تنعقد هذه الأيام الدورة الحادية عشرة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية في وقت حاسم تحتل فيه الهجرة مكانة بارزة في الأجندة السياسية الدولية، خاصة بعد إعلان نيويورك الصادر في شتنبر 2016، وفي ظل الاستعدادات المتعلقة بوضع ميثاق عالمي للهجرة وميثاق عالمي حول اللاجئين. إن المواقف حول الهجرة في تطور مستمر، لكنها تتسم بوجود اختلافات كبيرة. فمن جهة، أصبحت الهجرة مسألة أكثر حساسية في البلدان التي تواجه مشاكل حادة فيما يخص الاندماج أو سوق الشغل؛ في الوقت الذي يفقد فيه العديد من المهاجرين حياتهم في البحر وفي الصحراء، بينما يستمر الفقر المدقع وعدم المساواة بين الجنسين والكوارث الطبيعية في دفع الأشخاص إلى النزوح والهجرة. من جهة أخرى، نلاحظ اعترافا متزايدا بالآثار الإيجابية للهجرة –عندما تتم إدارتها بشكل جيد-. وقد أولت العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم اهتماما كبيرا لتحقيق أقصى ما يمكن من إيجابيات الهجرة عبر العديد من الشراكات الدولية لضمان هجرة مفيدة للجميع. وتمثل الرئاسة المشتركة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية بين ألمانيا والمغرب مثالا حديثا لهذه المقاربة الإيجابية. تعتبر الرئاسة المشتركة لألمانيا والمغرب مبادرة فريدة لثلاثة أسباب على الأقل. أولاً، فطبيعة الرئاسة المشتركة تضع شركاء الشمال والجنوب على قدم المساواة في تدبير النقاشات حول الانشغالات المشتركة المتعلقة بالهجرة. ثانياً، وللمرة الأولى، قامت هاتان الحكومتان بوضع أهداف واضحة ومركزة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على مدى عامين (وهي الفترة التي تتزامن مع إعداد الميثاق العالمي للهجرة والتنفيذ السريع للجوانب المتعلقة بالهجرة في أهداف التنمية المستدامة). ثالثاً، أعطت الحكومتان في السنوات الأخيرة المثال من خلال تطبيق سياسات استشرافية للهجرة على مستوى بلديهما. الوفاء بالالتزامات الدولية من المقترح أن تنحو النقاشات التي ستجري سنة 2018، امتدادا لسابقتها التي جرت في القمة العاشرة في برلين سنة 2017، حول موضوع «نحو عقد اجتماعي عالمي حول الهجرة والتنمية» في إطار الموضوع العام «الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين من أجل التنمية». خلال انعقاد القمة الحادية عشر للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية في دجنبر 2018، سيكون الميثاق العالمي للهجرة في المراحل النهائية قبل اعتماده، بعد سلسلة من المشاورات الوطنية والإقليمية والدولية بشأن هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، وبذلك تم تدشين مرحلة مهمة نحو إرساء «عقد اجتماعي عالمي». إلا أن اعتماد الميثاق العالمي للهجرة ليس سوى الخطوة الأولى بحيث ستكون 2019 سنة حاسمًة بالنسبة للحكومات وجميع الجهات الفاعلة على المستويات المحلية والوطنية والدولية للشروع في تنفيذ «العقد الاجتماعي العالمي». لقد تم الاعتراف رسمياً في المسودة الصفر للميثاق العالمي بالدور الذي لعبه المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية في الماضي كفضاء للتبادل مكن من «التمهيد لإعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين» وإعداد ميثاق عالمي للاجئين واعتماد هذا الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ونظامية ومنتظمة «. وقد أقرت المسودة صفر للميثاق العالمي أيضًا بالدور الذي يمكن أن يلعبه المنتدى العالمي في المستقبل في إطار تنفيذ الميثاق العالمي للهجرة. وتمحورت النقاشات حول المواضيع الثلاثة التالية والتي ستدرج تلقائيا الأسئلة المرتبطة بحقوق الإنسان ومقاربة النوع والمقاربات الحكومية مع ضمان المشاركة المجتمعية ككل من خلال 6 موائد مستديرة.