* بقلم // عمر نجيب تتجمع مع منتصف سنة 2017 معطيات مادية تؤشر على أن الصراع الدائر على الساحة الليبية قد دخل مرحلة تحول جديدة من شأنها التسريع بعملية للحسم، توفر لشعب هذا البلد ولجيرانه فرصة إنهاء الإضطراب والفوضى التي إنطلقت بتدخل حلف الناتو عسكريا في 17 مارس 2011 تحت غطاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973. يوم الأربعاء 3 مايو 2017 عقد ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي التابع للحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان الليبي المنتخب سنة 2014 وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، اجتماعا رباعيا، حسبما أفادت قناة "العربية". وبحسب وكالات الأنباء ناقش المجتمعون تطورات وسبل حل الأزمة الليبية. وكان حفتر والسراج قد أصدرا، يوم الثلاثاء 2 مايو 2017، بيانا مشتركا أعلنا فيه عن الاتفاق الذي عقد بينهما، برعاية الإمارات والذي تضمن عدة "نقاط هامة" بينها إجراء انتخابات عامة في البلاد خلال أجل ستة أشهر. جاء ذلك بحسب ما بثته قنوات ليبية محلية، في إشارة إلى توقيع اتفاق بينهما، من دون أن تحدد بنوده. قناة "ليبيا الحدث"، التي تتخذ من مدينة بنغازي، مقرا لها، أوضحت نقلا عن مصادر، لم تسمها، إن "اللقاء بين حفتر والسراج تضمن الاتفاق على معظم النقاط الخلافية، وبينها إعادة هيكلة المجلس الرئاسي للوفاق". وبحسب المصادر ذاتها، التي تحدثت للقناة، فإن "من النقاط الخلافية، التي جرى التوافق عليها في لقاء أبوظبي، التمسك بجيش ليبي موحد إضافة إلى تطوير وتدريب الجيش وكذلك رفض التدخل الأجنبي". كما اتفقا على "وحدة ليبيا، ومكافحة الإرهاب، على أن تتشكل حكومة منفصلة ومستقلة عن رئاسي الوفاق، فيما تم الاتفاق أيضا على احترام أحكام القضاء، ومعالجة قضية المهجرين والنازحين وكذلك حل أزمة الجنوب". هل السراج آخر من يعلم؟ في الوقت الذي تمت فيه هذه اللقاءات والإتفاقيات، حذرت مصادر رصد عديدة وكذلك ملاحظون من أن أطرافا دولية ومحلية ستعمل على تخريب هذه التسويات كما فعلت في السابق تجاه كل جهد هدف إلى إخراج ليبيا من دوامة الفوضى الخلاقة التي اسقطها فيها تدخل حلف الناتو ثم بعض القوى الإقليمية المتحالفة مع ما يسمى بتنظيمات الإسلام السياسي وخاصة تركيا وأطراف خليجية. وأشارت نفس المصادر أن هناك شكوكا كبيرة حول نوايا السراج خاصة على ضوء علاقاته الوثيقة مع تنظيمات الإخوان وعملية تبادل الأدوار التي يمارسها مع حكومة الغويل الإخوانية في طرابلس. مراقبون أفادوا كذلك أنه من غير الواضح أيضا إن كانت الدول الأجنبية التي لها استراتيجيات مختلفة في ليبيا ستساعد حفتر والسراج في إنجاح إتفاقهما خاصة وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يعلن بعد عن سياسة تجاه ليبيا ولكن يظهر أنه لم يتخل عن إستراتيجية البيت الأبيض الخاصة بالتحكم في مسار الأحداث بليبيا خاصة وأنها تعتبر منصة مناسبة لتدخل الولاياتالمتحدة بشكل أو بآخر في منطقة المغرب العربي ودول الساحل. يوم الخميس 18 مايو 2017 هاجمت مليشيات محسوبة على حكومة السراج قاعدة براك الشاطئ في جنوب ليبيا منهية هدنة في المنطقة التي أصبحت في الأشهر الأخيرة نقطة توتر بين تحالفات عسكرية في شرق وغرب ليبيا. ويوم الجمعة 19 مايو صرح متحدث باسم الجيش الوطني الليبي إن ما يصل إلى 141 شخصا قتلوا في الهجوم ولم يعلق على إعلان حكومة السراج المدعومة من الغرب توقيف وزير دفاعها إلى حين التحقيق