تقوم الإستراتيجية الإعلامية للبوليساريو المدعومة جزائريا بمال البترول و الغاز، و بالمؤسسة العسكرية الجزائرية على استعمال حقوق الإنسان و الحريات العامة في إقليم الصحراء، الموجود تحت السيادة المغربية كسلاح في صراعها ضد المغرب، الغاية هي الإساءة إليه و تشويه صورته أمام الرأي العام العالمي، و توظيف هذا الملف المصطنع كورقة لتضليل الدول و الأممالمتحدة. فالانفصاليون الصحراويون، و هم بالمناسبة أقلية، نجحوا إلى حد ما في اختراق بعض الأحزاب السياسية، و بعض البرلمانات و الجمعيات المحسوبة على اليسار العالمي، في أوروبا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية (جمهوريات موزية و مجهرية) ، للضغط على حكوماتهم و على الأممالمتحدة، قصد استصدار قرار يدين المغرب بصفته دولة "مارقة" و "متمردة" على المواثيق الدولية و القانون الدولي الإنساني. "" أهداف هذه الحملة المنظمة و هذه الزوبعة الإعلامية الممنهجة، التي تحركها أقلام مأجورة، هو حمل مجلس الأمن الدولي على وضع نزاع الصحراء في خانة البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، و تحويل اختصاصات القوات المتحدة الموجودة في الصحراءMINURSO ، من قوات مكلفة بالإشراف على اتفاقية وقف إطلاق النار بين المغرب و جبهة البوليساريو، الموقعة سنة 1991، إلى قوات تدخل لحفظ السلام و حفظ الأمن في الإقليم. أو بعبارة أخرى، إخضاع إقليم الصحراء للإدارة الأممية من جديد، و إرجاع الأمور إلى المربع الأول. و بما أن الجزائر سجلها اسود في ميدان حقوق الإنسان، وبما أن بيتها من زجاج في هذا المجال ، و ملفاتها كثيرة و ثقيلة في هذا الموضوع المطروح أمام أكثر من محفل، و أمام عدة محاكم جنائية دولية، ملفات لا زالت مفتوحة أمام الأممالمتحدة و جمعيات حقوقية عالمية و أمام العدالة الدولية، فإنها تلجأ إلى انتقاد المغرب و الإساءة إليه من خلال إعلان حرب حقوقية وهمية عليه بالوكالة، أي استعمال البوليساريو كسلاح، لجر النزاع الى خانة أخرى، عنوانها الحرب النفسية و التضليل لإحراج المغرب امام المنظمات الدولية و الرأي العام العالمي ، اسطوانة مشروخة يعاد كل مرة تسويقها في كل مناسبة. و للتاريخ نقول بدون مدح أو غرور، أن المغرب أصبح الدولة العربية الوحيدة في المنطقة التي قطعت أشواطا مهمة في مسلسل إرساء دولة الحق و القانون، و حماية حقوق الإنسان، و تفعيل الحريات الجماعية و الفردية على المستوى العمودي و الأفقي، معترفا بكون الطريق طويل و شاق و مليء بالألغام، ويحتاج إلى المثابرة و الصبر و النضال ضد كل الطفيليات، وعدم الالتفات الى نباح و عويل الاخرين، عمل متواصل يهدف إلى ترقية المواطنة في المجتمع المغربي. فالشعوب و الأمم لا تصبح ديمقراطية في يوم واحد، فما أنجز في العشرية الأخيرة لحكم الملك محمد السادس يطابق المعايير و المقاييس الدولية، رغم التشويش و التشويه الذي يتعرض له هذا المسار من قبل الجزائر و صنيعتها البوليساريو، و رغم جيوب المقاومة و الصعوبات الداخلية و الخارجية التي تحد من الوتيرة المتسارعة للإصلاح و التغيير. في المقابل، فالوضع الحقوقي في الجزائر و في مخيمات المحاصرين بتندوف، هو كارثي حسب تقارير الأممالمتحدة و جمعيات حقوق الإنسان، و يتم استعماله كأصل تجاري و شعار سياسي فارغ، تهريج يثير الاشمئزاز و السخرية، الهدف منه التغطية و التضليل و الالتفاف عن ما يحدث في الواقع من ممارسات لا قانونية و لا إنسانية في الجزائر و من انتهاكات لحقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين بتندوف، فالمحتجزون بصفة قسرية في تندوف موزعون على مخيمات متباعدة، و منتشرة في