يشكل السكر عنصرا فعالا في المساهمة في ميدان الضرب والجرح، فالسكران يتناوله للشراب المسكر غالبا ما يفقد عقله ويقوم بأفعال منافية للأخلاق والقانون وكثيرا ما تبدأ بممارسة العنف وتنتهي بإلقاء القبض عليه وتقديمه الى جهة القضاء. طبيعة العمل الجماعي: كما يكون العمل فرديا يكون جماعيا وفي نطاق هذا النوع الأخير لابد من ضرورة توفر أدنى حد من عناصر الانسجام بين الأفراد العاملين، وطالما هذه العناصر موجودة، فالوضع يبقى سليما ولايثير أي أشكال إلا أنه في بعض الأحيان يقع سوء تفاهم بين عاملين أو أكثر لسبب من الأسباب فيستمر في الزمن الى أن يستفحل الأمر ويترجم في الضرب والجرح في مقر العمل أو خارجه. خصام الأطفال: هذا الخصام من طبيعته انه يوسع من دائرة الضرب والجرح ويطعمها بالعنف المتبادل بين الكبار. عامل الارث: قد لا يتفق الورثة على قسمة المتروك، مما يجعل بعضهم يستولي على جزء منه أو كل المتخلف، فينشا نتيجة ذلك التفكير في خلق طرق ووسائل من طرف ممن حرموا من حقهم لمواجهة الآخرين وسرعان ما ينتهي بالضرب والجرح. إلا أن ما يلامظ على هذا السبب أن حالاه قليلة إذ نرى أنه أمام الخلاف الحاصل يلجأ أصحاب المصلحة الى القضاء المختص لتسوية المسألة. عقوق الوالدين: تعتبر هذه الظاهرة من الظواهر التي تحظى بتميز هام وهي في تصاعد خطير، وخطورتها تتجلى في كون العقوق يأخذ طابع العنف وفي هذا مساس بتعاليم الدين الإسلامي في أعظم وأسمى مبادئه وما يدل على هذا كله قوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا» (صدق الله العظيم). جريمة الفساد: إن الأسباب التي تؤدي بشكل رئيسي الى ارتكاب هذا النوع من الفعل الجرمي يمكن تلخيصها في أربعة عناصر هي الترتيب التالي: الفقر: يعد هذا العنصر وبحق من العناصر الحيوية التي تدفع بجريمة الفساد الى الأمام، إذ يلاحظ أن أغلبية النساء اللواتي يتم ضبطهن في حالة تلبس بهذا الفعل الجرمي ولمرات متعددة من طبقة فقيرة، ويتمركزن في قيامهن بهذا العمل الجنحي من حيث مكان الممارسة في الأحياء الشعبية، وقد يتخذ البعض منهن الشارع كمدخل شكلي للوصول الى الغاية، وفي هذا الباب نجد أماكن كثيرة يشار إليها بالأصابع بسبب مكانة هذه الظاهرة فيها ولا حاجة للوقوف عندها. الطلاق: إن هذا العمل وأعني به عامل الطلاق وبحسب واقع الحال غالبا ما يؤدي الى بروز ظاهرة الفساد، فالمرأة حينما تطلق تجد نفسها أمام وضعية صعبة لاتستطيع التكيف معها فتنزلق لتدخل في مرحلة جديدة تمردا على المجتمع وانتقاما أو تخفيفا من شدة وطأة الضيق والحرج النفساني الذي أصبح يهددها ويقف أمامها شبحا مخيفا يجلب لها التعاسة والشقاء، فتربط علاقة غير شرعية وقد تكتفي بهذا وقد تتعداه لتحترف الفساد وتأخذه متعة وموردا في نفس الوقت. الخلط بين الخطبة والزواج: بعض النساء أو الكثير منهم لايفرقون بين الخطبة والزواج فحينما يتقدم شخص الى أهل الفتاة وتتم هذه الخطبة يصبح الخطيب والمخطوبة على اتصال جنسي مستمر وهو خطأ فادح لأنهما يكونان في وضعية فساد وليس زواج، فيحصل الحمل وتحدث مشاكل وهي ما نراها على صعيد المحاكم. الظروف المادية الصعبة وأزمة الزواج: يعرف الزواج كنظام أسروي مطلوب تقلصا في تحقيق وضعه بالمقارنة مع السنين الماضية وذلك لشدة صعوبة الظرف المادي الحالي، فأمام هذا الحاجز ظهرت أزمة في الساحة، وبرز على اثرها السلوك الذي بخصوصه نتحدث. وجهة نظر في الموضوع: بعد هذه الإطلالة السريعة والمختصرة على عالم الجريمة، خاصة جرائم السرقة والضرب والجرح والفساد، وبعد تعداد الأسباب وتقييمها على ضوء الإمكانيات المتاحة نسجل ما يلي من النقط التي نعتبرها لبنات ودعائم أساسية في مكافحة مثل هذه الجرائم أو على الزقل التخفيف منها تخفيفا يحقق الأمل المنشود، ففيما يخص السرقة نرى من الأليق والأجدر، لدفع بلائها والتقليص من شرها وجوب وضرورة تعزيز المحطات والأسواق والأماكن والمحلات العمومية التي يكثر فيها ارتكاب هذا الفعل الجرمي وتشكل بالفعل مدرسة تطبيقية للمخططات الإجرامية للعاملين في هذا الميدان بمراكز للشرطة يكون همها الوحيد هو ضمان امن المواطن والحفاظ على كرامته المادية والمعنوية وصيانته من كل خطر من المحتمل أن يهدده من طرف غيره. وبسد هذه الثغرة على هذا الوجه نكون قد حققنا إجراء وقائيا في مكافحة جريمة السرقة بنسبة مقبولة وبأسهل السبل. وبخصوص الضرب والجرح والفساد نرى من باب تحصيل الانسجام مع الأسباب المؤدية الى هذه الجريمة بنوعيها والتي سبق ذكرها في موضعها أن المقترح هو توجيه الفرد بطرق بناءة الى الاهتمام بالتربية الأخلاقية أو التربية الدينية بصفة عامة ليجدد لقاءه مع هذه المادة التي كاد أن يفقدها كلية بسبب تيارات الحصر المادية، ولن يتأتى ذلك إلا بخلق ندوات وتوعية قانونية وأخلاقية هادفة، وبهذا نكون أمام دفاع أخلاقي ضد الجريمة.