في الواقعة. وذكر أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي إن 103 من القتلى في الهجوم على قاعدة براك الشاطئ من قوات الجيش الوطني الموجودة في المنطقة. وشنت الهجوم كتيبة من مدينة مصراتة في غرب ليبيا معروفة باسم القوة الثالثة وكانت تسيطر على القاعدة في السابق وتعتبر أحد الأطراف المساندة لجماعة الإخوان وتتحالف اسميا مع حكومة السراج الموصوفة بحكومة الوفاق الوطني في طرابلس. وذكر مسؤولون محليون ومسؤولون من الجيش الوطني إن بعض القتلى من المدنيين وإنهم أعدموا دون محاكمات. وأكدت "هيومن رايتس ووتش" نقلا عن مسؤول طبي وشاهد إن القوات المهاجمة قتلت "عشرات من مقاتلي الجيش الوطني الليبي والبعض بالرصاص في الرأس في عمليات إعدام دون محاكمة". ووصف مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر الهجوم بأنه "غير مبرر" و"شرير" قائلا إنه "يجب ألا يدفع ليبيا إلى صراع أكبر وأخطر". وأعلن رئيس حكومة الوفاق فائز السراج أنه أوقف وزير الدفاع المهدي البرغثي وآمر القوة الثالثة جمال التريكي "إلى حين تحديد المسؤولين عن خرق الهدنة ووقف إطلاق النار". وأدان السراج التصعيد العسكري في براك الشاطئ "بأشد العبارات" ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار ونفى إصدار أي تعليمات لوزارة الدفاع لشن الهجوم. والبرغثي قيادي سابق في الجيش الوطني الليبي وتحول إلى خصم لقائد الجيش الوطني خليفة حفتر. وتشير تقارير إلى أنه لعب دورا في تخطيط عمليات عسكرية سابقة ضد الجيش الوطني بالرغم من أن وزارته نفت إصدار أوامر لشن هجوم يوم الخميس. وأكد الجيش الوطني إن متشددين وكتائب دفاع بنغازي، التي قاتل أعضاؤها في السابق الجيش الوطني في بنغازي، شاركوا أيضا في الهجوم. وتقع قاعدة براك الشاطئ على مسافة 650 كلم جنوب طرابلس، في منطقة صحراوية وتتحكم في الطرق التي تقود من الجنوب نحو العاصمة الليبية ومنها إلى الحدود التونسية الجزائرية. وأفاد المسماري إن الجيش الوطني نفذ ضربات جوية في منطقتي سبها والجفرة ردا على الهجوم. وأيضا يوم الجمعة ذكر مسؤول أمني أن سيارة ملغومة انفجرت خارج مسجد في بلدة سلوق على بعد 50 كيلومترا جنوبيبنغازي مما أدى إلى مقتل الشيخ أبريك اللواطي شيخ قبيلة العواقير وهو زعيم بارز متحالف مع الجيش الوطني، إضافة إلى خمسة آخرين أثناء خروجهم عقب أداء صلاة الجمعة فيما إصيب 26 شخصا آخرين. رئيس البرلمان المنتخب عقيلة صالح أدان "الهجوم الغادر للمليشيات الإرهابية على قاعدة براك الشاطئ الجوية"، معتبرا أن ذلك يشكل "انتهاكا خطيرا لاتفاق وقف إطلاق النار في أبوظبي". فيما ندد المشير حفتر بالمؤامرة الاستعمارية وقال "فرضوا علينا حظر التسليح ودعموا الإرهابيين وأسقطوا صواريخ وأطلقوا الرصاص وقطعوا رؤوس الرجال وأوقفوا تصدير النفط واشتروا المناصب وكل ذلك من أجل أن نركع ولكننا أبدا لن نركع إلا لله". وجدد حفتر تعهده بالمساعدة في توطيد الاستقرار بالعاصمة قائلا إن الجيش لكل الليبيين و"لن نترك طرابلس مرتعا للإرهابيين ولن ترتاح البلاد حتى تعود طرابلس إلى حضن الوطن". وأكد محللون غربيون من جانبهم أن هناك أطراف دفعت بالفعل نحو نسف جهود المصالحة التي قادتها دولة الإمارات من أساسها. وترفض ميليشيات مسلحة معظمها مؤيدة لجماعة الاخوان في ليبيا أي تقارب مع المشير خليفة حفتر الذي يحارب جماعات متطرفة في شرق البلاد وقد نجحت قوات الجيش الليبي تحت قيادته في بسط الأمن والاستقرار في مناطق