الصحراء الشرقية. كما أن هذه المخيمات هي عبارة عن ثكنات عسكرية و سجون كبرى مليئة بالسلاح و المتفجرات، يستعملها الجيش الجزائري لسجن آلاف الإسلاميين الجزائريين و تصفيتهم بأيادي قادة البوليساريو بالنيابة و على رأسهم محمد بطل. إنها مخيمات العار التي لا تخضع لأي مقياس من مقاييس اللجوء التي تعتمدها المفوضية السامية للأمم المتحدة (مخيم الداخلة يبعد عن مخيم الرابوني ب 175 كلم). فشهادات الصحراويين الذين نجحوا في الفرار من موت محقق كشفت العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، على جميع المستويات و بجميع الأساليب البشعة، و خاصة في سجون المنظمة الانفصالية، التي يمارسها البوليساريو و ضباط القبعات السوداء الجزائريون على اللاجئين الصحراويين الأبرياء. فالبوليساريو أصبح يتوفر، بفضل الخزينة و الخبرة العسكرية الجزائرية، على نظام قضائي و محاكم و سجون و مخابرات سرية، فوق التراب الجزائري وفوق القانون، و تحت الإشراف المنظم و المباشر للجزائر، ‘‘الدولة المضيفة‘‘. فالصحراويون المحتجزون في المخيمات لا يحق لأي واحد أو واحدة منهم تعرض لشطط أو تعسف أو ظلم أو اغتصاب او تعذيب اللجوء إلى القضاء الجزائري، أو توكيل محامي من نفس البلد للدفاع عنه من هذا التسلط و القمع و الانتهاك السافر لحقوقه أمام المحاكم الجزائرية. فميليشيا الانفصاليين هي القاضي و المحامي و الجلاد و السجان، فكل المخيمات مطوقة و محروسة باحزمة أمنية جزائرية و انفصالية، لا يسمح بالخروج منها لأحد إلا بتراخيص خاصة أو رهائن عائلية تبقى في المخيم (بقاء الزوجة او الزوج او الأطفال)، لقد تحولت إلى سجن كبير محاط بأسلاك شائكة مكهربة و ملغمة كخط موريس (MAURICE)، الذي أقامه الفرنسيون بين المغرب و الجزائر في نهاية الخمسينات، بالإضافة إلى هذا، فالبوليساريو لا يسمح لأحد برفع أي شكاية أمام القضاء الجزائري، الذي تبعد محاكمه أمثارا قليلة من هذه المجمعات السكنية الهشة و المتآكلة التي تعتبر من أبشع مخيمات اللاجئين في العالم. إنه فعلا وضع حقوقي شاذ و مأساوي معروف، و مسكوت عليه من طرف المفوضية السامية الأممية للاجئين و قوات المنورسو و منظمة الصليب الأحمر الدولي، فليس لهذه المنظمات الدولية الحق في الزيارة أو الملاحظة أو الانتقاد أو النظر في هذه الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان في المخيمات أو حتى لقاء المساجين السياسيين، الذين ينتمون الى جنسيات مختلفة، خاصة الجزائريين و الموريتانيين و الطوارق و المغاربة. فهذه المجاميع البشرية تعيش فعلا في قبور تسمى "ولايات" زادها سوء التغذية و الحرارة المرتفعة (50 درجة تحت الظل). أما حرية التعبير أو حرية التنقل أو الاندماج أو العودة الطوعية فهي مبادىء ممنوعة التداول، و الحديث عنها مرفوض بين سكان المخيمات، و النقاش في هذه الأمور السياسية من المحرمات عند قادة البوليساريو، مما يعتبر خرقا واضحا للقانون الدولي الإنساني و لمبدأ حرية التعبير. فالمرصد العالمي للسجون و منظمة العفو الدولية و منظمة فرنسا الحريات و جمعية نساء بلا حدود الأمريكية سجلوا بشاعة و وحشية كل أشكال التعذيب اليومي، التي يمارسها البوليساريو في مواقع الحصار، إلى حد أصبح فيه الاغتصاب و العبودية إلى جانب التعذيب النفسي أمرا شائعا، بل إن قادة الانفصاليين يشجعون التناسل و الدعارة بالقوة لتضخيم سكان المخيمات، للقول بأن الموجودين في مخيمات لحمادة بولاية تندوف الجزائرية هم أكثر عددا من الموجودين في الأقاليم الجنوبية المغربية. فهذه الحالات فضحتها منظمة حقوق الإنسان الأمريكية هيومن رايتس ووتش HRW سنة 1995. إن توظيف وضعية