تعرض ببعض القاعات السينمائية ببلادنا حلقة جديدة من السلسلة الخرافية المسلية المشهورة "الجميلة والوحش" التي تليق بمختلف المشاهدين، وهي من إنتاج مؤسسة ديزني ومن إخراج بيل كوندون الذي سبق له أن أخرج أفلاما أخرى من أشهرها الحلقة الرابعة والخامسة من السلسلة الرومانسية الفنتاستيكية "تويلايت". الفيلم الجديد مأخوذ عن الرواية الأصلية التي تحمل نفس العنوان، ويتناول خلال 129 دقيقة حكاية أمير جميل وشاب (الممثل دان ستيفنس) كان أنانيا ومتسلطا ومعجبا بنفسه قبل أن يتحول إلى وحش قبيح المظهر على يد ساحرة تقمصت دور سيدة عجوز وفقيرة (الممثلة البريطانية هاتي موراهان) جاءت تتوسل إليه وتطلب منه المساعدة في ليلة عاصفية مقدمة له وردة حمراء كهدية، لكنه أهانها واحتقرها وسخر منها ورمى بالوردة على الأرض، فحولته من أمير بشري إلى وحش قبيح المظهر، وحولت كل مساعديه في القصر إلى إكسسوارات ناطقة. حاول الاعتذار لها ولكنها أخبرته بأن الاعتذار فات أوانه وهددته بأنه سيبقى إلى الأبد وحشا في حالة ما إذا تساقطت كل أوراق هذه الوردة الحمراء التي ألقى بها على الأرض، ويجب عليه وضع حد لتساقطها بالتخلي عن الشر وإدخال الحب إلى قلبه. مرت السنين ولم يعد أحدا يتذكر هذا الأمير المصاب باللعنة، وانتقلت الكاميرا إلى قرية صغيرة توجد فيها شابة بدوية جميلة مثقفة وعاشقة للأدب ولقراءة الكتب تدعى "بيل" (الممثلة إيما واتسون) كانت تعيش مع والدها المثقف والمبتكر والحكيم "موريس" (الممثل المقتدر كيفين كلاين) الذي رباها بعد وفاة والدتها تربية أعطتها شخصية متفردة تختلف كليا عن أفراد قريتها و قريناتها الذين يغارون منها ولا يستحملون طبعها وطريقة لبسها، والذين كانوا يمنعونها من تعليم أبنائهم القراءة. كل خصال هذه الشابة الجميلة أثارت انتباه الشاب المغرور بنفسه "غاستون" (الممثل لوك إيفانس) الذي يعتبر هو أقوى وأجمل شاب تتهافت عليه كل فتيات هذه القرية، فسقط مغرما بها من أول نظرة وأصبح يرغب بسعار كبير في التزوج بها، ولكنها رفضت ذالك ناعتة إياه بالغبي وصارحته بأنها لن تتزوج به أبدا. ذهب والدها في يوم من الأيام إلى السوق، وأوصته بشراء وردة لها كما هي العادة، ولكنه نسي ذلك، وأثناء عودته من السوق ممتطيا جواده مر بجوار القصر الأميري وقام بقطف وردة هناك كي يعطيها لابنته مما أدى إلى هبوب عاصفة قوية أسقطته أرضا وتم اعتقاله من طرف الأمير الوحش الذي سجنه داخل القصر بينما واصل جواده طريقه نحو القرية جاريا. لاحظت الشابة "بيل" مفزوعة أن الجواد عاد بدون والدها، فقررت أن تعود برفقته إلى المكان الذي ترك فيه والدها، قتم اعتقالها هي أيضا من طرف الأمير الوحش، وصارت تترجاه كي تقابل والدها، ولما سمح لها بذلك فر والدها وتم سجنها في مكانه. ذهب والدها فارا إلى قرية واعدا إياها بأنه سيعود رفقة رجال القرية لتحريرها من قبضة الوحش. تمكن والدها من إقناع الشاب "غاستون" كي يقود هجوما على القصر لإطلاق سراح ابنته التي يرغب هذا الشاب بقوة في التزوج بها، وتم فعلا هذا الهجوم ونشبت معركة بين الطرفين دون أن يظهر للشابة أثرا، فشك الشاب "غاستون" في أن والد "بيل" كذب عليه وابتكر هذه الحيلة كي يفقده الأمل في الزواج بابنته، فضربه وقيده وسط الغابة وتركه هناك وحده عرضة للهلاك وعاد مع رجاله إلى القرية. موازاة مع ذلك صارت العلاقة الرومانسية تتطور في القصر بين الأمير الوحش والجميلة "بيل" المعتقلة التي أعجب بشخصيتها ووفائها بعدما أنقذها من الذئاب الوحشية المفترسة في الغابة بعد عراك قوي وشرس كاد إثره أن يفقد الحياة، فقامت بالاعتناء به ومعالجته الأمر الذي لين قلبه تدريجيا وتحول بفعل الحب من وحش ثائر ومخيف إلى كائن هادئ ولطيف. شاءت