الحزب الحاكم في البرازيل: المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تنسيقية الصحافة الرياضية تدين التجاوزات وتلوّح بالتصعيد        وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    جوائز الكاف: المغرب حاضر بقوة في الترشيحات لفئات السيدات        عجلة البطولة الاحترافية تعود للدوران بدابة من غد الجمعة بعد توقف دام لأكثر من 10 أيام    "ديربي الشمال"... مباراة المتناقضات بين طنجة الباحث عن مواصلة النتائج الإيجابية وتطوان الطامح لاستعادة التوازن    الجديدة: توقيف 18 مرشحا للهجرة السرية    السلطات المحلية تداهم أوكار "الشيشا" في أكادير    مشاريع كبرى بالأقاليم الجنوبية لتأمين مياه الشرب والسقي    نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض        حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون        منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية        تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو 1967
محاولة جديدة للخروج من الجمود أم زوبعة مؤقتة؟
نشر في العلم يوم 23 - 11 - 2009

فلسطين الأرض العربية التي تقع في نقطة تلاقي الشطرين الأسيوي والأفريقي من الأمة العربية كانت دائما وربما تبقى حتى نهاية تاريخ الإنسانية موقع الصراع مع الطامعين في هذه الأمة التي تمتد من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي. مرت هذه الأرض كبقية الأمة وخاصة على تخومها من البوابة الشرقية في العراق حتى واجهتها الغربية في المغرب بكل فصول القتال ضد الطامعين، انتصرت حينا وهزمت في مرات ولكنها لم تستكن للهزيمة وفي كل مرة نهضت.
الصراعات حول العراق وفلسطين كانت مترابطة بشكل لافت عبر التاريخ.
في سنة خمسمئة وتسع وثلاثين قبل الميلاد تمكن الملك كورش، ملك الفرس، من هزيمة بابل، منهيا عهد الإمبراطورية البابلية الثانية التي حكمت ما بين النهرين. من أول ما فعله كان إعادة اليهود الذين كان الملك البابلي نبوخذ نصر قد سباهم عندما دخل فلسطين وأخذهم الى أرض العراق.
ويؤكد عدد من المؤرخين أن من الدوافع الرئيسية للحملات الفارسية على فلسطين، كان إعادة اليهود الى المنطقة وتقويتهم كحلفاء خاصة وأنهم كانوا أحد الوسائل لمنع المصريين من العودة عبر كنعان وبلاد الشام لبناء تحالف مع العراق، وقد أراد حكام الفرس أن تكون المنطقتان معبرهم هم إلى مصر.
وتذكر كتب التاريخ إن قائد الجيش الفارسي «غوبر ياس» إتجه نحو القدس، واحتلها سنة خمسمئة وثمانية وثلاثين، وأنه أخذ معه من أراد الرجوع من اليهود إلى فلسطين، وسمح لهم ببناء المعبد في القدس
رغم معارضة سكان البلاد الأصليين من قبائل السامريين. وبسبب هذا فإن اليهود نعتوا كورش بالمخلص الإلهي أو المسيح المنتظر.
معركة أجنادين
بعد معركة أجنادين وانتصار المسلمين فيها بدأ المسلمون يسيطرون على اراضي فلسطين، وقد استولى العرب المسلمون على القدس من البيزنطيين سنة 637م، واعرب الخليفة عمر بن الخطاب عن احترامه للمدينة بأن تقبل بنفسه استسلامها، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية، أعطاهم فيها أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص، ومعاوية ابن ابي سفيان. وقد اقر المؤرخ البريطاني السير وليم فينز جيرالد: «لم يحدث قط في التاريخ المؤسف للفتوحات حتى غزو القدس ونادرا منذ ذاك، أن أظهر فاتح تلك المشاعر السخية التي اظهرها عمر للقدس. وكان الأسم العربي الذي اطلق على القدس هو البيت المقدس، كمقابل للبيت الحرام. وأصبحت ولاية فلسطين البيزنطية ولاية ادارية وعسكرية عربية اطلق عليها إسم جند فلسطين.
