إن مرض السكري ناتج عن قصور في عمل غدة البنكرياس. حيث لا تنتج هذه الغدة الكمية الضرورية من الأنسولين اللازم للهضم، وقد ثبت في تجارب متعددة أن مرضى السكر تنخفض نسبة السكر في دمائهم، فتصبح قريبة من الأشخاص العاديين إذا تناولوا عسل النحل الطبيعي. ويمكن تعليل هذه الحالة بوجود مادة مؤكسدة في العسل تجعل تمثيل سكره أكثر سهولة في الجسم فلا يظهر نسبة عالية في الدم كما يحصل في أنواع السكريات الأخرى. ومما يساعد على سرعة تمثيل العسل في الجسم احتواؤه على نسبة عالية من البوتاسيوم. وقد ثبتت فائدة العسل إذا كان مرض البول السكري لا يرجع إلى انعدام الأنسولين، وإنما يرجع إلى صعوبة تنبيه الخلايا التي تفرزه في الدم. وفي هذه الحالة تساعد ملعقة صغيرة من العسل الطبيعي على زيادة سريعة وكبيرة في سكر الدم، مما يؤدي إلى تنبيه خلايا غدة البنكرياس لإفراز مادة الأنسولين. مريض السكري هل يتناول عسل النحل؟ إذا ألقينا الضوء على تركيب عسل النحل الكيميائي فهو يحتوي على75% إلى 80% من السكريات، يمثل سكر "الجلوكوز" 35% منها، وسكر "الفركتوز" (سكر الفواكه)، 40 إلى 45%، وسكر "السكروز" 3%، إضافة إلى العديد من السكريات مثل "المالتوز" والسكريات العديدة. وهذه النسب ليست ثابتة لكل أنواع العسل، فلكل نوع تركيبة خاصة تعتمد على نوعية الرحيق، وتتعدد المصادر الزهرية وطرق تربية النحل والتغذية الصناعية على محاليل سكرية للنحل، إضافة إلى بعض العوامل الأخرى، إذ قد تحصل على عسل نسبة سكر "الفريكتوز" فيه عالية إذا تغذى النحل على رحيق الأزهار وأعطيت فترة كافية لنضج العسل، فهذا قد يناسب بعض مرضى السكري، وخاصة النوع الثاني غير المعتمد على الأنسولين، لأن سكر الفواكه (الفريكتوز) لا يحتاج إلى الأنسولين لإدخاله إلى الخلايا. إن مريض السكري إذا كان يعاني من النوع الأول المعتمد على الأنسولين، فإنه ينصح بعدم تناول العسل. وإذا رغب في ذلك يكون ضمن الحدود المسموح له بها من الوجبة وتحت إشراف طبي، لأن الطبيب هو أعلم بحالة كل مريض. وأما إذا كان الشخص مصابا بالسكري من النوع الثاني، أي غير المعتمد على الأنسولين، والمعتمد على الحمية والرياضة وبعض الأدوية، أي أن نسبة السكر في الدم لا ترتفع لمعدلات عالية، حيث يوجد نشاط في الغدد ليس كافيا لتنظيم مستوى السكر في الدم. وهذا يمكنه تناول العسل الطبيعي ملعقة واحدة (21جم) صباحا قبل تناول أي طعام، وذلك لتنشيط البنكرياس. وهناك الكثير من الأبحاث العلمية العالمية، بعضها يحذر من تناول العسل بالنسبة لمريض السكري، والبعض يؤيد تناوله وفق شروط معينة. فبعض الأبحاث تؤيد تناوله كوقاية وعلاج نظرا لدوره في تحفيز الأنسولين وتعويض الجسم عن ما يحتاجه من مركبات غذائية هامة، مثل المعادن والفيتامينات والأحماض الأمينية ومركبات علاجية أخرى يتميز بها العسل عن غيره. إن مريض السكري، خاصة غير المعتمد على الأنسولين لا يمكن أن يٌحرم هذه المادة الغذائية العلاجية إلا وفق ضوابط وإشراف طبي. وقد ذكر الدكتور محمود الصعيدي، من إدارة التغذية بوزارة الصحة المصرية في محاضرة ألقاها في سنة 1415ه عن عسل النحل بأن معامل "وولم" Woelm الألمانية تنتج محاليل من العسل بعد تصفيته من غروياته تحت اسم "Woelm M2S" مهيأة للحقن بالوريد، ومعروف أن هذه المركبات تخفض سكر الدم، والذين يستفيدون من العسل هم مرضى السكري غير المعتمدين على الأنسولين، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الاستعمال يتطلب أن يكون المريض بدينا، حيث تكون كمية الأنسولين الموجودة في بادئ الأمر طبيعية، وربما تكون أكثر من المستوى العادي، ثم ترهق غدة "لنجرهانز" في البنكرياس، فتضعف عن إفراز الأنسولين، وتتطلب منبها لتنشيطها، وفي هذه الحالة يكون العسل هو أنسب المواد. ويجب أن يكون الاستعمال بحذر، لأن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى إفراز كمية وفيرة من الأنسولين فيسبب استهلاك السكريات. الدكتور كريم العلوي ( دبلوم الدراسات المعمقة في تحليل المواد الأولية النباتية ودكتوراه في الكيمياء العضوية من تولوز بفرنسا)