وضع المغرب مجددا حكومة الجزائر أمام مسؤولياتها الأخلاقية و إلتزاماتها السياسية الدولية التي تنص عليها المواثيق و القرارات الدولية سواء فيما يتعلق بمسار الاتحاد المغاربي المتعثر أو مساعي المنتظم الدولي الرامية الى طي نهائي لملف الصحراء المغربية بتسوية سياسية شجاعة تجنب المنطقة تبعات المنزلقات المستقبلية و تفسح المجال أمام إرادات البناء و الوحدة و التكامل الانساني و الاقتصادي بعيدا عن " الشوفينية " الضيقة . وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية أن المغرب يتعامل في علاقاته مع الجزائر بكل أبعادها وبجدية بما في ذلك قضية فتح الحدود البرية وأنه لن ييأس من المطالبة بفتح الحدود وستظل يده ممدودة للجزائر ، يراوده في ذلك الأمل المشروع في أن يعي الأشقاء الجزائريون أن الأمر لا يتعلق بخطاب من أجل مصلحة المغرب فقط ، وإنما يتعلق أولا بالأخوة القائمة بين الشعبين المغربي والجزائري، و هذا ما يعني أنه بمنطق الصيرورة التاريخية و المصير المشترك غير القابل للمزايدة و الكيل بميزان الربح و الخسارة المادية لا مبرر موضوعيا و مشروعا لأن تظل في سجل التاريخ المعاصر مسجلة بمداد العار آخر حدود برية مغلقة في وجه مواطني شعبين شقيقين يجمعهما أكثر مما يفرقهما . عمليا و إجرائيا لا يمكن لعاقل أن يستسيغ موقف السلطات الجزائرية الذي يضع شروطا مبدئية مقابل الموافقة على مطلب فتح الحدود وتطبيع العلاقات مع المغرب ، و في مقدمتها تمكين الصحراويين من أسطوانة "تقرير المصير" المبهمة والتي يتشدد بعض منظري قصر المرادية على تفسيرها و تأويلها بنظرة أحادية تثبت المستجدات و الاجتهادات الفقهية والقانونية و السياسية أنه لا مجال عمليا لتصريفها على أرض الواقع . وقد سجل وزير الخارجية المغربي أن قرار مجلس الأمن رقم 1871 الذي صودق عليه بالإجماع في 30 أبريل الماضي، ثبت مرجعيات الأممالمتحدة ، وجهود المبعوث الشخصي للأمين العام كأرضية للاستمرارية ، رافضا منطق الأطراف الأخرى ومكرسا المسار الذي انطلق منذ أبريل 2007 القرار يؤكد دعم المجلس لكافة مقتضيات القرار 1813، معززا بذلك مركزيته "كخارطة طريق" للوصول إلى حل سياسي ونهائي للنزاع. وأبرز أن المجلس جدد، وللمرة الرابعة ، التأكيد على وصف الجهود المغربية ب`"الجادة وذات المصداقية"، مبرزا بذلك تميز وأفضلية مبادرة الحكم الذاتي، مسجلا أن هذا القرار أكد حتمية المسار التفاوضي ، بعيدا عن أساليب "الابتزاز والجنوح عن المنحى الأساسي المتمثل في المفاوضات". و الجزائر التي لا تكف عن التصريح بأنها تؤيد قرارات المنتظم الدولي المتعلقة بملف الصحراء و تعتبرها الجهاز الوحيد المخول له مباشرة قنوات التفاوض في اتجاه حل عادل و منصف للطرفين مدعوة لترجمة موقفها الى سلوك ميداني وواقعي عبر الفصل بين مسارات التسوية المخولة لاختصاصات الأممالمتحدة و مصير الاتحاد المغاربي الذي تتحكم فيه مواثيق و معاهدات دولية تلغي بالواضح و المستور أي علاقة لقضية الصحراء في توجهات هياكل الاتحاد المعطلة . ومقايضة الجزائر و البوليزاريو بورقة حقوق الانسان في ملف الصحراء ما هو في العمق الى مزايدة سياسية مكشوفة وتوظيف إعلامي مبتذل لحق يراد من ورائه باطل في محاولة لخلط الأوراق ووضع المزيد من العراقيل و المطبات في طريق أي بصيص أمل متاح في خيارات التسوية " المفخخة" في كل مناسبة . الجزائر تدرك أكثر من غيرها أن معادلة الشق الحقوقي للملف في رمته يقتضي أولا موافقة السلطات الجزائرية لمطالب ونداءات المفوضية السامية للاجئين لفتح مخيمات المحتجزين بتندوف في وجه المنظمة الحقوقية و تمكين مندوبيها من معاينة واقع حال المحتجزين ضدا عن إرادتهم في « جيتوهات » العار و الهوان وتمكينهم من حق تقرير إرادتهم الذاتية في المكوث وسط المخيمات أو الالتحاق بوطنهم الأم .