انقطع تسلسل الحكم العربي والإسلامي لفلسطين بعد سقوط الأمة في صراعاتها الداخلية وتشعب عوامل ضعفها وهوانها، وتدخل قوى حاقدة من خارجها، أبت أن ينتهي عصر الإمبراطوريات الفارسية والبيزانطينية حيث سعت لإعادة إحياء تاريخ إنتهى. وهكذا وبفعل حملات الفرنجة تم إقامة مملكة القدس اللاتينية بين 1099 و1187 للميلاد، وقد قام الفرنجه بعد دخولهم القدس بتعذيب واحراق وذبح آلاف من المسلمين العزل من الرجال والنساء والاطفال.
المواجهة أنتهت بالحملات المضادة للفرنجة بقيادة صلاح الدين الايوبي وخلفائه والتي استمرت حتى عام 1291، حيث استرد المسلمون آخر المعاقل الفرنجة في قيصرية (قيسارية) وعكا.
الى الشرق وعلى البوابة الشرقية للأمة العربية انتصرت وهزمت بلاد الرافدين، موقع أقدم حضارات الإنسانية ، وفي كل مرة هزمت لم يتوقع أحد أن تنهض مرة آخرى ولكنها فعلت والقت في مزبلة التاريخ ذكرى هؤلاء الذين حاولوا أن يحرموها من دورها.
لو كانت بغداد تقدر أن تسقط لكانت قد سقطت على يد هولاكو فلا تنهض مجددا. ولكنها نهضت. ومن كل مجزرة تالية، ظلت تنهض ولتنحر الغزاة الذين نحروها. وقد فعلتها بغداد، في تاريخها، 12 مرة.
لو لم تكن بغداد بغداد لما كان لها من صمود أهلها ما كان. ولكنها من خلال الرماد والموت، كالعنقاء تنهض.
تقول «لعنة أكد» (منذ نحو 4100 عام): «يا من تعديت على حرمة هذه الأرض وهدمت بيوتها والمعابد، ستطمر بساتينك وتموت مواشيك، ولا يجد النائم في أرضك دثارا ولا الهارب من لهيب الشمس ظلا. ستتبدل أحجار بيتك لعنات عليك، فتذبح الأم في شعبك أبناءها والزوجة زوجها والوالد ذريته. عشر بقرات يرضعن طفلك الناجي من جرم أبيه ولا يشبع، وأنهار تسقي زرعك فلا يرتوي، وتصبح معابدك مأوى للثعالب، ويغطي القصب والأحراش مجاري ملاحتك، وتعج مراسيك بالأفاعي والديدان وعقارب الجبال، فمن نجا من هذا العذاب يهيم على وجهه كالبهائم».
البحث عن حق
يوم الثلاثاء 17 نوفمبر 2009 أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن مطالبة مجلس الأمن بالاعتراف بدولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو 1968 هو قرار عربي اتفقت عليه لجنة متابعة مبادرة السلام العربية.
وقال عباس في مؤتمر صحافي بعد محادثات اجراها مع الرئيس المصري حسني مبارك ان «تحويل الأمر إلى مجلس الأمن لا يعد قرارا أحاديا إنما هو قرار للجنة المتابعة العربية التى اتفقت على الذهاب الى مجلس الأمن لابلاغه بضرورة إعلان الدولة الفلسطينية بحدود الرابع من يونيو 1967».
واضاف الرئيس الفلسطيني ردا على سؤال عن الموقف الامريكي الرافض لإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد «هذا موضوع عربى وليس فلسطينيا وبالتالى فهو ليس قرارا احاديا ووصفه بغير ذلك يعد وصفا غير صحيح».
