التطورات المتسارعة تبقي جميع الاحتمالات واردة والرباط ترفض جميع أشكال الضغط والابتزاز
* العلم: الرباط بدأت الأزمة التي تعرفها العلاقات المغربية السعودية تخرج إلى العلن بوقائع و تطورات واضحة وذات دلالات كبيرة. فبعدما اكتفت الرباطوالرياض بتبادل الإشارات المشفرة منذ شهور بما فهم منه أن العلاقات بينهما دخلت مرحلة اضطرابات قوية، فإن التطورات الإخيرة المتلاحقة توضح أن التطورات تسير بخطوات سريعة نحو إنفجار أزمة غير مسبوقة بين البلدين. ويبدو أن البداية التي عرجت بالعلاقات بين بلدين قدما لفترات طويلة من الزمان نموذجا للعلاقات الثنائية الجيدة تمثلت في الأزمة التي اشتعلت بين قطر وأربع دول عربية أخرى وهي السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وجمهورية مصر العربية، حيث التزم المغرب الحياد المطلق وحافظ خلال الفترة الصعبة في هذه الأزمة على خط الود مع جميع الأطراف. ومن المحقق فإن الرياض لم تكن مرتاحة ولا راضية على موقف المغرب ، إذ كانت تتوقع ممن تعتبره خائفا استراتيجيا أن يسارع إلى إعلان مساعدتها ضد قطر، و هي وإن لم تكشف عن هذا الغضب الصامت فإنها لوحت بذلك من خلال بعض الإشارات كان أهمها تصويت الرياض ضد المغرب في الترشيح لتنظيم نهائيات كأس العالم في كرة القدم، وما رافق ذلك من تصريحات لمسؤولين رياضيين سعوديين ، و كانت الرباط قد ردت بطريقتها حينما اعتذر وزيرها في الإتصال عن حضور اجتماع لوزراء إعلام دول التحالف في اليمن، و كانت الرباط قد ردت بطريقتها حينما اعتذر وزيرها في الإتصال عن حضور اجتماع لوزراء إعلاماط سعت جاهدة إلى التخفيف من حدة التوتر إذ قام جلالة الملك محمد السادس بمبادرات مهمة في هذا الصدد من قبيل القيام بزيارات متعددة لدولة الإمارات العربية المتحدة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا، بل وتصادف وقوع أحداث ومستجدات زادت من حدة التباعد خصوصا سطانبو حادث تقطيع وقتل الصحافي السعودي جمال الخشقاجي بمقر القنصلية السعودية باسطانبول، حيث حرصت الرباط على عدم الإساءة، لا من قريب و لا من بعيد، إلى الأشقاء في العربية السعودية ونأوا بالمغرب من الدخول في متاهات معينة، ولكن الرياض لم تقنع بما قامت به الرباط ويبدو أنها مرة إخرى كانت تول على موقف قوي لفائدتها من خلال الإعلان الصريح عن التضامن معها ومعاداة حكومة تركيا، لكنها هذه المرة ظلت صامتة ولم تقم بما من شأنه تسريع انفجار الأزمة بين البلدين.
وإن لم تتوفر معطيات دقيقة عن جولة الأمير سلمان ولي العهد المملكة العربية السعودية قبل توجهه إلى المشاركة في قمة الدول العشرين في العاصمة الأرجنتينية ، حيث راجت أخبار عن رغبة ولي العهد السعودي في القيام بزيارة خاطفة للرباط كما الشأن بالنسبة لزيارته لكل من تونس والجزائر، وأن الرباط لم تُبْد حماسا في التجاوب مع هذه الرغبة، والمهم في كل هذا أن الرباط و الرياض نجحتا مرة أخرى في التستر عن الحقائق الكاشفة لما جرى و حدث، واجتازت العلاقات بين البلدين هذه المحطة بصعوبة كبيرة، إلى أن طرأ مستجد جديد تمثل هذه المرة في المرور الإعلامي لوزير الخارجية المغربي في قناة الجزيرة القطرية، العدو اللذوذ للرياض، و اختارت الرياض هذه المرة الضغط بقوة على الزناد لتسديد طلقات خطيرة بأن أصدر مسؤولون سعوديون أوامر للقناة الفضائية السعودية ” العربية ” بتقديم برنامج إخباري تلفزي حول الصحراء المغربية تضمن إساءات واضحة للمغرب فيما يتعلق بوحدته الترابية، حيث بدا واضحا أن المسؤولين في الرياض اقتنعوا باستخدام قضية الصحراء المغربية للي ذراع الرباط و من تم ابتزازها، وهذا ما لم تقبله الرباط لتنعرج العلاقات بين البلدين نحو منحى تصعيدي غير مسبوق، وإن حاول السفير المغربي بالرياض القيام بدور الإطفائي لمحاصرة النيران الملتهبة بالقول بأن “الأمر يتعلق بسحابة صيف عابرة” فإن القرارات التي اتخذتها الرباط ، ولم تعلن عنها لحد صباح أمس بشكل رسمي، تؤشر على أن العلاقات بين مملكتين شقيقتين تميزت علاقاتهما دوما بالنموذجية و التفرد، دخلت فعلا مرحلة اهتزازات خطيرة ، حيث تأكد خبر استدعاء المغرب لسفيره بالرياض للتشاور، و هو إجراء ديبلوماسي يؤكد وصول الأزمة إلى مرحلة متقدمة جدا، كما قررت الرباط الإنسحاب نهائيا من الحرب التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، وهو قرار موجه ضد الرياض بصفة واضحة. وفي ضوء كل هذه المعطيات فإن جميع الاحتمالات تبقى واردة بالنسبة لعلاقات فقد الطرفان السيطرة على التحكم في مساراتها، وتؤشر المستجدات الأخيرة لن أن الرباط عازمة على الدفاع على مصالحها وعدم الخضوع ولا الخنوع لمختلف شكمال الضغط والابتزاز التي تقوم بها الرياض.