حذر تقرير سنوي لمعهد جنيف للمياه والبيئة والصحة من بطء التعامل مع مشكلة المياه في دول الشرق الأوسط، رغم شحها وزيادة استهلاكها في مجالات الحياة اليومية والزراعة والصناعة. ويقول مدير المعهد الدكتور نضال سليم إن التغلب على المشكلة لن يكون إلا بثلاثة حلول تسير بخطى متوزانة هي ترشيد الاستهلاك وتنمية الموارد المتاحة وإضافة موارد جديدة، وأوصى بتطبيق التقنيات المتطورة في النقل والتخزين وتقليل نسبة الفاقد إلى الحد الأدنى، وهو ما يتطلب إصلاح الشبكات وإخضاعها لرقابة دورية صارمة وفق المعايير الدولية. ويرى الدكتور سليم أن الفجوة بين الموارد المتاحة والاستهلاك ستتسع السنوات المقبلة، بسبب زيادة الكثافة السكانية وضعف الإمكانيات المتاحة لتطوير شبكات المياه وبسبب التغيرات المناخية. وستكون مصر والسودان واليمن والسعودية والأردن والإمارات وعُمان والعراق وليبيا وفلسطين أكثر الدول عرضة للفجوة بنسب متفاوتة مع حلول 2025، حيث من المتوقع أن تكون الموارد المتاحة نحو 278 مليار متر مكعب بينما لن يقل الاستهلاك عن 280 مليار متر مكعب. ويستعرض التقرير حالة العام العربي، وينظر باهتمام إلى ليبيا التي أعلنت مؤخرا استثمار 3.3 مليارات دولار لإيصال مياه النهر العظيم إلى شمالي البلاد، ويفكر المعهد في إقامة دورات تشاورية معها للاطلاع على التجربة والاستفادة منها. النيل الأزرق بالسودان الذي قال التقرير إن مياهه يمكن أن تكفي كل العالم العربي(الأوروبية-أرشيف) أما السودان فيرى التقرير أنه "يضم موارد متعددة للمياه لكن الظروف السياسية والاقتصادية تحول دون حسن استخدامها بالشكل الأمثل إذ يمكنه أن يتحول إلى مصدر لخيرات المياه للعالم العربي بأسره، لكن الوصول إلى تلك المرحلة يحتاج استثمارات بعيدة المدى وخططا تتعاون فيها مختلف الدول العربية لاسيما مصر". وفي شمال وادي النيل يشير التقرير إلى افتقار حكومة مصر رؤية واضحة في تعاملها مع مشكلة التلوث المائي والهوائي وعدم وضع خطة للتعامل مع المياه الجوفية. ويصنف التقرير الأردن كأحد أفقر عشر دول في المياه، بعد ارتفاع معدلات الاستهلاك بصورة كبيرة السنوات الأخيرة بسبب زيادة اللاجئين، ما جعل طاقة الشبكات تعمل ضعف جهدها، فضلا عن المخاوف من تلوث المياه وارتفاع نسبة سميتها. أما اليمن فيرى نضال سليم أنه سيكون أول دولة عربية تعاني شح المياه بسبب التغيرات المناخية التي تساعد على سرعة التبخر والجفاف، ما يجعله مع الأردن وفلسطين أولويات تحتاج علاجا. ويصف التقرير التجربة السعودية بالجيدة حيث أثبتت امتلاكها بعد نظر بتمويل مشروعات ضخمة لتحلية مياه البحر. ويدعم المعهد اقتراحا للدكتور عبد اللطيف نعمة الله الباحث بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، طرحه في قمة إسطنبول بشأن المياه ويوصي بإنشاء قاعدة بيانات تجمع جديد الأبحاث والتقارير بشأن مشكلات المياه وتقنيات التعامل معها. ويثني التقرير على تجربة كوريا الجنوبية التي تبنت مشاريع لتحسين مجرى نهر "شان غاي واتر واي" على طول ستة كيلومترات بشكل ساهم في القضاء على التلوث في المدينة المكتظة، وخفض درجة الحرارة فيها بمعدل ثلاث درجات مائوية، وهي تجربة جديرة بأن تدرسها بعض الدول العربية.