سيطرتها. وخلال الأسابيع الأخيرة من شهر أبريل خرجت مظاهرات حاشدة في طرابلس تطالب بدخول الجيش الليبي ولكنها قمعت من طرف المليشيات المحسوبة على جماعة الإخوان. الحسم العسكري يوم الخميس 25 مايو وفي رد على خرق تسويات أبوظبي سيطرت قوات الجيش الليبي على قاعدة تمنهنت الجوية بعد انسحاب القوة الثالثة التابعة لحكومة "الوفاق" في مصراته. وكان حكماء وأعيان وشيوخ قبائل ومؤسسات المجتمع المدني جنوبي ليبيا، قد أمهلوا، القوة الثالثة، يوم السبت 20 مايو، 72 ساعة لمغادرة المنطقة. وقال بلقاسم سعيد عميد بلدية البوانيس أن القاعدة الجوية الآن تحت سيطرة اللواء 12 التابع لقوات حفتر. وكانت قوات حفتر قد أطلقت في 23 مارس 2017، عملية "الرمال المتحركة" للسيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية وسبها 750 كلم جنوب طرابلس، وبالتالي الهيمنة على إقليم فزان، ولكنها أوقفت الهجوم بعد إتفاق أبو ظبي . وردت عليها في حينها وزارة الدفاع بحكومة السراج بإطلاق عملية "الأمل الموعود" في 8 أبريل وتمكنت من استعادة المناطق التي سيطرت عليها قوات حفتر وفك الحصار على قاعدة تمنهنت بدعم من قوات تابعة لتنظيم الإخوان. كشف المستور مصادر رصد أوروبية أصبحت تقدر مع إنتصاف سنة 2017 أن فرص نجاح الجيش الليبي في إعادة الإستقرار والوحدة إلى البلاد تتعزز لأسباب كثيرة منها أن حالة إنقسام أخذت تترسخ في صفوف الحلفاء الغربيين وهو ما سيقرب مواقف المنشقين عن واشنطن من تلك التي تتبعها روسيا ومصر والإمارات العربية، فيما يستمر الإختلال في صفوف الولاياتالمتحدة وتركيا والحلفاء الخليجيين. الأنقسام في المعسكر الغربي مكن من فضح الكثير من خيوط التدخل في الصراع الليبي. وهكذا ذكرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية في تقرير لها يوم السبت 13 مايو 2017 أن حكومة السراج في طرابلس تهرب أسلحة لمليشيات صديقة أو جماعات إسلاموية. وجاء في تقرير المجلة أن جنود مهمة "صوفيا" البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي المكلفة بمكافحة عصابات تهريب البشر والسلاح أوقفوا عدة مرات السفينة المستخدمة في تهريب هذه الأسلحة. وذكرت المجلة أن فرنسا طرحت هذا الموضوع للنقاش في "لجنة السياسة والأمن" التابعة للاتحاد الأوروبي في 25 أبريل 2017، ولكنها ووجهت بإعتراضات إيطالية وبريطانية بشكل أساسي. وبحسب الوصف الفرنسي، تستخدم حكومة السراج لتهريب الأسلحة من مصراتة إلى بنغازي، وسائل عدة ومنها السفينة "لوفي" أو "اللوفي"، وهي عبارة عن سفينة صيد كبيرة يبلغ عدد طاقمها نحو 15 رجلا. وذكرت المجلة أن السفينة ضبطت وعلى متنها بنادق آلية وأسلحة أخرى خلال عمليات نقل للجرحى. كما عثر جنود مهمة "صوفيا" على ألغام وقاذفات صواريخ على متن زورق آلي آخر. وبحسب تقرير المجلة، لم يوقف قائد مهمة "صوفيا"، الأدميرال الإيطالي إنريكو كريديندينو، السفينة "لوفي" لأنها تسير في البحر بتكليف من حكومة الوفاق الليبية، وبالتالي تتمتع بالحصانة. وعزا دبلوماسيون موقف كريديندينو إلى رغبة إيطاليا في الحفاظ على حكومة الوفاق في طرابلس. وبحسب تقرير "دير شبيغل"، تمكنت فرنسا بدعم من ألمانيا من دفع حكومة السراج في طرابلس إلى وضع قائمة بكافة القوارب التي تتمتع بالحصانة لتبعيتها للحكومة. تقرير المجلة الألمانية تناول كذلك بإيجاز قضية تورط سلطات في طرابلس في عصابات تهريب وتجارة البشر. يذكر كذلك أنه يوم 22 مارس 2017 اتهم ماريو بورغيزيو، النائب في