من جهته، قال وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ان الرئيس مبارك وعباس اتفقا «على أهمية التركيز على نهاية الطريق»، مؤكدا ان هذا «لا يعني أننا تخلينا عن مطلب وقف الاستيطان».
وردا على سؤال حول رفض واشنطن إعلان دولة فلسطينية، قال الوزير المصري ان «الولايات المتحدة سبق ان وافقت على قرار مجلس الأمن 1515 الذي يطالب بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية وحان الوقت لينظر الاشقاء الفلسطينيين في كيفية ترجمة هذا الإتجاه على الارض».
وأضاف أن «مشاورات تجري مع الاخوة العرب والدول الممثلة في الرباعية الدولي والاتحاد الأوروبي لكي نرى ما هو متاح فلسطينيا في المرحلة المقبلة».
وشدد على ان «الدولة الفلسطينية اعلنت في 1988 وهناك اعتراف كبير بها والمطروح الأن هو كيفية ترجمة ذلك على الأرض الفلسطينية».
وأعلنت الادارة الامريكية الاثنين 16 نوفمبر معارضتها لإعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد مؤكدة ان المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين هي «أفضل وسيلة» لقيام هذه الدولة.
وقال المتحدث بإسم الخارجية الامريكية يان كيلي في تصريح صحافي «ندعم قيام دولة فلسطينية تكون نتاج مفاوضات بين الطرفين» موضحا ان السلطة الفلسطينية لم تجر أي اتصال مع الولايات المتحدة في هذا الشأن و»لم تطلب موافقتها».
عضو كامل
قبل ذلك بأربع وعشرين ساعة نقلت وكالة فرانس برس عن دبلوماسي عربي في الامم المتحدة ان تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية الى مجلس الامن سيتم «في الوقت المناسب» ويبقى مرتبطا في الوقت الحاضر بإجتماع لوزراء الخارجية العرب.
وقال المندوب الدائم للجامعة العربية يحيي المحمصاني ان قرار إحالة هذا الملف إلى مجلس الأمن اتخذ خلال اجتماع عقد الخميس 12 نوفمبر في القاهرة للجنة متابعة مبادرة السلام العربية.
واضاف «والأن علينا ان ننتظر عقد اجتماع لمجلس وزراء الخارجية العرب» والذي لم يحدد موعده بعد.
وأوضح أن الفكرة هي بأن يدعو الوزراء العرب مجلس الامن «في الوقت المناسب» لكي «يعلن أن حدود الدولة الفلسطينية هي حدود الرابع من يونيو 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها».
وتابع المحمصاني ان الإعلان المفترض ان يصدر عن مجلس الأمن يجب ان يتضمن ايضا «قبول الدولة الفلسطينية عضوا كامل العضوية في الامم المتحدة» وأن يعتبر ان «كل الاعمال التي تقوم بها اسرائيل والهادفة الى تغيير الوضع الديموغرافي والجغرافي للفلسطينيين على الأرض هي باطلة وغير مقبولة وكأنها لم تكن».
يوم الثلاثاء 17 نوفمير طالبت حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» السلطة الفلسطينية بان يكون خيار إعلان الدولة الفلسطينية مرهون بالاعلان عن انتهاء «اتفاقيات اوسلو وافرازاتها» لا أن يكون مجرد خيار «لملئ الفراغ السياسي» الذي خلفه «فشل التسوية السياسية». وطالبت بإعادة النظر في واقع منظمة التحرير الفلسطينية».
ودعت الحركة في بيان في دمشق تسلمت وكالة فرانس برس نسخة منه ان الى ان يكون هذا الاعلان «ثمرة لنجاح الشعب الفلسطيني ومقاومته في دحر الاحتلال او اعلانا على طريق التحرير الكامل (...) وعودة اللاجئين».
أوروبا حائرة
الرئاسة السويدية للاتحاد الاوروبي اعتبرت يوم الثلاثاء 17 نوفمبر على لسان وزير خارجيتها كارل بيلدت أن إعلان دولة فلسطينية «سابق لأوانه». وناقش وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي الخطة الفلسطينية يوم الثلاثاء وصرح خافيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي «ان الفكرة سابقة لأوانها على ما يبدو».
كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات قال لوكالة فرانس برس ردا على وزير الخارجية السويدي
«ان الاتحاد الاوروبي اعترف بدولة كوسوفو وحدودها قبل قيامها والاتحاد الاوروبي صاحب أول مبادرة عام 1980 في قمة البندقية للدعوة لاقامة دولة فلسطينية».
وشدد «أن اعتراف اوروبا بالدولة الفلسطينية اجراء قانوني وإجراء واجب الاتباع» موضحا «أن هناك الكثير من دول الاتحاد الأوروبي توافق على توجهنا والسويد ليست وحدها تقرر سياسة الإتحاد الاوروبي وليست هناك سياسة خارجية واحدة لدول الإتحاد الاوروبي».
وأضاف عريقات: الإعلان عن دولة تم العام 1988، ولدينا اعتراف من 100 دولة، ولا حاجة لتكرار ذلك، وأي إعلان يعني دولة على حدود مؤقتة في الضفة الغربية على مناطق أ و ب، ولكن آن الأوان لأطراف الرباعية أن تعلن اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو، لأن الحديث عن رؤية الدولتين دون تحديد حدودها، كلام لا يصح. وأضاف: لن نعدم البدائل وإذا ما أعدم خيار الدولتين بفعل الاستيطان، فهناك خيار الدولة الواحدة للنضال من اجله كما حدث في جنوب أفريقيا، والوضع في الضفة الغربية وصل إلى أسوأ مما كان في جنوب افريقيا.
وضع جامد
العديد من المحللين قدروا ان الإقتراح العربي الفلسطيني هو أحد الردود الممكنة مع وصول الدبلوماسية الأمريكية الى طريق مسدود، وتخلي الرئيس أوباما عن وعوده التي طبل لها البعض، وتراجع توقعات الفلسطينيين من الولايات المتحدة بعد أن خفف الرئيس الأمريكي من مطالبته لإسرائيل بوقف الاستيطان الى مجرد «تقييده» رغم ان المستوطنات في الضفة الغربية تقوض آمال الفلسطينيين في اقامة دولة لها مقومات الحياة.
ويقدر محللون إن الوضع الجامد دفع الفلسطينيين الى دراسة خطوات يصفها البعض باليائسة وخير ما يقال عنها أنها رمزية للضغط بشأن مطلبهم إقامة دولة يخشى حتى أكثرهم ايمانا بالسلام ألا تخرج أبدا إلى النور.
فبعد نحو عقدين من الزمن منذ بدء ما أصبح معروفا بإسم عملية أوسلو للسلام، يبدو ان الجمود هو سيد الموقف على المدى القريب في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني حتى إذا تمكنت واشنطن من اقناع الجانبين باستئناف شكل ما من اشكال المحادثات.
ويضيف بعض المحللين الفلسطينيين أن خطر احتمال اندلاع العنف قد يتحول إلى ما يشبه اليقين بمرور الوقت حتى رغم قلة المؤشرات الحالية على الرغبة في انتفاضة ثالثة بين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ 1967.
وقال جورج جياكامان استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت قرب رام الله «إما أن تستأنف المفاوضات وهو ما يتطلب مبادرة امريكية وأما سيكون هناك فراغ سياسي وهو أمر خطير لأنه على الأرجح سيملأ في وقت ما بصراع».
وذكر سميح شبيب المحاضر بجامعة بيرزيت «الموقف خطير بالنسبة للفلسطينيين لأننا لا نملك حاليا أدوات التوصل لحل». وأضاف شبيب «هناك قناعة تامة لدى الفلسطينيين الآن بأن أمل اقامة الدولة مستحيل ما لم يتغير الموقفان الأمريكي والاسرائيلي».
