ما أضحى يُعرف بالسبت الأسود بمدينة سيدي إيفني ، حيث خرجت المدينة للاحتجاج بعد تدخل الأمن لفك اعتصام بدأه مواطنون ساخطون على الدولة يطالبون بالعمل، بميناء المدينة، كان تتويجا لتاريخ طويل من نضال قبائل آيت باعمران، إحدى أشهر القبائل المغربية المعروفة بمقاومتها الشرسة للاستعمار ثم للمخزن فيما بعد. "" 2005 بدأت شرارة الاحتجاج المدينة كانت هادئة يعرفها المغاربة مرة كل سنة للاحتفال باسترجاعها من قبل المغرب،غير أن أخبارها ستطفو على السطح سنة 2005 إذ اجتمع ممثلو جمعيات المجتمع المدني بالمدينة وينشط كثير منهم في أحزاب سياسية يسارية في معظمها، ليؤسسوا السكرتارية المحلية لسيدي إيفني، وتضمن البيان مجموعة من المطالب منها " إنشاء محافظة بسيدي إيفني وإلحاقها بجهة سمارة كلميم" وذلك للاستفادة من مجموعة من الامتيازات، أما المطلب الثاني فكان "توفير مناصب شغل كتلك التي تحدثها الدولة لمغاربة المقيمين بالصحراء، بالإضافة إلى إنهاء بناء ميناء المدينة ومنطقة صناعية. ثم إنجاز الطريق الساحلية بين سيدي إيفني وطانطان، ثم توفير الخدمات الصحية وإلغاء تسعيرة الاستشفاء بالمؤسسات العمومية. ولم تبدأ المسيرات الشعبية في المدينة إلا في يوم 22 ماي 2005، نظمت "السكرتارية" مسيرة بالمدينة دون أن تحصل على ترخيص من الدولة، وشارك في المسيرة 900 شخص، وقد اعتقل ثلاثة أشخاص قبل أن يطلق سراحهم، وكان تاريخ 30 يونيو 2005 مهما، فقد طالبت السكرتارية أو التنسيقية سكان المدينة بعدم الاحتفال بإحدى أهم الذكريات في المدينة وهي الاحتفالات باسترجاع المدينة واستقلالها عن الاستعمار الإسباني، وقد حمل عدد من السكان الشارات السوداء. ويوم 8 غشت 2005 نظمت مسيرة أخرى للمطالبة بالمطالب السالفة الذكر، وقد قمعت من قبل الشرطة، وقد توجه أعيان من آيت باعمران (أشهر قبيلة تقطن المدينة) إلى محافظ تيزنيت وبعد اتصالات سمح للمسيرة بالاستمرار وسحبت القوات، بعد ذلك سيلتقي وفد بمجلس جهة سوس ماسة درعة، وقد وعدوا بمجموعة من الوعود تهم التشغيل بصفة خاصة. مرة أخرى قاطع السكان مجددا احتفالات ذكرى استرجاع المدينة، وقد اعتقل 25 شخصا بعد تنظيم وقفة احتجاجية، فخرجت المظاهرات ثم أطلق سراح المعتقلين. وخلال سابع سبتمبر 2007، موعد الانتخابات التشريعية، دعت التسيقية المحلية إلى مقاطعة الانتخابات، بعد شهرين سيلتقي محمد الوحداني، رئيس التسيقية، بالملك في كلميم وقدم له ملفا مطلبيا، لكن شرارة الاحتجاجات الأخيرة جاءت على خلفية قرعة لاختيار ثمانية أعوان، فقد تقدم للمباراة ألف شخص، المنصب بسيط وراتبه لا يتجاوز ألفي دولار، لكن هؤلاء الشباب سيحتجون على الزبونية، ليعتصموا في ميناء المدينة، واستمر الاعتصام لتسعة أيام مما أتلف 800 طن من الأسماك بعد محاصرة 89 شاحنة بالميناء ولم يسمح لها بالمغادرة، وليلة الجمعة السبت تدخلت الشرطة لتفريق المعتصمين فكانت بداية الاعتصامات. قبائل هزمت المستعمر لكن المغاربة يتذكرون تاريخ هذه المدينة، يتذكرون انتفاضة قبيلة آيت باعمران الأمازيغية ضد الاستعمار الإسباني ويخلدونها كل 23 نونبر ، حدث ذلك عام 1957، وقد أضحت إحدى الملاحم المغربية المشهورة. تحد قبائل آيت باعمران شمالا وادي سيد محمد بن عبد الله وجنوبا وادي أسا، فهي واقعة على تخوم الصحراء والمحيط الأطلسي. من أشهر قبائلها