البرلمان الأوروبي رئيس مجلس الدولة الليبي عبد الرحمن السويحلي وحليف السراج بلقاء "قادة من تنظيم القاعدة في تونس ومصراتة قبل الهجوم على الهلال النفطي". واتهم النائب في البرلمان الأوروبي عن رابطة الشمال الإيطالية أيضا رئيس وزراء إيطاليا باولو جنتيلوني والممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية فدريكا موغيريني ب"التغطية على حكومة الوفاق رغم شكوك في علاقتها مع تنظيمات مقربة أو تابعة لتنظيم القاعدة". بالمقابل قال ماريو بورغيزيو إن "الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر يواصل التصدي للمنظمات المتطرفة والإرهابية، وإن جنتيلوني وموغيريني يتصرفان وكأنهما لا يدركان هذه الحقيقة"، لافتا إلى أنه انطلاقا من ذلك لا أحد يعطي "أي قيمة للاتفاق الموقع بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي وليبيا". وكانت رئيسة مجلس النواب الإيطالي لورا بولدريني استقبلت الثلاثاء 21 مارس رئيس مجلس الدولة التابع لحكومة الوفاق الوطني بليبيا عبد الرحمن السويحلي، وبحثت معه "العلاقات المشتركة بين البلدين وسبل تنميتها بما يخدم مصالح الشعبين الصديقين، والخطوات العملية لتفعيل الشراكة الليبية الإيطالية وعودة الشركات لاستكمال تنفيذ المشاريع المتوقفة". جنت على نفسها.. موازاة مع ما نشرته المجلة الألمانية والتصريحات البرلمانية الإيطالية كشف تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني نشر يوم 26 مايو 2017 أن الحكومة البريطانية انتهجت سياسة "الباب المفتوح" التي سمحت لليبيين المنفيين والمواطنين البريطانيين الليبيين بالانضمام إلى الحملات العسكرية في ليبيا مع أن بعضهم خاضع لقراراتِ مراقبة متعلقة بمكافحة الإرهاب. وأفاد العديد من المقاتلين السابقين الذين عادوا إلى المملكة المتحدة، لموقع ميدل إيست آي، إنهم تمكنوا من السفر إلى ليبيا "دون أي تحقيقات"، تزامنا مع مواصلة السلطات التحقيق حول خلفية الانتحاري البريطاني الليبي الذي قتل 22 شخصا في هجوم يوم الاثنين، 22 مايو 2017، في مدينة مانشستر البريطانية. وإعترف مواطن بريطاني من أصلٍ ليبي وضع تحت المراقبة بسبب المخاوف من انضمامه للجماعات المسلحة في العراق إنه "صدم" من أنه تمكن من السفرِ إلى ليبيا عام 2011 بعد فترة وجيزة من رفع قرار المراقبة. وأكد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "سمح لي بالذهاب دون أي تحقيقات". وقال إنه التقى في لندن بالعديد من الليبيين البريطانيين الآخرين الذين رفعت عنهم أيضا قرارات المراقبة، وأضاف: "لم يكن لديهم جوازات سفر، كانوا يبحثون عن أوراق مزيفة أو وسيلة لعبورِ الحدود بصورة غير قانونية". وأضاف أنه في غضون أيام من رفع قرارات المراقبة، أعادت السلطات البريطانية جوازات سفرهم. وذكر: "هؤلاء ينتمون للجيل الأقدم من "الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة"، وكانت السلطات البريطانية تعرف ما يقومون به". والجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة هي جماعة مسلحة معادية للقذافي تأسست عام 1990 من قدامى المحاربين الليبيين في الحرب ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان والذين جندتهم المخابرات المركزية الأمريكية. وأدرجت الحكومة البريطانية الجماعة الإسلامية المقاتلة كمنظمة إرهابية محظورة عام 2005، ووصفتها بأنها تسعى إلى إقامة "دولة متشددة"، وأنها "جزء من الحركة الإسلامية المُتطرفة التي تستلهم