اللاجئين الصحراويين المأساوية في الدعاية الانفصالية للبوليساريو هي تقنية عسكرية استخباراتية اصبحت معروفة في العالم، فالكل انتبه الى هذه الطرهات و الأكاذيب، التي يسعى من وراءها البوليساريو جلب العطف و المساندة و المساعدة الغذائية و الطبية و المالية، التي أصبحت مصدرا لتجارة مربحة و عابرة للحدود. فهؤلاء السكان العزل هم، في الواقع و حسب القانون الدولي الإنساني، محتجزون بالقوة العسكرية من طرف البلد "المضيف" و صنيعته البوليساريو. وضع شنيع لا إنساني يضرب مبدأ العودة الطوعية و حرية التجول أو التنقل أو الاندماج في الجزائر في الصميم، مخالف لما تنص عليه المواثيق الدولية. مشاهد مسكوت عنها، تحدث أمام أعين المجتمع الدولي بدون أية ردة فعل ،بل بتواطئ منه ضد المغرب، فالسكوت علامة الرضا!. فكل صحراوي محتجز حاول الهروب كان مصيره السجون السرية، المليئة بالشيوخ و الأطفال و النساء، بل بعائلات بأكملها مقبورة و مطمورة في أقبية رملية. فالبوليساريو وليد الجزائر، أحدث مديرية الاستعلامات الخاصة، إي مخابرات سرية مختصة في قمع كل انتفاضة أو تحرك في المخيمات، و في نفس الوقت هي بوق للبروباكوندا و التعبئة و صناعة أساطير خيالية حول انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء المغربية لتوهيم و تضليل الناس، فقادة الأمن الجزائريون معروفون بقساوتهم و جبروتهم، و معهم شرذمة دموية صحراوية اختارت الانفصال و التحالف مع الجزائر و الانتحار التاريخي، فكلهم متابعون وهم موضوع عدة شكاوي أمام القضاء الدولي و الإسباني بالخصوص، إلى درجة أصبح الصحراويون ينعتون قائد الأمن العسكري للبوليساريو ببول بوت البوليساريو (الزعيم الشيوعي الكمبودي). إن هذه المنظمة تحارب كل رأي مخالف، بل تمحي أثره بدفنه حيا في الصحراء، كما وقع لبعض الموريتانيين و الإسلاميين الجزائريين، أعضاء جبهة الإنقاذ الإسلامية في السجن السري لربوني، و سجن 27 فبراير السيئ الذكر. أما السجن المسمى بالرشيد فقد بناه الجيش الجزائري على شاكلة سجن واد الناموس في عمق الصحراء الشرقية، يضم موريتانيين و صحراوين و جزائريين و مغاربة وطوارق و حتى بعض المهاجرين السريين الأفارقة، فهو عبارة على قبور بشرية يتعايش فيها السجين السياسي مع العقارب و الأفاعي، و كثيرا منهم ماتوا بالعطش و الجوع و السم. فالبوليساريو، عفوا الجزائر، منعت عدة منظمات إنسانية بزيارة هذه المواقع السرية، التي لا يقبلها العقل و لا القانون و لا الإنسانية. و مع ذلك، لا زالت الجزائر الرسمية تحاول توظيف انتهاكات حقوق الإنسان الخيالية و الوهمية في إقليم الصحراء لخدمة طموحها الإقليمي و أطماعها الجيوستراتيجية في الصحراء الكبرى بدون حياء أو خجل. فإذا حاولنا مقارنة وضعية و واقع حقوق الإنسان بين الجزائر و ربيبتها البوليساريو من جهة و بين المغرب من جهة أخرى، نلاحظ أنه، قياسا للمعايير الحقوقية المعترف بها دوليا، لا مقارنة مع وجود الفارق و باعتراف من العدو قبل الصديق، فالجزائر لا زالت لم تحقق بعد في مقتل 500 ألف مواطن جزائري و مليوني جريح، و 40 ألف من المفقودين و آلاف المنفيين، و 8 ألف امرأة مغتصبة و 20 ألف طفل مشرد، و 45 ألف عائلة مغربية مطرودة في ظروف سيئة تشبه نكبة فلسطين . أما صنيعتها البوليساريو، فأساليب التعذيب و الاختطافات و الاغتيالات و الاغتصاب و الحجز القسري، و التجويع المقصود للبشر في مناخ يشبه الهولوكست إبان الحرب العالمية الثانية، لا زالت مستعملة كمنهج للتعذيب و قمع كل صوت معارض في المخيمات، كما حصل لأعضاء خط الشهيد و الاسلاميين الصحراويين السلفيين. فقانون الوئام المدني و المصالحة