أصبحت الكثير من القنوات الفضائية العربية التي يصعب عدها أو حتى تذكرها، تتنافس فيما بينها لإستقطاب أكبر عدد من الرسائل عبر إبتكار برامج الدردشة (chat) على الهواء مباشرة، مساهمة بذلك في هدم كل المقومات والمبادئ والأخلاق التي تربى عليها شبابنا، وبالتالي جرهم إلى متاهات الرذيلة والفسق والإنحراف... فبمجرد إلقاء نظرة وجيزة على شريط الرسائل القصيرة المتواجد أسفل الشاشة في الكثير من الفضائيات سيظهر مدى التفسخ والإنحلال الأخلاقي الذي يعيشه شبابنا، فأغلب هذه الرسائل تحمل دعوات للتعارف أو نقاشات حول مواضيع في الغالب ما تكون تافهة أو دعوات لإقامة علاقات محرمة بألفاظ نابية تخدش الحياء يرسلها شباب من مختلف بقاع الأرض جمع بينهم أمران لا ثالث لهما هاتف نقال في اليد وقناة فضائية في البيت، يرسلون من هذا إلى تلك ما يجول في خواطرهم وما يجيش في صدورهم من ملل وفراغ. وليس المغاربة بمنأى عن هذه الظاهرة بل اقتحموا بدورهم هذا العالم الواسع ولم يعد من الغريب مشاهدة مغاربة يقدمون التهاني ويذكرون المناطق التي ينتمون إليها بالدارجة المغربية. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يلجأ الشباب إلى هذا العبث الهوائي عبر القنوات الفضائية؟ يقول أحمد (19 سنة) إنه محاولة منه لكسر الملل خاصة في موسم العطلة حيث لايجد الطالب ما يفعله سوى قضاء جزء من وقته في الدردشة، في حين يؤكد رشيد (20 سنة) أنها وسيلة للتعبير عن ما يدور بداخله من مشاعر. أما عمر (23 سنة) فيرى أن العيب ليس في الرسائل نفسها بل في من سمح لهذه التجاوزات أن تحدث على الشاشة، وأن هذه الرسائل الهوائية تمت إتاحتها لأغراض محترمة كإرسال التهنئة بالنجاح أو الخطوبة أو الميلاد أو الزفاف لكن للأسف بعض الشباب استخدمها لإقامة علاقات مع بعض الفتيات، ويقول محمد (24 سنة) هذا خطأ كبير يقع فيه الشباب ويجب عدم التمادي فيه لأنه يستنزف الوقت والمال دون أي عائد ثقافي أو تعليمي، فقنوات الأغاني هي أكثر القنوات التي تشجع على استنزاف أوقات وأموال الشباب وهي التي تفتح مصراعيها للفساد وتلويث عقول الشباب وأخلاقهم. فظاهرة ممارسة لعبة الإغواء الفضائي أو الإفتراضي عبر ذبذبات التلفزيون، والتي تعتمد عليها الفضائيات وتعتبرها الدخل الرئيسي لتغطية تكاليف البث وأجور العاملين فيها، لاقت اهتمام الكثيرين من أصحاب الأقلام الناقدة، وفي المقابل كان هناك آخرون يبررون هذه الظاهرة، رافضين وضع القيود عليها تحت ستار قدسية حرية التعبير.