آيت الخمس وآيت إخلف وآيت إعز وأيت النص وآيت عبلا وإمستيتن وإصبويا. وهي قبائل أمازيغية. الاستعمار الإسباني دخل المدينة بعد توقيع معاهدة بين المغرب وإسبانيا عام 1860، كان المغرب قد انهزم أمام الإسبانيين ففرضوا عليه غرامة ووقع معاهدة تطوان يخول لإسبانيا الحق في التدخل في سيدي إيفني وجزر كناريا الوقعة في المحيط الأطلسي، والتي أضحت منذ ذلك التاريخ أرضا إسبانية. لكن إسبانيا ستغادر المنطقة. وبعد الحماية الفرنسية على المغرب وقعت تدخلات عنيفة لإخضاع قبائل آيت باعمران، لكن صعوبة التضاريس وقفت حاجزا كبيرا أمام التوغل الفرنسي، بل إن القبائل عام 1912 قطعت رأس المغربي الذي كان على رأس الحملة العسكرية ويدعى حيدة مايس المنبهي وظل الرأس يطاف به في الأسواق لمدة شهر كامل. تحالفت القبيلة الذائعة الصيت مع قبائل كثيرة منها حلف تاكيزولت وحلف تحكات مع آيت باعمران. وقد عادت فرنسا سنة 1917 لتنظيم حملة عسكرية للقضاء على مقاومة آيت باعمران، وتعرف في المنطقة بالحملة الجينرالية قادها الجينرال الفرنسي دولاموط. غير أن هذه القبيلة أوقفت الزحف الفرنسي ورفضت الجلوس مع المستعمر على طاولة المفاوضات. ظلت مقاومة هذه القبائل على حالها إلى أن وقعت اتفاقية "الهنا" بينها وبين المخزن بمنطقة ثلاث لخصاص عام 1934. ونصت الاتفاقية على يشمل هذا الهنا كافة قبائل آيت باعمران ما عدا أهل الساحل الذين هم كافة في المنطقة الفرنسية، وأن تلتزم قبائل آيت باعمران بامهيد الهنا والصلح في جميع الأحوال فيما بينهم وبين المخزن والمصارفة معه بالإحسان، وأن يخرجون من بلادهم جميع القبائل التي هي عاصية للمخزن خصوصا آيت حربيل وآيت خباش ويمنعوهم من السكنى ببلادهم، وأن تلتزم قبائل آيت باعمران بحفظ جميع الطيارات التي عسى أن تقع ببلادهم، وأن التزام المخزن بأن لا يدخل بلاد آيت باعمران التي هي في المنطقة الفرنسوية بل الإسبانية على حساب الحدود التي ستغير في المستقبل حسبما ذكر أعلاه، وأن التزام أيضا السماح لآيت باعمران بالمرور في منطقته ويتسوق أسواقه غير أن السلعة المجلوبة من هذه الأسواق خاصة بآيت باعمران. وكانت إسبانيا جلبت عددا منهم كي يشاركوا فرانكو في حربه الأهلية الداخلية، ومكافأة لهم منحهم فرانكو الجنسية الإسبانية بموجب قانون التجنيس لعام 1947، غير أن القبيلة سترفض ذلك، سيحتج السكان على ما سموه سلخ هويتهم ودينهم، مرت السنوات وسيقود محاربو القبيلة المتمرسون أهم ثورة ضد الاستعمار كان ذلك يوم 23 نونبر1957 سيسطر مقاومو القبيلة على مراكز الجيش الإسباني واستمرت المقاومة إلى عام 1969، سقط عدد كبير من القتلى وتكبدت إسبانيا خسائر في جيشها. وخلال هذه السنة ستعود القبيلة إلى السيادة المغربية بعد اتفاق 19 مايو بين وزير الخارجية المغربي ونظيره الإسباني، وكان بروتوكول الموقع يقضي ب"بقاء القنصلية الإسبانية بإيفني" و"تدريس اللغة الإسبانية بآيت باعمران" و"الحفاظ على المنشآت الثقافية والإدارية الإسبانية لخدمة مواطني وشباب آيت باعمران" و"فتح الطريق التجارية بين جزر كناريا وسيدي إيفني" وتدشين "المنار، المطار". كثير من هذه المطالب كانت سبب هذه الانتفاضة الشعبية التي شهدتها المدينة ليلة الجمعة السبت الأخيرين، انتفاضة لا يبدو أنها ستتوقف باعتقال سبعة أشخاص وقرب تقديمهم إلى قاضي التحقيق.