الظروف أن تصادف إحدى السيدات والدها مقيدا في الغابة، وفكت قيوده وعاد لقريته ليعاتب الشاب "غاستون" واتهامه بمحاولة قتله الأمر الذي أغضب هذا الأخير فعنفه مرة أخرى وأودعه في السجن. سلم الأمير الوحش لحبيبته مرآة سحرية رأت فيها أن والدها في خطر في قريتها، وسمح لها بالذهاب لإنقاذ والدها وهو خائف من عدم عودتها إليه، فراحت وتركته مغرما يغني عنها ويتمنى عودتها إليه. التقت "بيل" بالشاب الشرير "غاستون" الذي اشترط عليها أن تتزوج به مقابل إطلاق سراح والدها، وحكت له عن الأمير الوحش مستعملة المرآة السحرية، فغضب وقرر أن يذهب لمحاربته في قصره بعدما قام بسجن الجميلة "بيل" مع ابيها في نفس الزنزانة بالقرية. تمكن الأب وابنته من الفرار والتحقا بالقصر الذي تجري فيه مواجهة حادة بين رجال الشاب الشرير "غاستون" والأمير الوحش المدعوم بإكسسوارات القصر التي تحارب كأنها كائنات بشرية، وتوجت هذه المعركة بمبارزة بين الشاب "غاستون" والأمير الوحش الذي كان على وشك قتله، ولكنه لم يقم بذلك مانحا إياه فرصة مغادرة القصر حيا، ولكن الشرير "غاستون" حاول غدره وقتله من جديد فكان جزاءه الهلاك. تفرغت الجميلة "بيل" بعد كل هذا إلى حبيبها الوحش مقتنعة بأن الجمال لا يكمن في المظهر بل ينبع من الداخل، وكانت سببا في إدخال الحب إلى قلبه مما أدى إلى وضع حد لتساقط أوراق الوردة الحمراء التي كانت قد أهدتها له الساحرة في بداية الفيلم ونصحته بوضع حد لتساقط أوراقها حتى لا يبقى وحشا إلى الأبد، وقد لعبت هذه الوردة الحمراء دورا أساسيا في هذه الحكاية. يختتم هذا الفيلم إذن بنهاية رومانسية سحرية مغمورة بالبهجة والسعادة تحول فيها الأمير الوحش وكل إكسسوارات قصره إلى كائنات بشرية طبيعية كما كانوا من قبل. الحكاية معروفة وليست هي الأهم في هذا الفيلم، بل الأهم هو طريقة تناولها ومعالجتها على مستوى السيناريو والإخراج والتصوير وتحويلها إلى فرجة ممتعة ومسلية ومبهجة بتطوراتها وشخصياتها وأجوائها وألوانها وملابسها ومناظرها وديكوراتها، هي حكاية خيالية وخرافية تنطلق بعبارة "كان يا ما كان في مكان بعيد من فرنسا" تجعل المشاهد يعيش حلما في عالم متخيل وفي زمان آخر. سبق إنجاز أفلام أخرى تحمل نفس العنوان انطلاقا من الرواية الأصلية من بينها فيلم المخرج الفرنسي جان كوكتو سنة 1946 الذي شارك في بطولته الممثل المقتدر الراحل جان ماري، وفيلم الرسوم المتحركة للمخرجين غاري تروسدال و كيرت وايس سنة 1991، وفيلم فرنسي آخر للمخرج الفرنسي كريستوف غانس سنة 2014 من بطولته الممثل الفرنسي فانسان كاسيل. الحب وجمال العمق هو الموضوع الأساسي لهذا الفيلم المبني على الصراع بين الأشرار والطيبين، وهو من نوع الأفلام الذي كلما كان الشرير فيها خبيثا كلما كانت الإثارة أقوى. الفيلم مسل ومأساوي ولا يخلو من دلالات و معاني، تطوراته مصحوبة بالأغاني والموسيقى والرقص كأنه أوبيريت، إذ يقوم كل واحد من الشخصيات الرئيسية بالغناء عن حاله وسعادته وهيامه ومعاناته، وهي أغنيات ليست تمطيطية، بل تساهم في شرح الأحداث وتطوير الحكاية أيضا. تتوالى التطورات بإيقاع سريع غير ممل ممزوج بالإثارة المتصاعدة والتوترات الممزوجة أحيانا بطرافة خفيفة مثل أنسنة الإكسسوارات التي صارت تنطق و تتصرف كأنها كائنات بشرية، وقد شاركت في هذا الفيلم الممثلة البريطانية المقتدرة إيما طومبسون كإكسسوار (السيدة ساموفار) والممثل البريطاني المقتدر إيفان ماك غريغور في دور إكسسوار "الضوء"، وشاركت فيه أيضا المغنية الكندية المشهورة سيلين ديون التي ساهمت بصوتها في أداء بعض الأغاني. بقلم // عمر بلخمار للتواصل مع الكاتب: [email protected] فيلم الجميلة والوحش: جمال القبح! بقلم // عمر بلخمار