تتعرض مياه الأودية والسدود بإقليمتاونات، كل موسم للزيتون ، لتلوث حاد من مخلفات معاصر الزيتون (مادة المرجان) التي يتم تصريفها دون معالجة في الوسط الطبيعي، وهو ما دفع بالمناصرين للبيئة بالمنطقة إلى قرع الأجراس للتنبيه إلى خطورة الظاهرة، وما حذا بالسلطات المعنية إلى اتخاذ إجراءات استعجالية صارمة وصلت إلى حد إغلاق بعض الوحدات الإنتاجية. وحسب معطيات إحصائية لعمالة تاونات، يتواجد بالإقليم، الذي ينتج سنويا حوالي 140 ألف طن من الزيتون، أزيد من 3043 معصرة، 3000 منها تقليدية و29 شبه عصرية و14 عصرية. ويرى مهتمون بالمجال البيئي بالإقليم أن مخلفات معاصر الزيتون المعروفة بالمرجان يتم تصريفها من طرف بعض الوحدات، خاصة العصرية، في الحقول والأحواض والأودية وفي قنوات الصرف الصحي دون معالجتها، مما يتسبب، بفعل أملاح البوطاس المتسربة منها، في إتلاف التربة وتدهور جودتها وغطائها النباتي وتلويث الفرشة المائية ومجاري المياه والسدود وإضعاف الصبيب المائي وخنق قنوات الري. ودعوا، في هذا السياق، الجهات المعنية إلى إغلاق المعاصر التي تسببت في تلوث مياه الأودية والسدود بالإقليم وحولتها إلى مطارح للنفايات السائلة، وزجر أصحابها لعدم احترامهم لبنود دفتر التحملات التي تنص على احترام البيئة. وقد تحولت حقينة سد الوحدة تإلى بركة سوداء داكنة بسبب "مادة المرجان" المنقولة عبر أودية أسرى وورغة وأولاي وأودور وأوديار. و هذه الوضعية التي باتت تهدد حياة الإنسان والحيوان والنباتات على حد سواء تستدعي من أرباب معاصر الزيتون الالتزام بدفاتر التحملات التي تضع احترام البيئة أحد أهم شروط الحصول على الرخصة. وتؤكد وكالة الحوض المائي سبو، أن إقليمتاونات يعتبر من بين مناطق الحوض المائي التي تعرف إشكالية التلوث جراء مخلفات المعاصر التي تسحق يوميا أزيد من ألف طن من الزيتون. وسجلت أن "مادة المرجان" التي يتم قذفها بالوسط الطبيعي من طرف بعض المعاصر تتسبب في تلويث مجاري المياه بالمنطقة، خاصة أودية ورغة والساهلة وأسرا وأولاي ولبن وسبو، كما تسبب في تغيير لون الماء ونقص الأكسجين به وانبعاث رائحة كريهة منه نتيجة لتجمع مواد عضوية وبعض العناصر السامة. وذكرت الوكالة بأنها تسهر بطريقة مستمرة على حماية البيئة المائية بالمنطقة، وتقدم آراءها حول المشاريع التي يمكن أن تؤثر على موارد المياه. كما دأبت، في هذا السياق، على عقد اجتماعات تحسيسية حول ضرورة حماية البيئة وإمكانيات المساعدات التي تقدمها لفائدة أرباب المعاصر ومنتجي الزيتون بالإقليم من أجل تأهيلهم في المجال البيئي، وفرص التمويل الممنوحة من طرف صندوق مكافحة التلوث الصناعي. وللحد من الآثار السلبية لمادة المرجان على المجال البيئي اتخذت السلطة الإقليمية مجموعة من الإجراءات من بينها توجيه إنذارات لأرباب المعاصر المسؤولة عن صرف هذه المادة بمجاري المياه، وإصدار قرارات تتعلق بإغلاق بعض الوحدات الإنتاجية المخلة بشروط الالتزام بالمعايير البيئية المعمول بها. وقد تمت مواكبة هذه الإجراءات بعمليات تحسيسية تمت خلالها دعوة أرباب المعاصر بالإقليم إلى ضرورة التقيد بالأنظمة والقوانين المنظمة للمجال البيئي والقيام بالتدابير اللازمة لمعالجة "مادة المرجان" المفرزة عن وحداتهم الإنتاجية. كما لجأت السلطات إلى إحداث لجنة إقليمية وأمنية عهد إليها بمراقبة مدى انضباط أرباب الوحدات الإنتاجية وتطبيقهم للتوصيات التي خلصت إليها الاجتماعات المنعقدة في هذا الشأن مع أرباب المعاصر. للإشارة فإن "مادة المرجان" عبارة عن خليط من المواد الغازية الملوثة تتشكل في مجموعها من مخلفات صلبة تجمع بين لب الزيتون والنواة وخليط من المياه الطبيعية الموجودة أصلا في ثمار الزيتون وتلك المستعملة عند غسلها وتنظيفها قبل إخضاعها لعملية السحق والتصفية.