وأقر رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إن الدولة التي تريدها اسرائيل للفلسطينيين هي «دولة ميكي ماوس». فهي لا تحرمهم فقط من إقامة جيش ولكنها تحرمهم أيضا من خلال وجود المستوطنات من اقامة دولة مجاورة لاسرائيل تملك مقومات الحياة.
مجلس الأمن
ستجد الادارة الامريكيه نفسها في موقف محرج اذا وصل هذا الملف فعلا الى مجلس الامن اذ انها ستغضب حليفتها إسرائيل ان هي ساندت المبادرة الفلسطينية وستفقد أي ثقة قد تكون متبقية على الجانب الفلسطيني إن عارضتها في وقت تؤكد فيه علنا ان عملية السلام يجب ان تنتهي بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
وتوقع السناتور الامريكي النافذ جو ليبرمان الذي قام في نوفمبر 2009 بزيارة إلى اسرائيل ان تقوم واشنطن بإستعمال حق النقض «الفيتو» لمنع مجلس الأمن من تبني الطلب الفلسطيني الذي وصفه بانه «مضيعة للوقت».
أما فرنسا فقد أعلنت بلسان الناطق بإسم وزارة خارجيتها برنار فاليرو أنها ترى ان الإقدام على اعلان احادي لدولة فلسطينية قد يضر فرص قيامها.
المسجل هنا أنه مهما يقال عن المبادرة الفلسطينية فإنها أزعجت الصهاينة وجعلتهم يعملون على إفشالها.
رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حذر القيادة الفلسطينية من ان «كل خطوة أحادية ستنسف مجموعة الاتفاقات السابقة وتؤدي الى خطوات من جانب واحد من قبل اسرائيل»، مجددا دعوته السلطة الفلسطينية الى استئناف التفاوض الذي توقف منذ حوالى السنة «من دون شروط مسبقة».
وقد نسي نتنياهو أن تل أبيب هي التي لم تحترم أغلب بنود الإتفاقيات السابقة، وأجبرت الفلسطينيين على تعليق التفاوض مع تل أبيب منذ نحو عام بعد سنوات من المباحثات غير المثمرة، وأن الاسرائيليين هم أول من بدأ بإتخاذ «اجراءات أحادية» من خلال فرض أمر واقع في مجال الاستيطان مع نقل نصف مليون مستوطن يهودي إلى الضفة الغربية بينهم 200 الف مستوطن في القدس الشرقية.
باقي ساسة الكيان الصهيوني اتبعوا نفس اسلوب المغالطات وكأنهم يتعاملون مع عالم مكون من الأغبياء. فقد اتهم وزير البيئة الاسرائيلي جلعاد اردان القادة الفلسطينيين «باللعب بالنار» في موضوع الدولة المستقلة. غير انه اعتبر ان الأمر لا يزيد عن «زوبعة في فنجان» و»مناورة داخلية غرضها تعزيز صورة (الرئيس الفلسطيني) محمود عباس» الذي ضعف موقفه.
وأضاف هذا الوزير المقرب من نتانياهو «سيخسر الفلسطينيون الكثير في حال اعلان الاستقلال بشكل احادي».
واشار الى احتمال ان تقوم اسرائيل «بقطع التحويلات المالية» التي تعود للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقات موقعة حول التعرفة الجمركية.
وتابع الوزير انه بإمكان إسرائيل أن تحتل الضفة الغربية أو تعيد عددا من حواجز الطرق التي ازالتها في الآونة الاخيرة. كما يمكنها القيام ب»ضم رسمي لقسم من المستوطنات» اليهودية في الضفة الغربية.
وزير التجارة والصناعة بنيامين بن اليعازر (حزب العمل) اعتبر انه «لا ينبغي ان يؤخذ على محمل الجد» احتمال اعلان الفلسطينيين الاستقلال من جانب واحد.
