سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لنا نحن عرب 48 خصوصية واقعنا وموقعنا، وتتمثل رؤيتنا السياسية في أن تحرير القدس يضمن حرية الأقصى، لأن قضية القدس ليست فقط قضية مقدسات، بل قضية سيادة المهندس رامز جرايسة رئيس بلدية الناصرة
سؤال: الأخ رامز، نود أن تحدثنا عن الناصرة، لأنها مركز ثقل النضال الفلسطيني لعرب 1948.. رامز جرايسة: هم العرب الفلسطينيون الذين بقوا صامدين في وطنهم رغم كل شيء. هكذا أحب أن أعرّفهم. مدينة الناصرة هي أكبر مدينة عربية فلسطينية بقيت داخل اسرائيل بعد 1948. يبلغ عدد سكانها اليوم حوالي 78 ألف نسمة، عرب فلسطينيون، مسلمون ومسيحيون. وتكمن الأهمية التاريخية لمدينة الناصرة، كونها المدينة التي عاش فيها السيد المسيح معظم سنوات حياته، ووالدته مريم العذراء. وهي مدينة البشارة التي تمت فيها بشارة السيدة العذراء بولادة السيد المسيح. ومن أهميتها الدينية والتاريخية، وبالتالي، فهي أحد المواقع ذات الأهمية كجزء من التراث العالمي الإنساني. وهي تشكل العاصمة الثقافية والسياسية للفلسطينيين داخل اسرائيل بالنظر الى موقعها في المنطقة الشمالية من فلسطينالمحتلة. وطبعا، حين نتحدث اليوم عن الواقع السياسي العالمي، والحل السياسي المطروح على أساس حل الدولتين، فنحن نتحدث عن حل يُؤمّن الانسحاب الكامل من كافة المناطق المحتلة سنة 1967، بما في ذلك مدينة القدس. ولايمكن أن يكون هناك أيّ حل سياسي بدون أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. وفي رأيي، فإنه مع مرور الزمن، وعدم الوصول إلى هذا الحل، قد يُحوّل هذا الحل إلى جزء من التاريخ والعودة إلى إمكانية حلّ الدولة الواحدة، لأن السلطة الفلسطينية لن تصمد طويلا دون أن يكون هناك حل سياسي، لأن وجود هذه السلطة أتى في إطار اتفاقية أوسلو التي ترمي في جوهرها إلى الوصول لحل يُؤمّن إقامة الدولة الفلسطينية، المستقلة في إطار حدود 1967، وعاصمتها القدس. وإنْ لم يحدث هذا، سيجعل من هذا الحل في خبر كان كما يقال. > سؤال: إذن، ماهو دور عرب 48 في النضال الفلسطيني؟ رامز جرايسة: طبعا، لنا خصوصية واقعنا وموقعنا. نحن نشارك في الانتخابات التشريعية، ولنا ممثلون في البرلمان. ونضالنا على مستويات مختلفة: المستوى السياسي، بما في ذلك البرلماني، ومحاولة التأثير على القوى السياسية داخل اسرائيل . لكن في السنوات الأخيرة يتضاءل هذا التأثير، خصوصا مع تراجع ما يمسى باليسار الاسرائيلي؛ وهناك المستوى الشعبي والنضال الجماهيري، وهو جانب آخر مهم، حيث نستغل أحيانا المساحة المتاحة من القضاء في بعض الأمور والقضايا، وإذا أردت أن أعطي نموذجا، فمن الواضح أن العمل البرلماني والسياسي والحزبي له حدوده في إمكانية التأثير، ولكن في مجال النضال الجماهيري، كانت لنا أيام مشهودة، ربما أهمها هو يوم الأرض 30 مارس 1976، في أعقاب إعلان الحكومة الاسرائيلية مصادرة حوالي 20 ألف دونم من الأراضي العربية في منطقة الجليل، حيث أقيمت لجنة الدفاع عن الأراضي، وهي لجنة تشكلت من فعاليات سياسية مختلفة، وشخصيات وطنية أعلنت الإضراب العام يوم 30 مارس 1976 كاحتجاج على مصادرة الأرض، وسمي بيوم الأرض... وأصبح لاحقا هذا اليوم يوما فلسطينيا عاما، ويوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني في مختلف أنحاء العالم. وبهذا فحصنا في لجم تنفيذ عملية المصادرة. وكانت هناك إضرابات عامة لاحقا حول قضايا أخرى مثل السكن، وقضية المساواة وسياسة التمييز، ثم احتجاجات على الزيارة الاستفزازية التي قام بها شارون للمسجد الأقصى سنة 