عملها من تنظيم القاعدة" غير أنها كانت عمليا تساندها بهدف إسقاط الزعيم الليبي القذافي. ووصف بلال يونس، وهو مواطن بريطاني آخر ذهب إلى ليبيا، كيف أوقف بموجب صلاحيات المادة السابعة من قانون مكافحة الإرهاب عند عودته إلى المملكة المتحدة بعد زيارة البلاد في أوائل 2011. وتسمح المادة 7 لموظفي الشرطة والهجرة باحتجاز واستجواب أي شخصٍ يمر عبر الحدود في الموانئ والمطارات لتحديد ما إذا كان متورطا في أعمال إرهابية. وقال إنه سئل من قبلِ ضابط مخابرات في المكتب الخامس، وهي وكالة الأمن الداخلي في المملكة المتحدة: "هل أنت على استعداد للذهاب إلى القتال؟". وأوضح لميدل إيست آي: "بينما استغرقت وقتا للعثور على جواب، قال لي إن الحكومة البريطانية ليس لديها مشكلة مع الذين يقاتلون ضد القذافي". المخابرات الحربية "تنظم" السفر في أثناء استعداده للسفر إلى ليبيا في مايو 2011، اتصل به ضابطان من رجال شرطة مكافحة الإرهاب في صالة المغادرة، وأخبروه بأنه إذا كان مسافرا للمشاركة في الحرب فسيرتكب جريمة. ولكن بعد أن قدم لهم اسم ورقم هاتف ضابط المخابرات الحربية الذي تحدث إليه في وقت سابق، وبعد مكالمة هاتفية سريعة معه، سمح له بالسفر. وقال إنه عندما كان ينتظر الطائرة، اتصل به نفس ضابط المخابرات ليقول له إنه قد "دبر الأمر". وأضاف أن "الحكومة لم تضع أي عقبات في طريق الأشخاص الذين يتوجهون إلى ليبيا. وكانت الغالبية العظمى من البريطانيين في أواخر العشرينات، وكان من بينهم من هو في سن ال18 و19 عاما. وكانت الأغلبية التي ذهبت من مدينة مانشستر". ووصف أحد الليبيين البريطانيين الذى تحدث لموقع "ميدل إيست آي" كيف أنه قام ب"أعمال العلاقات العامة" للمتمردين. وإنه كان يعمل لتحرير أشرطة الفيديو التي تظهِر مرتزقة القوات البريطانية الجوية الخاصة والقوات الخاصة الأيرلندية أثناء تدريبها المتمردين الليبيين. وأضاف: "لم تكن أشرطة فيديو رخيصة الإنتاج مع أناشيد باللغةِ العربية، لقد كانت أشرطة فيديو ماهرة، وأفلاما جذابة ومحترفة، كنا نظهر فيها القطريين وغيرهم يدعمون القوات التي كانت تحصل على تدريبات رفيعة المستوى من القوات البريطانية الخاصة". وكلفه قادة المتمردين بتدريب الشباب الليبيين على استخدام الكاميرات حتى يتمكنوا من بيع العمليات المصورة إلى وسائل الإعلام الدولية. لندن ومساندة الجماعات المسلحة التقارير التي نشرتها مجلة "دير شبيغل" الألمانية والمصادر الإعلامية البريطانية عضدت مواقف الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان الليبي المنتخب برئاسة عبد الله الثني والتي تحاول دول غربية نزع الشرعية عنها. فيوم 24 مايو أدانت الحكومة الهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة مانشستر البريطانية. وقالت الحكومة "إن هجوم مانشستر كان نتيجة حتمية، بعد أن عملت التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها الجماعة الليبية المقاتلة، لعقود من الزمن على تجنيد الشباب المسلم في بريطانيا وأوروبا، وإرسالهم إلى ليبيا ودول أخرى، بعلم وتواطؤ من الحكومات البريطانية المتعاقبة، والتي وفرت لوالد منفذ هجوم مانشستر، مع بقية التنظيم، الملجأ الآمن له ولأمثاله، رغم تنبيهاتنا المتكررة بأن هذه الجماعات، وخصوصا الجماعة الليبية المقاتلة وتنظيم الإخوان المسلمين، هم خطر على الإنسانية وتحمل أفكارا مغلوطة، لا يمكن التفاوض والحوار للوصول إلى حل معها". واتهم البيان الذي صدر يوم الأربعاء 24 