أكد المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري أن الحركة الجهادية التي قادها الشيخ أحمد الهيبة ماء العينين في الجنوب (ما بين1912 إلى1919 تاريخ وفاته بأكردوس) تعد نموذجا للانتفاضة الشعبية الرافضة للحماية الأجنبية والأطماع الاستعمارية التي استهدفت المغرب مع بدايات القرن العشرين. وأضاف في كلمة ألقاها بمنطقة أكردوس (65 كلم من تيزنيت) خلال ترؤسه حفل افتتاح الموسم الديني للولي الصالح الشيخ محمد الهيبة ين الشيخ ماء العينين الذي ينظمه سنويا أبناء هذا الولي أن هذه الانتفاضة مثلت قمة التصدي في مواجهة قوات الاحتلال وتجليات للروح الوطنية الخالصة التي برهن عنها المغاربة في كل أنحاء الوطن في الأطلس والريف والصحراء وسائر ربوع المملكة المغربية وبالتحام قوي بين العرش والشعب, مبرزا شهامة الشيخ أحمد الهيبة وروحه الوطنية العالية حيث لم يرضخ لا لترغيب ولا لترهيب ولا لكل محاولات الاستمالة والتفاوض التي سعت إليها السلطات الاستعمارية. وقال إن الجنرال ليوطي كان يرى في حركة المجاهد الشيخ أحمد الهيبة خطرا سياسيا وحركة تحريرية قد تجمع حولها المعارضين للحماية مما اضطره إلى إنشاء معسكر بمشرع بن عبو (100 كلم من مراكش) وموقعا أماميا بأربعاء الصخور لمواجهة قوات أحمد الهيبة ماء العينين الذي تمكن من الإفلات والاحتماء بجبال الأطلس بعدما تم الفتك بأصحابه ثم توجه بعد ذلك إلى منطقة أكردوس حيث وافته المنية سنة 1919 وخلفه أخوه الشيخ مربيه ربه لمواصلة الجهاد, موضحا أن هذا المجاهد ظل متمسكا بمقاومته للدخيل الاجنبي انطلاقا من إيمانه بالمقدسات الدينية والوطنية والتعلق بأهداب العرش العلوي المجيد. وأشار خلال هذا اللقاء الذي حضره عامل إقليمتيزنيت وأبناء وحفدة الشيخ أحمد الهيبة ماء العينين الذين توافدوا على المنطقة من كل الربوع إلى أن هذا الموسم يعد مناسبة للاعتزاز بملاحم هذا المجاهد الرائد ومحطة لاستلهام الدلالات العميقة والأبعاد الوحدوية للمقاومة وحركة التحرير من أقصى تخوم الصحراء الى أقصى ربوع الشمال لمواجهة الاحتلال الأجنبي, معتبرا أن ملاحم أحمد الهيبة في الجنوب سنة 1912 كانت تتناغم مع معارك الشريف أمزيان في الريف وملاحم معركة الهري سنة1914 ومعارك أنوال وبطولات بوغافر وجبل بادو في الثلاثينات حيث لم ينجح معها المستعمر في التفريق بين أبناء الوطن الواحد وهو يسن ما عرف بالظهير البربري. وقال إن مواقف أبناء الصحراء المغربية الواقعة آنذاك تحت الاحتلال الاسباني كانت مثالا في الشهامة والإباء والروح الوطنية الصادقة والتمسك بالهوية المغربية ومقدساته بل كان منهم صفوة يدعمون خلايا المقاومة بالشمال. ومن جانبه أكد الشيخ ماء العينين محمد فاضل شيخاني بن الشيخ محمدي أحد حفدة الشيخ أحمد الهيبة أنه بالإضافة الى ملاحمه الجهادية ضد المستعمر الاسباني والفرنسي فإن هذا الولي الصالح ورث عن أبيه الشيخ ماء العينين مشيخته الصوفية ودرس علوم الشريعة الإسلامية وعلوم اللغة العربية واشتهر بعلمه الغزير وثقافته الواسعة, مشيرا في هذا الإطار الى أن مهام الشيخ أحمد الهيبة السياسية لم تثنيه غزارة العلم والتأليف في جميع الميادين الدينية والثقافية. وقال إن هذا الموسم الديني السنوي يعتبر مناسبة لاستحضار مختلف مناحيه البطولية في مقاومة المستعمر الاجنبي وتنشئة الجيل الصاعد من أبناء وحفدة هذا الشيخ الورع على نهج نفس السيرة, وقد ترك الشيخ أحمد الهيبة ماء العينين الذي توفي سنة 1919 ودفن بمنطقة أكردوس بإقليمتيزنيت عدة مؤلفات منها «سراج الظلم في ما ينفع المعلم والمتعلم» و«سرادقات الله الدافعة للبلايا» ومصنف في الحديث وأجوبة فقهية وعدة دواوين شعرية.