أثار مراقبون تساؤلات بخصوص تطور العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والمملكة العربية السعودية، على ضوء الأزمة المندلعة حديثا بين السعودية وإيران، على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر، واعتداء محتجين إيرانيين على مقرات دبلوماسية سعودية بطهران ومشهد. وكان لافتا أن الموقف الرسمي للرباط اكتفى في البداية بمناشدة حكام السعودية وإيران بنهج الحكمة، درءا لتداعيات سلبية قد تطال بلدان المنطقة، قبل أن يعود وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، إلى إعلان تضامن المملكة مع السعودية، وانتقاد الاعتداء على تمثيلياتها الدبلوماسية بإيران. وسجل متابعون مغاربة ما رأوه "تراجعا" في إشعاع علاقات الرباط والرياض، ومنهم القيادي في حزب الاستقلال عادل بنحمزة، الذي أورد أن "الموقف المغربي الرسمي مما يجري من توتر كبير بين السعودية وإيران يطرح أكثر من علامة استفهام عن العلاقات المغربية السعودية، بعد وفاة الملك عبد الله". ويرى البعض وجود تراجع في توهج العلاقات الثنائية بين الرباط والرياض، خاصة بعد تولي الملك سلمان سدة الحكم في السعودية، بدليل أن الرباط لم تعلن "غضبها" إزاء إيران مثل السودان والبحرين وغيرهما، بينما في واقعة سابقة قرر المغرب قطع علاقاته مع إيران في مارس 2009، تضامنا مع البحرين، وفي خلاف أقل من النزاع الراهن بين طهران والرياض. وفي المقابل يفند آخرون أي تراجع للعلاقات بين الرباط والرياض، ويستدلون على ذلك بزيارات متبادلة لزعماء البلدين، وخصوصا بانخراط المغرب الكامل في مبادرات السعودية، لاسيما مشاركته في التحالف الذي تقوده السعودية ضد جماعة الحوثيين باليمن، ثم مشاركته أيضا في التحالف الإسلامي العسكري أخيرا ضد الجماعات الإرهابية. ويؤكد الدكتور سعيد الصديقي، الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لهسبريس، أنه "لا يوجد تراجع في وهج العلاقات المغربية السعودية؛ ولعل مشاركة المغرب العسكرية في عاصفة الحزم، وانخراطه غير المشروط في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب تحت قيادة المملكة السعودية، دليلان واضحان على استمرار العلاقات الوطيدة بين المملكتين". وتابع الصديقي بأنه "في ما يتعلق بموقف المغرب من الأزمة الدبلوماسية الحالية بين السعودية وإيران، فإن ما يفسر الموقف الوسط الذي عبر عنه المغرب أنه تم إعلانه قبل وصول الأزمة إلى قطع السعودية لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران، ولو انتظر قليلا لكان موقفه أكثر وضوحا، ولأخذ بعين الاعتبار التداعيات الأخيرة لهذه الأزمة". وذهب المحلل ذاته إلى أنه "يتعين استحضار أن العلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية لا تزال "طرية"، إذ لم يمض على إعادتها رسميا سنة واحدة، بعد ما ظلت مقطوعة ست سنوات كاملة"، في إشارة إلى قرار الرباط قطع علاقاتها مع طهران في مارس 2009 تضامنا مع المنامة. وخلص الأستاذ في جامعتي العين الإماراتية وفاس إلى أن "المغرب يبقى في المعسكر السعودي من الناحية الإستراتيجية، مهما كانت قراءته للأحداث الجارية في منطقة الخليج حاليا، ولا يمكنه أن يفرط في حلفائه الخليجيين في هذه المرحلة الحرجة التي يمرون بها"، وفق تعبيره.