مايو، الحكومة البريطانية السابقة بقيامها بالضغط على الحكومات الليبية المتعاقبة منذ سنة 2012، ودفعها لمشاركة من وصفوا ب "الإرهابيين"، في حكم ليبيا، واصفا الحكومة البريطانية بأنها "تفضل التعامل مع المليشيات والإرهابيين، وتمكينهم من موارد وشعب ليبيا". وطالبت الحكومة المؤقتة كافة الدول بإرساء تعاون دولي فعال لمجابهة الإرهاب ومموليه من خلال شراكات واضحة، قالت إنها على استعداد لتنفيذها. باريس تبتعد عن واشنطن في مواجهة المواقف البريطانية والأمريكية من الصراع في ليبيا أفادت وكالة أنباء رويترز يوم 19 مايو 2017 بوجود احتمال لأن تعيد السلطات الفرنسية الجديدة مراجعة موقف باريس. وكانت الحكومة الفرنسية في عهد الرئيس فرانسوا هولاند تساند بشكل صريح حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، فيما كانت وزارة الدفاع في ذات الوقت تتعاون بشكل وثيق مع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر. ونقل دبلوماسيون للوكالة أنهم ينتظرون "تمحيصا لموقف باريس" مع استلام الرئيس إيمانويل ماكرون للسلطة، وذلك لأن منصب وزير الخارجية تولاه وزير الدفاع السابق جان إيف لودريان الذي لا ينظر بعين الرضى إلى جهود واشنطن لإزاحة النفوذ الفرنسي في العديد من الدول الأفريقية ويعتبره خيانة من طرف من يصنفون كحلفاء. ولفتت وكالة "رويترز" إلى أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية قد نوه، خلال مؤتمر صحفي يوم 18 مايو بدور حفتر في تشكيل قوة عسكرية وطنية موحدة، ولم يذكر السراج ولا مرة واحدة. وكانت أطراف النزاع الليبي وقعت اتفاقية تسوية في مدينة الصخيرات المغربية نهاية عام 2015، إلا أنه لم يتم تطبيقها بسبب مناورات انصار جماعة الإخوان. أصحاب القرار في العالم العربي القاهرةوموسكو لم يخفيا ترحيبهما بإمكانية خروج باريس من تحت عباءة الوصاية الأمريكية فيما يخص ليبيا، يذكر أن ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، وصفت قائد الجيش الليبي خليفة حفتر بأنه شخصية محورية تتمتع بالتأثير الحقيقي على التوازن السياسي في ليبيا. واعتبرت زاخاروفا أن الضجة التي صاحبت الاتصالات بين موسكو والمشير حفتر، تشوه الصورة الحقيقية للخطوات التي تتخذها موسكو من أجل المساهمة في تسوية الوضع بليبيا. وتابعت قائلة: "تنطلق موسكو من أن حفتر يعد من الشخصيات ذات الوزن الثقيل التي تتمتع بالتأثير الفعلي على ميزان القوى السياسية في ليبيا المعاصرة". وأضافت الدبلوماسية الروسية أن حفتر قد ساهم كثيرا ويواصل مساهمته في محاربة إرهابيي "داعش"، وأنه بفضل قائد الجيش الليبي استأنفت البلاد تصدير المشتقات النفطية وبدأت بتلقي الموارد الضرورية لحل القضايا الاجتماعية الاقتصادية الملحة. من جانبه أكد ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أن سياسة الدول العربية اكتسبت خلال السنوات الماضية، طابعا مستقلا بقدر أكبر، معربا عن أمله في تعزيز العلاقات الروسية العربية. وجاءت تصريحات بوغدانوف خلال جلسة عامة لمجلس النواب الروسي "الدوما" لمناقشة المصادقة على الاتفاقية الخاصة بإقامة ممثلية لجامعة الدول العربية في أراضي روسيا. وأوضح الدبلوماسي الروسي أن تطور العلاقات بين روسيا وجامعة الدول العربية لم يكن مستداما، وذلك على خلفية تتابع المراحل المختلفة في تطورات العالم العربي بشكل عام. وأقر بأن هذه العلاقات شهدت فترة صعبة بعد أحداث ما سمي بالربيع العربي في عام 2011. وأوضح قائلا: "آنذاك حتى في أروقة جامعة الدول العربية سمعت تهكمات مرة مفادها أن الشؤون العربية يتم حسمها من قبل 3 دول غير عربية هي تركيا وإيران وإسرائيل". وأضاف بوغدانوف: "اليوم تتجه الأمور في المسار الصحيح، وقبل كل شيء، تغير الوضع في مصر، بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة بدلا من الإخوان، إذ أصبحت السياسية المصرية مستقلة بقدر أكبر". هل اقترب الصراع في ليبيا من مرحلة الحسم؟ متاهات تبدل موازين القوى والتحالفات الدولية والإقليمية واشنطن تدعم مليشيات الإخوان في مواجهة إحتمالات تراجع باريس عن سياساتها المؤيدة للمشاريع الأمريكية في ليبيا وتكاثف جهود مصر والامارات وروسيا لدعم جهود إعادة الإستقرار إلى ليبيا عبر الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر تحركت واشنطن لتكشف عن شكل تحالفاتها الحقيقي حيث تعهد السفير الأمريكي لدى ليبيا بدعم واشنطن لحكومة السراج وذلك خلال زيارة قصيرة لطرابلس يوم الثلاثاء 23 مايو وللمرة الأولى منذ نحو ثلاث سنوات. وسرت حالة من الغموض بشأن السياسة الأمريكية في ليبيا في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيسا في نوفمبر 2016. وقال ترامب في أبريل 2017 إنه لا يرى دورا للولايات المتحدة في ليبيا غير إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش "الدولة الإسلامية". وكان السفير بيتر بودي، الذي يعمل من مقر له في تونس، والجنرال توماس والدهاوزر قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا قد توجها جوا إلى طرابلس في زيارة لمدة ساعتين للقاء رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني ومسؤولين كبار آخرين معظمهم من جماعات ما يسمى الإسلام السياسي. وقال بودي للصحفيين "زيارة اليوم توضح التزام الولاياتالمتحدة المتواصل تجاه حكومة الوفاق الوطني والمصالحة السياسية في ليبيا". وأشاد بودي بالمليشيات التابعة للإخوان المتحالفة مع حكومة السراج. وقال "نعمل عن كثب مع ليبيا لتعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب وجاهزون لمساعدة ليبيا في تدريب قوات مسلحة محترفة بينما نعزز التعاون بشأن أهدافنا المشتركة للأمن الإقليمي". قصف مصري بينما تحاول واشنطن مواصلة تنفيذ مشاريعها في ليبيا وعبرها، دخلت القاهرة على خط مخالف لضرب الجماعات المتطرفة وتقديم دعم أكثر كثافة للجيش الليبي، فيوم الخميس 25 مايو 2017 أكد التلفزيون المصري أن مقاتلات تابعة لسلاح الجو قصفت أهدافا ومواقع للمسلحين في داخل ليبيا. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة يوم الجمعة 26 مايو، بعد عقده اجتماعا مع القيادات الأمنية والعسكرية لمتابعة تداعيات هجوم المنيا، إن "القوات الجوية المصرية وجهت ضربة جوية مركزة داخل العمق الليبي استهدف تنظيمات مدعومة من داعش، ردا على حادث المنيا الإرهابي. من جهته، أوضح مصدر حكومي: "نفذ عدد من الضربات الجوية المتلاحقة في العمق الليبي، والتي استهدفت معسكرات لجماعات إرهابية تقوم بعمليات داخل مصر"، مشيرا إلى أنها كانت "ضربة احترافية"، وجرت بشكل موجات متلاحقة، ودمرت المقر الرئيسي لمركز "شورى مجاهدي درنة". في نفس الوقت أعلنت القوات الجوية التابعة ل"الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده المشير خليفة حفتر السبت 27 مايو 2017 أنها شاركت في الضربات الجوية التي شنتها مصر ضد قواعد الإرهاب. وأضاف أن "العملية المشتركة استخدم فيها الجانب المصري مقاتلات