ما زالتْ طنجة، تستأثر بحصة الأسد من الإصابات الجديدة المؤكدة بفيروس كورونا المستجد ببلادنا، وعلى الأرض تواجه مساعي السلطات لمحاصرة الوباء، باحتجاجات التجار والساكنة على تدابير الحجر الصحي التي يرونها مجحفة في حقهم، وبالجهة الخطوط الأولى للمعركة، توجد طواقم صحية تواجه مئات الإصابات، مرجحةً فرضية حدوث طفرة في جينوم الفيروس المنتشر بالمدينة، ممّا ينعكس سلبا على عدد الحالات الحرجة والوفايات. ووفق معطيات وزارة الصحة، شهدت 9 جهات في المغرب 111 إصابة جديدة مؤكدة ب"كوفيد-19″، بين السادسة من مساء الاثنين والعاشرة من صباح الثلاثاء، 53 منها بجهة طنجةتطوان. وفي مقابل التكهنات بخروج الحالة الوبائية عن السيطرة بطنجة، أكدت مصادر طبية من المدينة، أنه لا يمكن الحديث عن فقدان التحكم، ولكن هناك حالات إيجابية كثيرة مما يستلزم اتخاذ إجراءات احترازية لمحاصرة الوباء، مشددة على أن جل المواطنين في المنطقة لم يتبعوا الحماية اللازمة، مما دفع السلطات للقيام بهذه الخطوة، وذلك لتفادي تفاقم عدد الإصابات. ونفت هذه المصادر جملة وتفصيلا، أن يكون الرجوع لفرض تدابير الحجر الصحي بطنجة ناجما عن فقدان المنظومة الصحية للسيطرة على الحالة الوبائية هناك، وإنما لوجود أعداد كبيرة من المصابين، معتبرة أن بلاغ وزارة الداخلية في هذا الشأن لا ينبغي أن يخيف الناس. وبالمقارنة بين بؤرة طنجة الحالية، ونظيراتها بكل من للا ميمونة وآسفي والعيون من قبل، اعتبرت المصادر ذاتها، أن العلاقة تكمن في كون البؤر العائلية تابعة عادة للبؤر المهنية، خاصة في ظل التراخي في استعمال وسائل الوقاية. أما حينما يتم عزل الناس ولا تتم المخالطة فالعدوى تقل، وهذا ما يظهره إجراء السلطات لأزيد من 3 آلاف كشف مخبري بالمدينة منذ الأسبوع المنقضي. وحذرت المصادر، من أن حالات الإصابة المكتشفة خلال شهرَي مارس وأبريل المنقضيين، كانت غالبا دون أعراض، بينما خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة أصبحت الحالات الإيجابية مع أعراض مختلفة؛ من صداع الرأس والقيء وآلام المعدة وخفقان القلب.. مما يؤشر على احتمال حدوث طفرة في جينوم فيروس كورونا المستجد المنتشر في طنجة والشمال حاليا. غير أنه ولحدود الساعة، لا يمكن الحسم في تغير الفيروس، واقتصار ذلك على مدينة طنجة أو جهة الشمال تحديدا، وهو ما أكده مولاي مصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء، بالقول إنه من غير الممكن الآن الحديث عن حدوث طفرة في خصائص الفيروس التاجي الموجود في المغرب، مشيرا إلى احتمال حدوث ذلك بعد 14 يوما من دخول الحالات الواردة من الخارج، والتي يمكنها أن تكون حاملة لفيروس مختلف عن الموجود في المملكة من حيث خصائصُه الجينية. وشدد الناجي، على أنه من غير الممكن بتاتا منع مغاربة العالم من حقهم في الالتحاق بوطنهم. وأكد المتحدث، أن ما حدث في طنجة، داخل في الاستراتيجية الصحية المتبعة في بلادنا، والتي تملي تكييفها تبعا للحالة الوبائية بالجهات والأقاليم، مضيفا في تصريح ل"العلم"، أن التدابير التي فرضت هناك يمكن أن تفرض غدا في أي جهة أو إقليم آخر في بلادنا. واستدرك خبير الفيروسات، بأن الوضع الوبائي الحالي ببلادنا عادي جدا ولا يدعو للارتباك، معتبرا أن ارتفاع أعداد المصابين "إيجابي"، لوجود أشخاص بدون أعراض يصل إليهم الكشف المبكر قبل أن ينقلوا العدوى لغيرهم من ذوي الهشاشة الصحية. وأوضح بالأرقام، أن المغرب يجري حاليا أزيد من 26 ألف اختبار للكشف ويصل لمعدل 300 إصابة مؤكدة، والحال أنه لو كان يجري 300 كشف ويصل إلى 100 حالة فقط، لما كان ذلك صحيا بالمرة.