في بورتريه عن الكاتب الفرنسي «فيكتور سيغالين - Victor segalin» لا يضيق بصورته أي برواز، وهو من نحت الكاتبة الفرنسية «كورين عمّار» (انظر www.fondationlaposte.org)، نقرأ قولا ل «لاوتسو» يخاطب «كونفوشيوس»، مؤكدا أن الحكيم حين يجد نفسه في ظروف إيجابية، فإنه يستقل عربة. وحين يعاكسه الوقت، فإنه يمضي إلى المغامرة؛ وهذا ما سيجيب عنه في ما بعد «فيكتور سيغالين» بطريقته: «ليس بالصدفة يرتسم السفر. بل يقتضي مساراً منطقياً، لأجل المضي، ليس إلى المغامرة بل إلى المغامرات الجميلة»؛ هكذا نعثر ضمن السلالة الرائعة لهؤلاء المستكشفين، ومغامري العالم، على واحد هو: فيكتور سيغالين الذي كان يشتغل طبيبا في البحرية، كما أنه عالم آثار، روائي وشاعر رؤياوي (سريع في تفاعله مع الإحساسات البصرية بلغة بصرية)؛ بالإضافة إلى أنه مستشرق يبحث عن استيتيقا المختلفات، عاشق لكل أشكال المحسوسات، وكل ثراء الواقع؛ هكذا سيشكل الطريق إلى الصين، بالنسبة لسيغالين، صنفا من البلوغ إلى المركز؛ أي الذات؛ متأثرا في أعماله الأدبية ب«رامبو» و«وملارمي» والتي ألَّفها على امتداد خمس عشرة سنة، أثناء ترحُّلاته التي أنجزها في محاولة للعثور على الذات؛ وكان منجزه الأدبي يتسم بالغزارة والطموح، ويأتلف بالأساس من ثقافة الآخر، كما يشكل تمفصلا بين عالمين؛ الغريب والمألوف. ولد سيغالين عام 1878 في بريست (Brest) الفرنسية، وتوفي في 1919. ولاقتطاف الدكتوراه، ناقش عام 1902، أطروحة تحمل عنوان «الأطباء السريريون في الآداب»؛ وكان الموضوع يتطرق إلى العصابيين النفسانيين في الأدب المعاصر. وفي عام 1903، وصل في مهمة إلى التايتي (Tahiti)؛ حيث اكتشف بقايا الثقافة الماورية (Maorie) التي أبادها الحضور الأوروبي بالمنطقة، مما جعله يثور على هذه المذبحة، مستوعبا في العمق مأساة إثنية شعر أنه حُرم من أساطيرها ولغتها؛ ولكن أثناء إقامته في «بولينيزي - Polynesie» كتب رواية «العريقون»، وصدرت عام 1907 باسم مستعار هو «ماكس أنيلي - Max Anely»، وتحكي عن اللحظات الأخيرة لحضارة الإثنية الماورية التي أفسدها وضيعها المبشرون والكولونياليون؛ وقد كتب «فيكتور سيغالين» رسالة إلى زوجته في فبراير من عام 1914، يتحدث في أسطرها عن نثره ورسائله وملاحظاته التي كان يكتبها باستمرار، مؤكداً أنها أبلغ ما يُعَبِّر عنه؛ بل إن هذه الرسائل تكون أحياناً منطلقاً للاكتشافات، معتبراً زوجته نسيجا في حياته (انظر كتابه «مغامر العالم، محارب الأيقونات» (ص271). وبدءاً من عام 1908، افتتن سيغالين بالصين، ودراسة لغة الحضارة الصينية، فسافر إلى هذا البلد كطبيب، حيث استقر عام 1910 مع زوجته وابنته؛ وأصدر عام 1912 باسمه الحقيقي، الطبعة الأولى من كتابه: «زخرف الرموز، مسَلاَّت في بكين»؛ وهو أضمومة تكتنف قصائد نثرية مستوحاة من نصوص ونقوش تذكارية لأنصاب ظلت هي عمله الأدبي الأساسي؛ لنقل إنه عالم بالآثار والسلالات دقيق، في ما يتعلق بالبحث عن المخلفات الأثرية لقدامى الأسر الملكية الصينية، حيث قام بمسح للضفاف الوعرة لنهر «يانغ تسوكيانغ» كي يعيد بناء الشبكة الهيدروغرافية (الهيدروغرافيا، علم وصف المياه)؛ إن السفر بالنسبة ل «سيغالين» بمثابة محكِّ ميداني لأفكاره المتعلقة بالوشيجة بين الواقعي والإدراك الحسي للظواهر المباشرة، وبين المتخيل والإنشاءات الذهنية؛ فدون شحنة الواقعي، يذبل الخيال، ويغدو فنتازيا جوفاء؛ ودون القوة التخييلية، يغدو الواقعي ضخماً وتافها، كذا قال الكاتب «كنيت ويت - Kenneth white» في مؤلفه: «على طريق المسلات، فيكتور سيغالين في أعماق الصين 1909 و1914» (ص 268)...