بيد انه اشار الى ان هذه الفكرة «تترجم ضيق الفلسطينيين الذين لا يرون نهاية للاحتلال المستمر منذ نحو 43 عاما».
واعرب عن قلقه من «تنامي عزلة اسرائيل على الساحة الدولية» وحث الحكومة على «القيام بكافة الجهود لاعادة اطلاق المفاوضات باسرع ما يمكن» بما في ذلك اعلان تجميد تام موقت للاستيطان.
أوضاع خطرة
قد يقدر البعض أن الفلسطينيين وخاصة على ضوء انقسامهم والتجميد الفعلي لخيار المقاومة بعد سنوات من وقف العمليات الإستشهادية يوجدون في وضع صعب جدا، إلا أنه لا يجب إغفال ان الكيان الصهيوني يوجد في وضع خطير كذلك، وهو مع عامل الزمن والجغرافيا أسوأ من ذلك الذي يوجد فيه الفلسطينيون حاليا.
ففي حالة عجز إسرائيل عن إبادة أو ترحيل الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، وعدم تمكن الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الفعليين في المنطقة من تكرار ما حدث على البوابة الشرقية للأمة العربية في باقي المنطقة، وتمزيق أقطارها كما هو مخطط في نطاق مشروع الشرق الأوسط الكبير الى 54 كيانا متطاحنا، فإن ثوابت الجغرافية والديموغرافية تحكم على الكيان الصهيوني بالإختفاء حتى بشكل بطىء من حيث المقاربة مع عمر البشر، ولكنه قصير جدا في عمر التاريخ.
في لقاء ودي بفندق سميراميس بالقاهرة، أعرب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر خلال شهر اكتوبر 2009 عن تشاؤمه حيال إمكانية تحقيق تسوية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية بأي صيغة كانت، نظرا للسياسات الإسرائيلية التي تتناقض مع جهود إحلال السلام في المنطقة. وطرح كارتر فكرة دولة واحدة لشعبين يعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون متمتعين بالحقوق نفسها وعليهم الالتزامات ذاتها، وقال إنه يقتنع بهذا الحل، رغم صعوبته واعتبار البعض له خياليا، من منطلق أنه يدرك استحالة إنجاز حل الدولتين في ظل ظروف راهنة قد تستمر سنوات طويلة من الزمن، وأن عدم وجود حل سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى اشتعال نيران الحروب في المنطقة.
ليس كارتر أول آخر من طرح هذه الفكرة فمن حين لآخر وبعد تبدد فرص حلول تقود الى وضع أفضل من الذي يعيشه الفلسطينيون ومعهم أمتهم بعد أكثر من ستة عقود على بداية النكسة، تتجدد بشكل متزايد فكرة حل يصبح فيه الفلسطينيون مواطنين في دولة واحدة تحكم جميع الأراضي الممتدة من نهر الأردن وحتى البحر المتوسط أو ما يمثل أراضي فلسطين التي خضعت للحكم البريطاني من عام 1917 وحتى 1948.
نظام عنصري
هذه الفكرة ترهب جزء هاما من مستوطني فلسطين، والمتحكمين في حلف الصهاينة والمحافظين الجدد، إذ أنها سريعا ما ستجعل حوالي 6 ملايين يهودي في وضع الأقلية في ظل معدل مواليد مرتفع بين العرب الذين يصل تعدادهم أيضا الى نحو خمسة ملايين ونصف مليون نسمة في شتى انحاء فلسطين المحتلة سنة 1947 والضفة الغربية وقطاع غزة.
بعض قادة اسرائيل وآخرهم رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت لوح صراحة بحل الدولة الواحدة البديل للاسرائيليين كسبب لتأييد قيام دولة فلسطينية. ويقول هؤلاء إنه دون قيام دولة فلسطينية فسيكون هناك في الدولة اليهودية نظام تمييز عنصري على غرار ما حدث في جنوب افريقيا وسيحكم فيه اليهود أغلبية من العرب الذين يعانون الحرمان في الأراضي المحتلة.
