هذه التحركات، استمرت الأجواء الانتخابية في غاية البرودة، ولكن من المنتظر أن ترتفع درجة الحرارة خلال الأيام المقبلة، لا سيما بعد تدشين العدالة والتنمية لأول تجمع خطابي، والذي ستتلوه تجمعات أخرى، ولا سيما من طرف الأحزاب التقليدية. سليمان الخشين .