مهم جدا أن نسجل الاهتمام الكبير الذي حظي به الأستاذ المجاهد عبد الرحمان اليوسفي من طرف الرأي العام في وعكته الصحية، شافاه الله وأعاده إلينا سالما ومعافى. فما كان ليحظى بكل هذا الاهتمام إن لم يكن فعلا جديرا به وأكثر لأن الأمر يتعلق بمجاهد حقيقي حفلت حياته بالنضال من أجل الوطن ولا شيء غير الوطن. الرجل الذي اعتمد عليه المغاربة في إدارة مرحلة بداية الانتقال الديمقراطي التي كانت شديدة الصعوبة. لم يقتصر الاهتمام على الرأي العام بل كان لافتا جدا أن يتقدم جلالة الملك هذا الاهتمام بالعناية الخاصة التي أولاها لهذا الرجل الفذ. ولا أعتقد أن صورة تقبيل جلالة الملك لرأس عبد الرحمان اليوسفي ستمحى من ذاكرة المغاربة. كانت لحظة بحق تجسد إنسانية ملك. عناية جلالة الملك محمد السادس نصره الله بالمجاهد عبد الرحمان اليوسفي حفلت بدلالات كثيرة وعظيمة، أهمها على الإطلاق في تقديري أن جلالته أعطى إشارة قوية على حرصه الكبير على تثمين الرموز التي تمثل الرأسمال الحقيقي لهذا الشعب. وفي ذلك جواب صريح و دال للذين اعتادت ألسنتهم على أن تلوك كلاما غير لائق في شأن عطاءات جيل من الرواد العظام الذين أبلوا البلاء الحسن من أجل أن تنعم البلاد بالاستقلال ومن أجل أن يبنى هذا الاستقلال، على أسس متينة وصلبة. شكرا جلالة الملك على هذا الحرص الذي يعطي للعمل السياسي الوطني مدلوله الحقيقي، ويكرس الإعتبار للسلف الصالح الذي قاد مسيرته جدكم المغفور له جلالة الملك محمد الخامس تغمده الله برحمته الواسعة، ويمكننا من النفس اللازم لإعادة الإعتبار للمؤسسات وتكريس أجواء الثقة، خصوصا وأن المبادرة الملكية جاءت في ظروف دقيقة جدا كانت في أمس الحاجة إلى هذه المبادرة. نعم، كان بالإمكان أن تبقى عيادة جلالة الملك للمجاهد عبد الرحمان اليوسفي قيد السرية، فما أكثر مبادرات جلالته الإنسانية التي لا تخرج إلى العلن، ولكن إعلانها للرأي العام وإخراجها إلى العلن كانت لها أهمية إضافية،- لأنها نقلت المبادرة من مستوى العمل الشخصي المهم والدال إلى ظاهرة عكست إرادة ملك في تكريس ثقافة الاعتراف. إن لهذا الشعب ذاكرة نابضة بالنجاحات، وجيل عبد الرحمان اليوسفي جزء مهم وأساسي من هذه الذاكرة شاء من شاء وكره من كره.