الحرص على تحسين رواتب الجنود ومعاشات المتقاعدين منهم و العمل على إتمام برامج تقوية البنية التحتية للثكنات وإعادة تمركز بعضها خارج المجال الحضري وجه جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أمس الخميس، «الأمر اليومي»، وذلك بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لتأسيسها. وفيما يلي نص الأمر اليومي : « الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ، معشر الضباط وضباط الصف والجنود، تحتفلون اليوم، ومعكم الأمة المغربية جمعاء، بالذكرى الثالثة والخمسين لتأسيس القوات المسلحة الملكية، هذه الذكرى الغالية التي تحمل دلالات عميقة في ذاكرتنا الوطنية. وهي مناسبة نجدد لكم فيها بصفتنا قائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، عميق ارتياحنا وكامل رضانا لما تودونه من إخلاص في القيام بمهامكم النبيلة وحسن التزامكم في خدمة شعاركم المقدس. معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن الشرف الذي تحظون به في الدفاع عن حوزة الوطن ومقدساته واستعدادكم الدائم لتلبية نداء الواجب لمن دواعي اعتزازنا وكذا افتخارنا بالأدوار المنوطة بالقوات المسلحة الملكية بمختلف مكوناتها البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي. وتتجلى هذه المهام، علاوة عن السهر على سيادة المملكة ووحدتها الترابية، في مساهمتكم ضمن عمليات حفظ السلام والدفاع عن الشرعية الدولية وكذا مشاركتكم الطلائعية في مجال الإغاثة والإسعاف لفائدة ضحايا الكوارث الطبيعية على الصعيد الوطني والأزمات الإنسانية خارج الوطن. وفي هذا الإطار يجدر التنويه بالأعمال الإيجابية والفعالة التي تقوم بها مختلف التجريدات العسكرية المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلام المنظمة تحت لواء هيئة الأممالمتحدة، من إيقاف لنزيف الحروب وإرساء قواعد الحق والقانون وترسيخ السلم الاجتماعي. كما نشيد بما أنجزته وحدات القوات المسلحة الملكية، تنفيذا لتعليماتنا، إثر الفيضانات التي عرفتها مؤخرا بعض أقاليم المملكة، حيث سخرت بعجالة كل الوسائل البشرية والمادية الضرورية لمساعدة المواطنين قصد تخفيف معاناتهم وفك عزلتهم وإيصال المساعدات إليهم والقيام بإصلاحات البنيات التحتية المتضررة، الشيء الذي كان له الوقع الطيب في نفوس الساكنة كنموذج مشرف للتضامن الوطني الفعال. كما نثمن تدخل قواتنا المسلحة الملكية في تقديم العون والمساعدة الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق، انسجاما مع مواقف المغرب النبيلة وجهوده المتواصلة لنصرة قضيته العادلة، حيث أمرنا بإحداث جسر جوي متواصل انطلاقا من قواعدنا الجوية العسكرية، لنقل المساعدات الإنسانية لأهل غزة. ولقد واكبت هذه العملية التضامنية إرسال بعثة طبية عسكرية متعددة التخصصات ومزودة بجميع مستلزمات التطبيب لتقديم الخدمات الضرورية للجرحى الفلسطينيين وتنظيم استقبال بعضهم بالمستشفى العسكري محمد الخامس لاستكمال علاجهم. معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن المهام الملقاة على عاتقكم اليوم وتلك التي سيعهد بها إليكم غدا تتطلب منكم دراية عميقة ومستمرة بالمعارف التقنية والتكتيكية المتجددة تمكنكم من مسايرة التطورات الحاصلة في مجالات العلوم العسكرية وآفاقها الميدانية. ويظل العمل العسكري المشترك بين مختلف الأسلحة هو الدعامة الأساسية لتعميق الخبرة الميدانية لقواتنا المسلحة والرفع من مستوى انسجام مكوناتها وعناصرها. ويتطلب هذا الجهد الإحاطة بكل الوسائل المعرفية العسكرية الحديثة ذات الصلة بفنون القيادة وإدارة العلميات والاتصال والتشبيه والإسناد وكذا توسيع مجال تدبير الدفاع ليشمل جميع التحديات الأمنية الراهنة والمستقبلية. ولتحقيق هذا الهدف يجب مواصلة المجهودات التي تبذل في مجال التكوين الأساسي باعتباره مرحلة مهمة في اكتساب المهارات والتخصصات وتطوير القدرات الميدانية وفق متطلبات مختلف وحدات القوات المسلحة الملكية مع التركيز على ترسيخ المبادئ الأخلاقية والقيم الوطنية. وتكميلا لهذا التكوين وارتباطا بهذه المبادئ، يظل تدريس التاريخ العسكري المغربي ضمن برامج التكوين بمختلف مراحله دعامة أساسية لإبراز مقوماتنا الحضارية والصورة المثالية للجندي المغربي الذي لا يتوانى فيما تفرضه عليه واجبات الانضباط والشرف والتضحية. معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن مختلف الأنشطة التي تقوم بها مؤسسة القوات المسلحة الملكية في إطار التعاون والتبادل العسكري الدولي من أجل الرقي بمضمونه تعتبر أداة ناجعة لتكريس إشعاع بلدنا الحضاري وإقامة جسور التواصل بما يخدم مصالحنا الوطنية العليا. ويتجلى هذا التعاون في انتقاء البرامج المشتركة مع بعض الدول والرامية إلى تعزيز خبرات القوات المسلحة الملكية في العمليات الميدانية والمناورات والتداريب العسكرية ذات القيمة المضافة العالية. تبقى الاتفاقيات المبرمة في هذا الميدان هي المرجع الأساسي لتحسين وتنويع آفاق التعاون خاصة في ميادين التكوين العسكري العالي والتقني والصحي. معشر الضباط وضباط الصف والجنود، إن الاهتمام الخاص الذي نوليه لقواتنا المسلحة الملكية ينبع من حرصنا الدائم على الإحاطة بشؤونها وشمل أفرادها بموفور عنايتنا حتى يتسنى لهذه المؤسسة العريقة أن تؤدي دورها أحسن قيام. وقد حرصنا في هذا الصدد على تتبع مراحل تطبيق قراراتنا السامية الرامية إلى تحسين رواتب الجنود ومعاشات المتقاعدين منهم على غرار ما تم إقراره بالنسبة للوظيفة العمومية، وكذا العمل على إتمام برامج تقوية البنية التحتية للثكنات وإعادة تمركز بعضها خارج المجال الحضري، لجعلها فضاءات متكاملة تتوفر على جميع المرافق الاجتماعية والرياضية والترفيهية. ونهيب في هذا الإطار بالدور المتميز والنبيل الذي تقوم به شقيقتنا صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم على رأس المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية وكذا مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين. معشر الضباط وضباط الصف والجنود، في هذا اليوم المشهود، نستحضر جميعا بكل إجلال وخشوع ذكرى القائدين الراحلين، جدنا المغفور له جلالة الملك محمد الخامس ووالدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، متضرعين إلى الباري عز وجل أن يتغمدهما برحمته الواسعة ويسكنهما فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. كما نسأله تعالى أن يشمل برحمته شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بالغالي والنفيس حتى يبقى المغرب عزيزا آمنا مطمئنا، مبتهلين إليه تعالى أن يديم عليكم عطفه ورعايته ويجعلكم دائما عند حسن ظننا، أوفياء للعهد الأوثق والرباط المقدس الذي يجمعكم بقائدكم الأعلى في إيمان راسخ على التفاني ونكران الذات متشبثين بشعاركم الخالد : الله - الوطن - الملك . والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته «.