اجرى الرئيس الاميركي، باراك اوباما ، منذ وصوله الى البيت الابيض ، تعديلا في الاولوية العسكرية الاميركية لينقلها من العراق الى افغانستان ، ليضع باكستان في صلب استراتيجيته لهذا البلد الاخير ، حيث سيتوقف عليها نجاح او فشل هذه الاستراتيجية التي اصبحت معركته. وحذرت مالو اينوسنت، الخبيرة في العلاقات الدولية بمعهد كاتو للابحاث، من ""ان التحدي الاكبر بالنسبة لادارة اوباما يتمثل في اقناع باكستان باعتماد مزيد من الحزم في مهاجمة المتمردين. بدون ذلك يمكن ان نستمر في ارسال قوات الى افغانسان لكننا سنبقى في مأزق"". وفي مسعى للتصدي للعنف في افغانستان ، قرر سيد البيت الابيض الجديد ارسال 21 الف جندي اضافي الى هذا البلد ، فضلا عن حوالى70 الف عنصر من القوات الدولية المنتشرة اصلا في المكان ، كما وعد بارسال المئات من خبراء التنمية. الى ذلك وعد اوباما المؤيد لمقاربة اقليمية, بمساعدة عسكرية واخر مالية بقيمة 5 ,1 مليار دولار على مدى خمس سنوات لباكستان المجاورة التي اصبحت حدودها الغربية القاعدة الخلفية لتنظيم القاعدة والمتمردين الذين يقاتلون في افغانستان. و تهدف هذه الاستراتيجية ، التي اطلق عليها اسم ""افباك"" في واشنطن، الى محاربة القاعدة والمتطرفين المنتشرين في المنطقة, مع تطوير المؤسسات الافغانية لكي تتمكن البلاد يوما من كفالة امنها ذاتيا. وراى دانييل ماركي، من مركز الشؤون الخارجية، انه في حال قطع المشروع الرئاسي خطوة في الاتجاه الصحيح، ""سيكون على الادارة ان تعطي الاولوية لمهمتها في باكستان"" القوة النووية التي يقلق موقفها المتناقض تجاه المتمردين واشنطن. وتحت ضغط الولاياتالمتحدة ، بدأ الجيش الباكستاني هجوما على طالبان في المناطق القبلية بشمال غرب البلاد. الا ان اسلام اباد، التي انضمت الى الحرب على الارهاب بعد اعتداءات11شتنبر2001 ، واصبحت عنصرا اساسيا في هذه المعركة, تتخذ على ما يبدو مواقف متقلبة. فقد اعطى الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري، الضوء الاخضر لقيام محاكم اسلامية في وادي سوات ، معقل المتطرفين الذين لم يستطع الجيش القضاء عليه, مقابل وقف لاطلاق النار الامر الذي انتقدته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ، متهمة اياه ب""التخاذل"". وتلقى واشنطن صعوبة في اقناع باكستان بالخطر الارهابي بالرغم من موجة الاعتداءات الدامية التي شهدتها ، حيث ان هذا البلد يعتبر جارته الهند التهديد الاكبر لامنه. وحذر الرئيس اوباما اسلام اباد من ان المساعدة المالية الموعودة، لن تكون ""شيكا على بياض""، مشددا على ضرورة احراز نتائج. لكن على واشنطن، كما راى دانييل ماركي ، ""ان تقاوم نزعة فرض شروط مشددة لتقديم مساعدتها. فذلك سيعطي سلاحا لخصوم الولاياتالمتحدة في البلاد مع تثبيط عزيمة حلفائنا"". ،لفتت مالو اينوسنت الانتباه الى ان الولاياتالمتحدة ""في حاجة الى باكستان"" لمحاربة التمرد ومواصلة ايصال الامدادات الى القوات الدولية في افغانستان ، حيث يمر نحو80 % من هذه الامدادات عبر الاراضي الباكستانية. وفضلا عن الجبهة الافغانية الباكستانية، قد يواجه اوباما ، في الاشهر المقبلة ، تاخرا في الوفاء بوعده بالانسحاب من العراق في الموعد المحدد. وينص الاتفاق بين واشنطن وبغداد على انسحاب اميركي من المدن العراقية، اواخر يونيو المقبل ، قبل انسحاب كامل من البلاد اواخر العام2011 , لكن يبدو من المرجح اليوم ان تبقى القوات الاميركية مدة اطول مما هو مقرر في بعض المراكز العمرانية ، حيث يواجه هذا البلد تصعيدا في اعمال العنف.