الوطنية في الجزائر لم يعط الناس حقوقهم، و لم ينصف أحدا بل هو قانون صوري و شكلي لتسلية و خداع الشعب و الضحك على الذقون. أما المغرب، فقد اعترف بأخطائه و أنصف الضحايا، و عوضهم ماديا و معنويا، و دشن طريقا ثوريا و تقدميا نحو الديمقراطية بدون تهريج أو تطبيل أو غرور. انه نموذج جيد في عملية الانتقال الديمقراطي من دولة تقليدية إلى دولة حديثة، قدوة ينبغي الأخذ بها في الوطن العربي و في المنطقة. فالملاحظ توجد صحراء شاسعة في ممارسة الديمقراطية و حقوق الإنسان بين دول المغرب العربي، و لا يزال الحقوقيون في المغرب يطالبون بالمزيد، و لن تطوى الصفحة، في نظرهم، إلا بفتح تحقيق دولي شفاف و موضوعي و عادل، حول دور البوليساريو كفاعل و مفعول به في الحرب الأهلية الجزائرية، و الجرائم المرتكبة في حق المدنيين والعسكريين المغاربة، خاصة ما جرى في سجن الرشيد، حيث فضح بعض من فلت من هذا القبر الصحراوي الكبير، أساليب التعذيب الوحشي كالتعرية و الاغتصاب، و إدخال القنينة في دبر السجين، و الخنق بالماء الوسخ، و التعليق في سقف الغرفة (الطيارة)، و الاستنطاق تحت أضواء قوية تفقد السجين بصره، و.... فباسم الحقوقيين الأحرار و الشرفاء، أدعو مجلس الأمن الدولي العمل على إحداث محكمة جنائية خاصة، مختصة في التحقيق في جرائم الحرب الأهلية في الجزائر و في المخيمات الصحراوية، و مسائلة المجرمين و تسليط الضوء على دور البوليساريو في العشرية السوداء (الحرب الأهلية) كأداة لذبح المواطنين الجزائريين، و تدمير المنشآت و حرق الغابات و الإشراف على سجون بشرية في الصحراء، بالنيابة عن الجنرالات الجزائريين، خاصة تعذيب و تصفية الإسلاميين الجزائريين و جريمة حجز صحراويين ضد إرادتهم أو تصفيتهم، عن طريق التعذيب المختلف الأشكال و الأساليب. فكل الجرائم المرتكبة بين الشريكين (المؤسسة العسكرية الجزائرية ومليشيا البوليساريو) هي جرائم حرب و جرائم إبادة و جرائم ضد الإنسانية. و على رأسها الانتهاكات اليومية في السجون السرية التي لا زالت قائمة و مستمرة في العمل في الجزائر و في مخيمات البوليساريو بدون ردع من طرف المجتمع الدولي، فهي انتهاكات و جرائم قطعية الثبوت و قطعية الدلالة و الحجة، فالضحايا و الجناة موجودون و ينتظرون الإنصاف و القصاص من العدالة الدولية، الغائبة بل النائمة، قضاء دولي مع الأسف لا زال عاجزا و مكبلا ببراميل البترول و الغاز المميع، عدالة هي الأخرى أضحت ضحية للزوبعات الإعلامية، المصنوعة في أقبية الجلاد و المستهلكة عالميا رغم فساد المنتوج و الطبخة . لقد أخطأت بعض المنظمات و الشخصيات، و المنابر الإعلامية اليسارية، أو القومجية، الممولة من مال الضحايا الجزائيين، العنوان في مجال حقوق الإنسان في شمال إفريقيا. فالصحراوي اللاجئ المسكين المحشور ضد إرادته في المخيمات بالجزائر، و التي يطلق عليها كذبا و بهتانا "ولايات"، لا تنطبق عليه صفة لاجئ بل سجين و رهينة و أصل تجاري، فهو لا يسمح له بالتوطين و الاندماج في الجزائر، دولة الاستقبال، و لا الانتقال إلى دولة ثالثة، و لا العودة الإرادية و الطوعية إلى إقليم الصحراء، و هذه المواقف الجزائرية اللامسؤولة هي منافية للقانون الدولي الإنساني و ميثاق الأممالمتحدة، الذي تضرب به الجزائر عرض الحائط، رغم أنها موقعة عليهما و سبق لقادتها ان كانوا لاجئين في المغرب و تونس و في الشتات. فما رأيكم يا سادة، في الشرق و الغرب، عن ما يحدث في هذا السجن الكبير و الرهيب في تندوف و السجون السرية الجزائرية الأخرى، في دولة هي عضو في الأممالمتحدة و الإتحاد الإفريقي و و ...؟. *كاتب و مناضل حقوقي مغربي [email protected]