أكد السيد مصطفى لكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، اليوم الاثنين بسيدي إيفني ، أن انتفاضة قبائل آيت باعمران في 23 نونبر من سنة 1957 تعتبر "تراثا كفاحيا مشتركا بين جميع المغاربة ، ونضالا طافحا بالملاحم و البطولات وزاخرا بالأمجاد والمكرمات". وأوضح لكثيري ، خلال مهرجان خطابي أقيم تخليدا للذكرى 52 لانتفاضة قبائل آيت باعمران ضد الاستعمار الإسباني ، أن هذه المحطة النضالية المشرقة تشهد على ما يطفح به تاريخنا التليد من أمجاد وبطولات ، مشددا على أنه يتعين على الباحثين والمؤرخين وكل المهتمين تسليط المزيد من الأضواء على هذه الملحمة للتعريف بأحداثها ووقائعها.
وذكر أن الاحتفال بهذه الذكرى المباركة يشكل فرصة سانحة لاستلهام الدروس والعبر لاستنهاض الهمم وحشد الطاقات وإذكاء الحماس في النفوس وحثها على التفاعل الايجابي مع الدعوة للانغمار في مسلسل البناء والنماء لكسب رهانات الألفية الثالثة.
وأشار إلى أن هذه المنطقة ، التي انطلقت منها شرارة انتفاضة قبائل آيت باعمران في مثل هذا اليوم من سنة 1957 ، شكلت خلال ثورة الملك والشعب معقلا للانخراط في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الأجنبي إلى أن تحقق النصر المبين برجوع جلالة المغفور له الملك محمد الخامس إلى عرشه حاملا لواء الحرية والاستقلال.
وبعد أن استعرض السيد لكثيري الملاحم البطولية لقبائل آيت باعمران ، الذين وقفوا بكل شجاعة ضد أساليب الترغيب والترهيب التي لجأ إليها الاستعمار لتمرير مخططاته والتفريق بين أبناء الوطن الواحد ومنها رفضهم لقانون التجنيس الذي حاولت اسبانيا فرضه عليهم ، أكد أن المجاهدين في المنطقة لقنوا المستعمر دروسا لا تنسى في التشبث بالوطنية الصادقة والاستماتة في الدفاع عن حوزة الوطن وعزته وكرامته .
وأضاف أن معركة التحرير بقيادة العرش العلوي المجيد تواصلت بعد جهاد قبائل آيت باعمران ، حيث استطاع المغرب استرجاع مدينة طرفاية سنة 1958 وسيدي إيفنى سنة 1969 ، وتكلل المسار التحرري سنة 1975 بالمسيرة الخضراء المظفرة التي استعاد بفضلها المغرب أقاليمه الجنوبية محققا وحدته الترابية.
وفي معرض حديثه عن الجهود التي تقوم بها المندوبية السامية للحفاظ على الذاكرة الوطنية للمقاومة ، ذكر السيد لكثيري بإحداث متاحف تجسد أمجاد ومفاخر النضال البطولي الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجيد، في سبيل الحرية والانعتاق ، وتشجيع البحوث والدراسات والأبحاث الجامعية ، ومواصلة العمل بإعداد موسوعة الحركة الوطنية وجيش التحرير، والتوثيق واستنساخ الوثائق التاريخية المتوفرة داخل الوطن وخارجه وتسجيل الشهادات الحية والروايات الشفوية ، وإصدار منشورات تتضمن دراسات وأبحاث وشهادات حول تاريخ المقاومة الوطنية .
كما ذكر السيد لكثيري، بحرص المندوبية على مواصلة خدمة أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير بالعمل على تحسين وضعيتها المادية والاجتماعية، مشيرا إلى ما تحقق من مكاسب ومنجزات لفائدة هذه الأسرة ومنها على الخصوص منظومة التغطية الصحية الأساسية والتكميلية التي بدأ العمل بها في فاتح يناير من سنة 2008 ، والمساعدات والمنح والمنافع التي تقدمها المندوبية إلى أرامل الشهداء وأبنائهم وذويهم، بالإضافة إلى الإعانات المقدمة لأبناء المقاومين الحاملين للمشاريع وذلك لتسهيل ولوجهم عالم الاقتصاد والمقاومة.
وأعرب المندوب السامي عن مساندة أسرة المقاومة وجيش التحرير لمضامين الخطاب السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 34 للمسيرة الخضراء ، والذي أكد فيه جلالته عزم المغرب الراسخ على التصدي بكل قوة وصرامة لكل المتآمرين على القضية الوطنية والتمسك بالوحدة الترابية للمملكة وبمقترح الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية.
وفي اختتام المهرجان الخطابي تمت تلاوة نص برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس .كما تم بهذه المناسبة تكريم 16 مقاوما ، فضلا عن
توزيع مساعدات مالية على بعض أفراد أسرة المقامة وأعضاء جيش التحرير بمدينة سيدي إيفنى.
وكان السيد لكثيري قد قام قبل ذلك رفقة عامل إقليمتزنيت السيد ادريس بن عدو والمنتخبون ورجال السلطة المحلية وأفراد أسرة المقاومة بالترحم بضريح سيدي محمد بن عبد الله بجماعة مير اللفت على أرواح الشهداء.
كما قام الوفد ، في غمرة الاحتفالات بهذه الذكرى ، بإعطاء الانطلاقة لأشغال ربط مركز جماعة صبويا بالطريق الإقليمية رقم 1901 على طول 16 كلم بغلاف مالي يناهز 6 مليون درهم ممول من طرف صندوق التنمية القروية.
وبجماعة الساحل ، أزاح المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الستار عن اللوحة التي تحمل اسم الشهيد ابراهيم بن محمد واخزان الذي أطلق على الثانوية الاعدادية بالساحل .
ومن جهة أخرى عقد السيد مصطفى لكثيري مساء اليوم الاثنين بالدشيرة الجهادية بعمالة انزكان آيت ملول لقاء تواصليا مع المنتمين لأفراد أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير.