اندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي ومواطنين فلسطينيين من سكان القدس وداخل الخط الأخضر، عند بابي الأسباط، وحطة، المؤديين للحرم القدسي، في وقت يخيم التوتر بمحيط الحرم المبارك بعد محاصرة قوات الاحتلال لمعتكفين داخل المسجد الأقصى والتي طالبتهم بتسليم أنفسهم وسط احتشاد أعداد من المتطرفين اليهود عند باب المغاربة تمهيدا لاقتحامه. وفد اعتدت قوات الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين عند بابي الأسباط وحطة، بالهراوات والخيالة وقنابل الصوت والمدمعة، وقمعت فتيانا وفتيات من طلاب المدارس ومنعتهم من الدخول وأبعدتهم بالقوة عن البابين. و شوهدت سيارات الإسعاف الفلسطيني وهي تنقل عددا من المصابين المضرجين بدمائهم. وأشار الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية، داخل الخط الأخضر إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت عددا من المرابطين عند باب الأسباط، وأبعدت المحتشدين عند الباب، ومن بينهم هو شخصيا إلى نحو كيلو متر واحد. وقد أغلقت قوات الاحتلال منذ ساعات ما بعد عشاء يوم السبت وفجر أمس الأحد، مداخل الحرم القدسي، ومنعت المصلين من الدخول، وطالبت عشرات المعتكفين داخله بتسليم أنفسهم، ودفعت بتعزيزات إلى محيط البلدة القديمة، ومنعت مدير الأقصى، الشيخ حسين براغيث، ومدير الأوقاف، عزام الخطيب من دخول الأقصى. كما اعتقلت المسؤول السابق لملف القدس في السلطة الفلسطينية، حاتم عبد القادر، وعدداً من المواطنين المقدسيين. وقد توتر الموقف حول الحرم القدسي بشكل كبير إثر احتشاد أعداد من اليهود المتطرفين عند باب المغاربة، حيث أفادت معلومات أنّ شرطة الاحتلال تستعد لإدخالهم على مجموعات إلى داخل الحرم الشريف، حيث يعتكف قرابة مائتي فلسطيني للتصدي لمحاولة اقتحام الأقصى من قبل هؤلاء. ومن داخل المسجد الأقصى، أكد مفتي القدس والديار المقدسة، الشيخ محمد حسين، الموجود هناك، أن المعتكفين، وهو من بينهم ، يرفضون الخروج وسيبقون مرابطين لمنع اعتداءات المتطرفين اليهود والمستوطنين واقتحامهم الأقصى، واصفا ما يحدث داخل الأقصى وفي محيطه بالخطير جدا. وناشد مفتي القدس لأمتين الإسلامية والعربية والمنظمات الإقليمية والدولية ; وعلى رأسها منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، أن تضطلع بدورها، وتتحرك «لكبح جماح الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة». وأضاف قائلا «نؤكد للعالم اجمع أنه ما دام فينا عرق ينبض، لن تسمح بتدنيس الأقصى، أو فرض واقع، أو تقسيم الأقصى، لأنه وقف إسلامي للمسلمين وحدهم فقط». وحمل الشيخ محمد حسين سلطات الاحتلال الإسرائيلي «كافة النتائج الوخيمة على هذه الحماقات» معتبرا أن اقتحام الأقصى تجاوز لكل الخطوط المحرمة والحمراء. وجدد مفتي القدس مطالبته للحكومة الإسرائيلية بكبح جماح المتطرفين اليهود حتى لا تتسبب بانفجارات لا تحمد نتائجها، مشيرا إلى أن هذه الاستفزازات قد تجر المنطقة والعالم لأمور لا تحمد عقباها. وفي السياق ذاته، جدد مستشار الحركة الإسلامية لشؤون القدس والأقصى ; الشيخ علي أبو شيخة، الموجود ضمن المعتكفين بالمسجد الأقصى، رفض التفاوض مع الاحتلال للخروج من المسجد، مشيرا إلى أن المعتكفين سيبقون لشهر أو أكثر داخله لحمايته من المتطرفين اليهود. وأوضح أن جميع المعتكفين مهددون بالاعتقال من قبل الاحتلال، مشيرا إلى «نوايا خبيثة» من خلال اقتحامات الاحتلال في محاولة لتقسيمه كما حدث بالمسجد الإبراهيمي في الخليل قبل سنوات ومحاولة بناء هيكلهم المزعوم. وأكد أن ما يحدث اليوم هو أكبر رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي «أننا لن نسمح بتغيير معالم المسجد الأقصى أو حتى تقسيمه». وكان قاضي قضاة فلسطين، الشيخ تيسير التميمي، حذر من أن جماعات يهودية بدأت بحشد أنصارها في المستوطنات القريبة من القدس تمهيدا لاقتحام الأقصى بعد محاولة مشابهة الأسبوع الماضي. ودعا في بيان له «كافة أبناء الشعب الفلسطيني في جميع مواقعهم ، وبالأخص أهل القدس والداخل الفلسطيني، للدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وشدّ الرحال إليه لحمايته». وكانت جماعات من اليهود المتطرفين وحشود من عناصر شرطة الاحتلال، اقتحمت المسجد المبارك، واشتبكت مع الفلسطينيين الذين كانوا موجودين داخله، الأسبوع الماضي، لحمايته، مما أدى إلى سقوط 17 جريحا في صفوف الفلسطينيين واعتقال سبعة آخرين. وقال التميمي في بيان إن «الجماعات اليهودية المتطرفة بدأت منذ صباح السبت بحشد أعداد كبيرة من أنصارها في المستوطنات المحيطة بمدينة القدس، تمهيدا لاقتحامه، ابتداء من أمس الأحد، حتى الخميس المقبل بمناسبة عيد العرش اليهودي». ولفت إلى أن سلطات الاحتلال دفعت بالآلاف من عناصرها إلى البلدة القديمة ومحيط الأقصى، وعززت من قواتها على بواباته بهدف حماية الجماعات اليهودية «سعيا للاستفراد به لنسفه أو هدمه وتقويض بنيانه بعيدا عن أنظار العالم لتحقيق الأسطورة والحلم اليهودي بإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه».