تحل اليوم الذكرى الثانية والخمسون لتأسيس الجيش الملكي المغربي، حيث من المنتظر أن يوجه الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، الأمر اليومي التاسع إلى الضباط وضباط الصف والجنود، بهذه المناسبة. 300.000 عسكري بمختلف وحدات الجيش، هو تعداد القوات المسلحة التي لم تعرف أي تغييرات كبيرة منذ مجيء الملك محمد السادس إلى العرش، حيث مازال يدبرها الحرس القديم (الجنرالان دوكوردارمي عبد العزيز بناني وحسني بن سليمان). وعرف الجيش المغربي تطورا منذ تأسيسه على أنقاض جيش التحرير، وتراوح تعداد أفراده عام 1956 ما بين 10.000 و15.000 مسلح، «عمل على حراسة النظام بقبضة من حديد»، يقول المحجوبي أحرضان، وزير الدفاع المغربي الأسبق. قوة مؤسسة الجيش تكمن في تأمين النظام منذ الاستقلال، لكن الود بين المؤسستين العسكرية والملكية تعرض للاهتزاز إثر الانقلابين العسكريين (1971 و1972)، وهي الأحداث التي يصفها عبد الرحيم العطري، الباحث في الحركات الاحتجاجية المدنية والعسكرية، بأنها «نوع من الاحتجاج الجماعي ضد قائد أركان الجيش»، ما ضاعف من «صعوبة تنازل الملك عن تسيير الجيش، بدليل ترديد الملك الراحل الحسن الثاني دائما لقولة: «الجيش جزء من الملكية». هذه المقولة ظهرت في أبهى تجلياتها من خلال «سياسة إغراق كبار كوادر الجيش بجملة من الامتيازات»، إبان حرب الصحراء وما تلاها، وفق شهادة للضابط محمد الطوبجي، ستنعكس سلبا على قاعدة هرم المؤسسة العسكرية التي عرفت عدة هزات تفضح ما يدور وراء أسوار الثكنات، ومن ذلك ما كشفه ضابط من أسرار داخل الجيش. فقبل رحيل الملك الحسن الثاني بشهور قليلة، سيتحدى ضابط بسلاح الجو يدعى أديب القوانين العسكرية، «ويعري واقع الرشوة في مؤسسة الجيش»، قبل أن تدينه المحكمة بتاريخ 7 فبراير1999 بالسجن خمس سنوات خفضت إلى سنتين ونصف. بعد ثلاث سنوات على تولي محمد السادس قيادة أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، سيطالب ضابطان في الجيش هما إبراهيم الجالطي وجمال الزعيم بلقاء الملك في مارس 2002، لتسليمه كتابا من 110 صفحات وشريط من 60 دقيقة وصورا فوتوغرافية تكشف «تورط مسؤولين عسكريين في التهريب ونهب الميزانية والوقوف وراء تردي أوضاع الجنود.» فشل هذان الضابطان في لقاء الملك وتم اقتيادهما إلى المحكمة لإدانتهما ب7 و8 سنوات سجنا نافذا، لكن ذلك لن يوقف الحركات الاحتجاجية الفردية داخل المؤسسة «الصماء»، يقول العطري، «طالما أن هناك صراعا متواصلا وأزمة سوسيو-اقتصادية، يشعل نارها الفرق الشاسع في الرواتب والامتيازات بين الجنود داخل مؤسسة الجيش».