كثف قادة جبهة البوليساريو في المدة الأخيرة خرجاتهم الاعلامية الاستفزازية المتوقعة في أعقاب قرار مجلس الأمن الأخير والحاملة لتهديدات مباشرة و تلميحات صريحة بالعودة الى حمل السلاح في تحد واضح للقرارات الأممية التي يتذرع مسؤولو البوليساريو بالتزامهم و ترحيبهم بمقتضياتها . و كان الوزير الأول لما يسمى بجمهورية الوهم قد أكد أول أمس في مدريد أن قيادة الانفصاليين " قلقة للغاية بشان ما وصفه الانسداد الذي آل إليه النزاع الصحراوي وهي تريد الانتقال إلى مرحلة أخرى و في حالة فشل الجولة الخامسة من المفاوضات فانه لن يكون أمامها خيار آخر سوى استئناف الحرب". و كان العديد من المتتبعين لملف النزاع في الصحراء المعروض على المنتظم الدولي قد توقعوا أن يبادر الانفصاليون بإيعاز من الجزائر الى تصعيد لهجتهم لاحتواء و نسف الجهود الأممية الساعية لايجاد حل سياسي متراضى عليه للنزاع كردة فعل على الانتكاسة المدوية التي منيت بها المناورات المشتركة للبوليساريو و الجزائر بأروقة الأممالمتحدة ، و أيضا لتحويل الأنظار عن الضغوط الداخلية التي تشهدها مخيمات تندوف و بروز العديد من التيارات المعارضة للنهج الشوفيني المصلحي لقادة البوليساريو المتاجرين بمعاناة و مأساة المحتجزين بمخيمات تندوف لخدمة أغراض وأهداف ذاتية تتقاطع ضمنها مصالح ذاتية مشتركة تجمع الانفصاليين بأطراف نافذة بالنظام الجزائري . و كان ممثل للانفصاليين بالجزائر قد لمح قبل أيام بالجزائر الى ما وصفه "بمحاولة فرض مخاطب وهمي كبديل عن جبهة ، في حين تكلف منسق جبهة البوليساريو مع بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء باطلاق النار في اتجاه كل من فرنسا و اتهمها بمحاولة الإبقاء على النزاعات والمشاكل والصراعات في منطقة المغرب العربي ضمن مسعى فاضح لنسف ما تحقق من تقدم في مسار التسوية السياسية السلمية . و قال محمد خداد في حوار لجريدة صوت الأحرار الجزائرية إن فرنسا لا تريد الخير لهذه المنطقة و زعم أن سياستها خلال الثلاثين سنة الأخيرة هي محاولة الإبقاء على النزاعات والمشاكل والصراعات قائمة في منطقة المغرب العربي كما وصف طريقة معالجة الأممالمتحدة للقضايا المرتبطة بملف النزاع بسياسة الكيل بمكيالين . وتنضاف خرجة القيادي الانفصالي التصعيدية الى تصريحات نارية صادرة عن زعماء جبهة البوليساريو في الفترة الأخيرة تعرقل مسارات رزنامة التسوية السياسية التي أسس لها القرار الأخير لمجلس الأمن و كلف المبعوث الأممي بتنفيذها و التي كانت موضوع ترحيب من كل أطراف النزاع . و كان الأمين العام الأمين العام لما يسمى بالاتحاد العام للطلبة الصحراويين و القيادي بالجبهة المزعومة قد شكك بدوره ضمن مخطط التصعيد و النسف المذكور في نوايا منظمة الأممالمتحدة ومساعيها لإنهاء النزاع مع المغرب وهدد صراحة بالعودة إلى الكفاح المسلح و نقل عنه قوله في ندوة صحفية بالعاصمة الجزائرية أن "الصحراويين فقدوا الأمل في تسوية سياسية للنزاع مع المغرب الذي دخل عامه ال34 و أن الكفاح المسلح يشكل " الطريق الوحيد والضرورة الحتمية" .. و بالمقابل تناسلت بالعاصمة الجزائرية في الآونة الأخيرة منتديات و ندوات خصصت السلطات الجزائرية مواضيعها لتمكين جبهة الانفصاليين من بريق إعلامي بعد النكسات الديبلوماسية المتتالية وجندت لها محاضرين منتقين بعناية لإطلاق سهام النقد اللاذع في إتجاه كل من فرنسا و الولاياتالمتحدةالأمريكية و تحميلها مسؤولية ما وصفته باستمرار محنة الشعب الصحراوي في مخيمات العار بتندوف . و يجمع مهتمون أن تحركات الآلة الدعائية و الديبلوماسية في هذه الظرفية السياسية الحساسة التي يسعى خلالها المنتظم الدولي للدفع بمسار المفاوضات بين أطراف الملف في إتجاه بلورة حل سياسي متوافق عليه يندرج ضمن خطة إستباقية لتعطيل و الالتفاف حول الجهود السياسية المبذولة عبر فتح جبهات التصعيد الاعلامي و الميداني .