وسينتهي الأمر في آخر المطاف بأن يحكم الفلسطينيون اليهود عندما يصبحون أغلبية قادرة على الوصول الى الحكم عن طريق الإنتخابات، وهو ما حدث في جنوب أفريقيا.
داخل الكيان الصهيوني هناك من لم يتردد في دق ناقوس الخطر فيوم 17 نوفمبر كتب مراسل وكالة رويترز
الين فيشر ايلان من القدس: عبر أكبر حزب معارض في اسرائيل عن انزعاجه للجمود الدبلوماسي الذي طال أمده لكنه حث الفلسطينيين على استئناف المحادثات دون شروط بدلا من اللجوء الى تحركات احادية بالغة الخطورة.
وقال زئيف بويم النائب في البرلمان عن حزب كديما لرويترز في مقابلة: يتعين علينا ان نستأنف محادثات السلام وهذه هي القضية.
ورفض بويم الوزير السابق بالحكومة الاسرائيلية وعضو لجنة الدفاع بالكنيست الفكرة الفلسطينية ووصفها بأنها «تعبير عن الاحباط» لغياب محادثات السلام منذ ديسمبر 2008 قائلا انه لا يتوقع ان يفوز الاقتراح بتأييد العالم.
وقالت تسيبي ليفني زعيمة حزب كديما ووزيرة الخارجية السابقة لمؤيدي الحزب ان «ما يحدث الان بالغ الخطورة». وأضافت «قول الجميع انه لا يوجد شريك على الجانب الاخر ويهدد الاخر بتحركات احادية مضيفة انها تشعر بالقلق من ان هذه التطورات يمكن ان تسبب تدهورا في المنطقة
البدائل الأخرى
المحللان السياسيان روبرت ماللي وحسين الأغا نشرا مقالا مشتركا في مجلة نيويورك للكتب أواخر الشهر اكتوبر 2009 حاولا فيه تشريح الوضع القائم وتقديم رؤية لفرص حل الدولتين إضافة إلى استعراض البدائل الأخرى المتاحة أو المحتملة. وفي رأي ماللي والأغا فإن حل الدولتين الذي يحظى بتوافق عربي ودولي ربما يعاني من عيب خطير وهو أنه لا ينهي جذور الصراع الذي بدأ قبل 1967 بكثير ويعود إلى الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948، فقد رفض العرب حل التقسيم وقبلته «إسرائيل» على الأقل علنيا، ولم يتغير الموقف العربي - الفلسطيني بشكل جذري إلا بعد أوسلو.
ويعتقد الكاتبان أن فرص حل الدولتين قد ضعفت بعد أن فشل الرئيس كلينتون في تحقيق انجاز تاريخي في الأيام الأخيرة لولايته، وبعد أن فقد الرئيس بوش حماسه وأبدى عدم اهتمام بتحقيق اتفاق. كما أن انكفاء «إسرائيل» نحو اليمين واليمين المتطرف إضافة إلى الانقسام الفلسطيني غير من ظروف المناخ الإقليمي والدولي. ويؤكد الكاتبان أن تراخي الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة في الضغط على الطرفين، وعلى الأخص «إسرائيل»، خلق صعوبات في تحقيق انطلاقة جديدة للعملية السلمية.