2000، وخضنا إضرابا عاما لمدة ثلاثة أيام، الأمر الذي أدى الى سقوط 13 شهيدا، ثلاثة شهداء من مدينة الناصرة وأطلقنا على هذا اليوم، الذي صادف الأول من أكتوبر 2000، يوم القدس والأقصى. وفي ذلك رسالة مهمة، لأنه على الرغم من أن المسجد الأقصى في بؤرة الحدث، فإننا ارتأينا أن نطلق على هذا اليوم يوم القدس والاقصى، من حيث أن رؤيتنا السياسية تتمثل في أن تحرير القدس يضمن حرية الأقصى ويزيل الأخطار عنه، والعكس ليس صحيحا. ذلك أن قضية القدس ليست فقط قضية مقدسات، بل هي قضية سيادة. السيادة تضمن سلامة المقدسات. والعكس ليس صحيحا. ولذلك لا أعتقد أن هناك حلاً عسكرياً للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، فتوازن القوى لايسمح بتلك، وثانيا، فإن ما يسمى بالشرعية الدولية لايمكن أن تسمح بالوصول الى مثل هذا الحل (العسكري). ومن ناحية أخرى، لايمكن إخضاع الشعب الفلسطيني بالقوة. يمكن أن تكون هناك سيطرة واحتلال، لكن لايمكن أن يكون هناك إخضاع إرادة الشعب الفلسطيني > سؤال: الأخ رامز، بالنظر الى الخصوصية التي تحدثت عنها، نريد أن نعرف كيفية انتمائكم لفلسطين الدولة، يعني ماهو إحساسكم إزاء هذا الانتماء...؟ رامز جرايسة: هذا السؤال أواجهه كثيرا. وأنا أقول بوضوح، وبدون تردد، نحن أبناء قضية واحدة، ولكن أفق المستقبل السياسي مختلف. نحن لن نتنازل عن وجودنا وعن بقائنا في مدننا وقرانا العربية داخل إسرائيل. هناك من يحلم بأن لايرانا، وحتى في الانتخابات الأخيرة، فإن الحزب الذي ينى كل برنامجه على فكرة «الترانسفير»، هو حزب ليبرمان، نائب رئيس حكومة نتانياهو الحالية، ووزير الخارجية، والذي أصبح الحزب الثالث في إسرائيل. بنى برنامجه على محورين: الأول الدعوة الى «الترانسفير»، يعني التبادل السكاني ونقلنا أي ترحيلنا، والثاني هو الحقوق مقابل الولاء. وأقر من هذا النوع لايوجد في أي دولة في العالم، ذلك أنه من يولد في دولة معينة، هو بصفة أو توماتيكية مواطن فيها، ولايطلب منه الولاء. ولكن وضع مثل هذه الصياغات يرمي الى إعطاء التبرير لتنفيذ نفس الفكرة: فكرة الترحيل أو فكرة «الترانسفير». ولذلك قلت أن أفق المستقبل السياسي مختلف. فنحن سنبقى في وطنا، ومدينة الناصرة ستبقى في مكانها. وسيبقى السكان في مكانهم. ولن يغيروا مكان سكناهم. ونرى في الدولة الفلسطينية تحقيق التطلع الوطني بأن يكون لشعبنا دولة حتى ولو لم نكن ضمن المواطنين المباشرين في هذه الدولة. وأوكد بأنه لامجال للمقايضة على هذا الوضع. لن ننتقل إلى أي مكان آخر. ستبقى كما نحن، حيث نحن في وطن الآباء والأجداد. تكمن أهمية مدينة الناصرة، من جهة لكونها عاصمة الجليل الأعلى داخل مايُعرف بمناطق 1948، وبالتالي فهي مركز ثقل النضال الفلسطيني في سنة 1948. ومن هنا، فإن كفاح عرب 48 داخل المقاومة الفلسطينية، في الماضي والحاضر، يكتسي أهمية خاصة. وقد عملت سياسة الاحتلال الاسرائيلي بكل ما أُوتيَتْ من قوة من أجل احتواء عرب 48، بل وتذويبهم في الكيان الاسرائيلي، كما لم تتردد هذه السياسة في شراء ولاء عرب 48.. ومن جملة ما قامت به اسرائيل بناء مدينة أخرى إلى جانب مدينة الناصرة الفلسطينية، أطلقت عليها اسم «نتسريت عليت». وظهرت هذه المدينة على أراض فلسطينية تمت مصادرتها، وذلك في محاولة يئيسة لتكون بديلا لمدينة الناصرة، بعبارة أخرى لتكون مدينة يهودية، لليهود فقط. وعملت اسرائيل، بقرارات إدارية، لتصبح مدينتها مركزا إداريا.. رئيس بلدية الناصرة، مهندس رامز جرايسة، حضر أشغال ملتقى القدس الدولي الذي احتضنه مدينة الرباط فكان لنا معه هذا اللقاء.