حديثة من طراز رافال لاستهداف مواقع تحتاج إلى ذخائر خاصة تم تحديدها مسبقا، وهدفين تم تحديدهما أثناء تنفيذ العملية". وأكد أن "خسائر إرهابيي تنظيم القاعدة المستهدفين من القصف كانت كبيرة فى العتاد والأرواح". في رد على العملية المصرية هاجمت حكومة السراج تصرف القاهرة وكذلك فعلت حكومة الغويل التي تتحكم في جزء كبير من العاصمة طرابلس. مصر والجزائر والخلاف على تجاهل الإخوان أمام تقلص فرص جماعة الإخوان في التحكم في مصير ليبيا مجددا شنت وسائل الإعلام المؤيدة للسياسة الأمريكية هجوما مركزا أكدت فيه أنه أصبح من غير الممكن التوصل إلى حل سياسي بشأن الأزمة الليبية في ظل تجاهل الإسلاميين المسلحين. ووفقا لمصدر أمني جزائري، تمثل مدار اهتمام غالبية نقاشات الاجتماع الوزاري الحادي عشر لوزراء خارجية بلدان جوار ليبيا، الذي عقد يوم الإثنين 8 مايو 2017، في "مصير الإسلاميين المسلحين في ليبيا، ودورهم في حل النزاع الليبي". وأكد هذا المصدر الأمني أنه "على المصريين والجزائريين الوصول إلى اتفاق حول دور المسلحين الإسلاميين في حل الأزمة الليبية. وفي حال لم تتفق هذه الأطراف لحسم هذا الجدل، فلن يتم التوصل إلى حل بشأن الملف الليبي"، حسبما جاء في تقرير لصحيفة "لو بوينت أفريك" الفرنسية. منذ عدة أشهر، اجتمع العديد من الوزراء والمبعوثين الجزائريين والتونسيين والمصريين، من أجل التوصل إلى حل مشترك حول الأزمة الليبية. وفي هذا الصدد، تعدَّدت المقترحات حول إنشاء هيئة جديدة، في إطار تعديل أو استبدال اتفاق الصخيرات الذي وضع أساساً لحل الأزمة الليبية بات يتحفظ عليه المشير حفتر وبرلمان طبرق المدعومان من مصر. وسبق أن قال موقع "الجزائرية للأخبار" دخلت العلاقة بين الجزائر والقاهرة في أزمة صامتة، بسبب الملف الليبي. ونقل الموقع عن دبلوماسي جزائري -طلب عدم الكشف عن هويته أن المصريين تراجعوا عن اتفاق سابق تم بين الدبلوماسية الجزائرية والمصرية، بشأن إعادة إدماج الإسلاميين الليبيين في العملية السياسية في ليبيا، وهو الاتفاق الذي ينص على تراجع مصر عن شرط إبعاد الإسلاميين بشكل كامل عن العملية السياسية، إلا أن الجانب المصري تراجع عن الاتفاق بعد أسابيع قليلة، وهو ما أدى إلى تأجيل القمة الثلاثية بين رؤساء دول مصر والجزائر وتونس، التي كانت ستحتضنها الجزائر. وأشار المصدر إلى أنه "لا يخفى على الجميع أن مصر ترغب في أن يسلم المسلحون جميع أسلحتهم، ويتعهدوا بقطع جميع علاقاتهم مع تنظيم القاعدة. لكن، إلى الآن، لا تتوفر لدينا أية معلومات حول ما إذا رفض المصريون الشروط التي وضعها الإسلاميون، أو أنهم يرفضون أية مشاركة لهذه المجموعة في الحكومة. وفي خضم الظروف الراهنة، اعترف نفس المصدر الدبلوماسي، أن القاهرة، عدو الإخوان المسلمين، تعتبر أن "تشكيل حكومة قريبة من حدودها، تُشرك حزبا إسلاميا في الحكم خيار بعيد المنال". وأكد أن "المصريين متيقنون من أنهم مدعومون من قبل موسكو والامارات في هذا الشأن". في المقابل، يعتبر الجزائريون أن مشاركة الإسلاميين في اللعبة السياسية الليبية أمر غير قابل للتفاوض. وفي الآونة الأخيرة، أكد أحد الدبلوماسيين هذه المعلومة، مشيرا إلى أن "الصراعات السياسية بين النظام والإسلاميين في مصر يجب ألا تتجاوز الحدود المصرية"، وفقاً للصحيفة الفرنسية. عمر نجيب للتواصل مع الكاتب: [email protected] هل اقترب الصراع في ليبيا من مرحلة الحسم؟ متاهات تبدل موازين القوى والتحالفات الدولية والإقليمية