وإزاء كل ذلك يطرح كل من ماللي والأغا سيناريوات محتملة بديلة ومنها مشروع الدولة الواحدة ثنائية القومية وهو طرح قديم جديد وجد من يرعاه في «إسرائيل» وفلسطين على مدى السنوات الماضية، لكنه حل مرفوض من أكثرية الإسرائيليين إضافة إلى معظم الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس. وعلى الرغم من رومانسية الطرح بإعتباره ينهي جذور الصراع ويقدم دولة ديمقراطية علمانية يتساوى فيها الجميع كمواطنين أمام القانون في فلسطين التاريخية إلا أنه يظل حلا غير واقعي، كما يرى المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس في كتابه الأخير «دولة أم دولتان: حل الخلاف الإسرائيلي الفلسطيني»، حيث يقول إن مؤيدي هذا الطرح ينسون أن الديموغرافيا غلبت الجغرافيا، وأن من ينادي بهذا الحل يتجاهل حقيقة أن فرص إقامة دولة واحدة لشعبين هي أقل واقعية من تقسيم الأرض على أساس جيوسياسي.
إضافة إلى ذلك فإن موريس يشير إلى الاختلاف الديني والثقافي والاجتماعي بين اليهود والعرب، ويستنتج أن الفلسطينيين كمسلمين لن يتبنوا القيم الديمقراطية التي يؤمن بها الإسرائيليون، ويضيف أنهم حتى لو مارسوا الديمقراطية فإنهم سيصوتون بطريقة لن ترضي نتائجها الطرف الإسرائيلي.
وبينما ينتهي موريس في كتابه إلى نتيجة محبطة وهي أن «إسرائيل» لن تستطيع تحقيق سلام مع الفلسطينيين وأنها بحاجة إلى دور أردني يستوعب كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو أمر مرفوض في الوقت الحالي أردنيا وفلسطينيا وعربيا، فإن ماللي والأغا يطرحان بدائل أخرى. فهما يقولان إن بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه قد أثبت فعالية استثنائية. ف»إسرائيل» رحلت عن غزة وشيدت جدارا عازلا يفصلها عن ما تبقى من مدن وقرى الضفة الغربية، فلم لا يستمر هذا الحال لسنوات أخرى وربما عقود؟.
الأمر الذي تم تناسيه في التحليل السابق، هو أنه بالإضافة الى ما ذكر، فقد إنقسم الفلسطينيون بين غزة ورام الله، وتدخلت قوى إقليمية أخرى لتعزيز الشرخ وكأنها تعيد كتابة تاريخ مضت عليه قرون، وسعت الى تشويه الفلسطينيين أمام الرأي العام الغربي. فقد ضجت وسائل الإعلام الغربية المسيطرة على جزء هام من عقول الإنسانية، بالتحذير من توغل القاعدة في فلسطين، ونست أن القاعدة لم تطلق رصاصة واحدة في فلسطين، ورصيدها الوحيد المسجل هناك وحسب البلاغات الرسمية كان التسبب في قتال بين الفلسطينيين.
النهاية
أمام المأزق المشترك يراهن كثيرون في المعسكرين من أجل الوصول الى ضفة المنتصرين على عامل الزمن، مع تفاوت موازين الربح والخسارة لكل طرف، سواء في المشاريع الهادفة الى سلخ بلاد الرافدين عن الأمة العربية، وتفتيت الجزيرة العربية عبر الحرب الإقليمية بين إيران وكل من اليمن والسعودية من خلال الحوثيين، وشغل مصر بإختلال موازين القوى في عمقها الإستراتيجي من السودان حتى الصومال مرورا بأريتريا، وإرهاب القاهرة بفقدان مياه النيل وهو مشروع تموله وليس من الغرابة إسرائيل وإيران. ولا يجب أن ننسى الحروب الدائرة لتفتيت أقطار المغرب العربي عبر نفس الأساليب المتبعة في شرق الأمة والقائمة على أسس وهمية مختلقة للتفريق الطائفي والعرقي.
الحقيقة أن مأزقهم أكبر من مأزقنا كعرب ومسلمين، فكل عوامل الإستمرار والحياة لا تعمل سوى لصالح هذه الأمة، هذه أرضها بنت عليها أقدم حضارات الإنسانية وعلى أرضها بزغت كل الديانات السماوية وعلى أسوارها تحطمت وإنهارت غالبية الإمبراطوريات التي تجرأت على غزوها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.