الملك يقبل رأس الثائر، صورة التقطتها عدسة هاوية ذات مساء من نهاية الأسبوع الماضي، ليكون لنشرها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وقع الصخرة الثقيلة في البركة الراكضة. إنه الملك الذي تنحني له الرؤوس وتقبل يداه اللتان تضمان أهم وأكبر السلطات، يزور الشيخ المريض المصاب بنزلة برد حادة «جمّدت» الجزء المتبقي من رئته، بتعبير عبد الرحمان اليوسفي نفسه في تصريح حصري لموقع «اليوم 24». أكثر من مجرد عملية تواصلية تفصيل بين افتتاح الملك للبرلمان الجديد وانتقاله إلى الأدغال الإفريقية لمباشرة زيارة تاريخية وغير مسبوقة إلى شرق القارة، عاد الملك في اليوم الموالي ليقوم بزيارة ثانية لوزيره الأول السابق. إنها عناية حقيقية واهتمام شخصي فعلي، بدأ حين تناهى إلى علم الملك أن اليوسفي مريض ويتابع علاجا عاديا في بيته لم يثمر نتيجة فعالة، ليأمر بنقله تحت الرعاية الملكية إلى أفضل مستشفيات المملكة وتزويده بالغذاء من المطبخ الملكي. بين 2002 و2016 هو الرجل نفسه الذي خرج من قصر مراكش ذات يوم من صيف 2002، غاضبا مجروحا بعد تعيين وزير داخليته السابق، إدريس جطو، وزيرا أول بدلا منه رغم تصدره للانتخابات، والزعيم «المخذول» الذي ضاعف حزبه من غضبه وحمله على الرحيل من جديد وإلقاء محاضرته الشهيرة بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، والتي باح فيها بما سكت عنه طيلة سنوات حكومته، بين 1998 و2002. هو المعارض السياسي السابق الذي تقول بعض الألسن إن الملك الراحل الحسن الثاني، قدّمه لأبنائه كأكبر تاجر سلاح في المغرب، في إشارة منه إلى تجارب اليوسفي السابقة في المقاومة في ظل الاستعمار والتحضير لثورة لم تتحقق بعد الاستقلال. وبعدما دخل اليوسفي الأجندة الملكية الأسبوع الماضي في عز تعيين الحكومة والتحضير لجولة كبيرة، كان اليوسفي نهاية يوليوز الماضي على موعد آخر مع الملك، حين انتقل مباشرة من قصر تطوان حيث ترأس حفل عيد العرش، إلى مدينة طنجة، ليقوم شخصيا بتدشين شارع كبير يحمل اسم عبدالرحمان اليوسفي. «هذه المبادرات الملكية، خاصة الزيارات إلى المستشفى تكشف عن جانب إنساني يحسب للملك محمد السادس»، يقول عبدالعزيز النويضي، مستشار اليوسفي السابق في مجال الحوار الاجتماعي والعلاقات مع النقابات والمجتمع المدني وقضايا حقوق الإنسان. إنسانية تجاه اليوسفي ناتجة، حسب النويضي، «عن تقدير كبير للسي اليوسفي كزعيم وطني له تاريخ مجيد، وهو التقدير الذي كان يتقاسمه الملك الحسن الثاني في أواخر حياته، وتقديره له كزعيم سياسي لعب دورا كبيرا في انتقال سلس للملك». تقدير قال النويضي الذي اشتغل إلى جانب اليوسفي في حكومة التناوب، إنه يعود إلى إخلاصه ونزاهته ونظافة يده، «وهذه المبادرات وتسمية شارع باسمه في طنجة هي نوع من رد الاعتبار لليوسفي بعد الخروج عن المنهجية الديمقراطية سنة 2002»، يقول النويضي، قبل أن يضيف: «أنا أعتبر أن رد الاعتبار الرئيسي سيكون هو الاستجابة لصرخة السي اليوسفي الصادرة من الأعماق حول الكشف عن الحقيقة في قضية المهدي بنبركة، والتي لن تزيد محمد السادس إلا رفعة وسموا». أول لقاء في مصعد القصر مصدر آخر مازال يحتفظ بعلاقة قرب وثيق باليوسفي، قال ل»أخبار اليوم» إن أول مرة التقى فيها الملك محمد السادس مع اليوسفي مباشرة، كانت عام 1992 وهو بعد ولي للعهد. «كان ذلك حين استقبل والده قادة الأحزاب السياسية، وطلب من البروتوكول أن يصعد اليوسفي وحده في المصعد بينما الباقون صعدوا عبر الأدراج. حين فتح باب المصعد وجد اليوسفي أمامه الملك وولي العهد ومولاي رشيد. سلما على بعضهما وسأل الملك اليوسفي: منذ متى لم نلتق؟ فأجابه اليوسفي بالسنوات والشهور والأيام، أي بالتدقيق. ضحك الملك وقال له: تبارك الله عليك راك عاقل. أجابه اليوسفي: ضروري. ثم قدمه لولي العهد وشقيقه قائلا لهما: «سلما على الأستاذ اليوسفي، هذا الرجل دافع عن العرش، وهو من أخطر من كان يزود المقاومة بالسلاح، حتى من تحت سرير مرضه بالمستشفى»». أما ثاني لقاء مباشر بين الملك و»الثائر»، فلن يكون حسب المصدر نفسه سوى سنة 1998، أي مع تعيين اليوسفي لقيادة حكومة التناوب. «ثم تقوت تلك العلاقة مع وفاة الحسن الثاني، حيث كان اليوسفي من أول من أخبرهم ولي العهد آنذاك. وكان اليوسفي أول من حضر إلى القصر لتقديم العزاء رفقة فتح الله ولعلو وعبدالواحد الراضي. في تلك اللحظات الحاسمة لانتقال الملك كان التواصل جد وثيق بين الملك الجديد واليوسفي. أغلب اللقاءات الثنائية بينهما كانت تتم، حينها، بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية بالرباط، حيث كان يوجد مكتب محمد السادس». ظلّت هذه العلاقة قوية ومتواصلة حتى جاءت لحظة ما بعد نتائج انتخابات 2002، ولقاء مراكش الذي أخبر فيه الملك اليوسفي بقراره تعيين جطو وزيرا أول. وسام الغضب كان الوزير الأول الاتحادي، عبدالرحمان اليوسفي، حريصا على فعل كل ما يمكن أن يساعده في إقناع الملك بضرورة تجديد تعيينه بعد انتخابات 2002، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قرارات من قبيل منع مجلة «لوجورنال» بعد إقدامها على نشر رسالة الفقيه البصري الشهيرة. وبعد إجراء أول استحقاق انتخابي في عهد الملك الشاب، يروي كتاب «ابن صديقنا الملك» لصحابه عمر بروكسي، كيف تلقى اليوسفي استدعاء من القصر الملكي، يوم 2 أكتوبر، انتقل على إثره إلى مراكش حيث تقرر أن يجري الاستقبال. قياديو حزب الوردة كانوا حسب مؤلف الكتاب واثقين من تجديد الثقة في كاتبهم الأول، خاصة أنهم احتلوا المرتبة الأولى في الانتخابات. «مرتديا لباسه التقليدي الرسمي، انتقل اليوسفي بعد زوال تلك الجمعة إلى المدينة الحمراء، ليتلقى الصدمة القوية منذ الوهلة الأولى للقائه بالملك. مقرّب من الزعيم الاتحادي السابق، قال إن اللقاء لم يدم أكثر من 10 دقائق، ودشّنه الملك بإخبار اليوسفي مباشرة بقراره تعيين إدريس جطو وزيرا أول». المصدر الذي تحدث إلى صاحب الكتاب وصف شدة الصدمة التي تلقاها اليوسفي بالقول إن قدميه لم تعودا قادرتين على حمله، لكنه رد رغم ذلك وقال: «لكن جلالة الملك هذا القرار مخالف للمنهجية الديمقراطية»، ليجيب الملك بالقول إنه علم بكون اليوسفي لم يعد مهتما بمنصب الوزير الأول. مصدر «أخبار اليوم» القريب من اليوسفي، قال إن هذا الأخير تقلد الوسام وغادر القصر ولم يخبر أحدا، حتى صدر البلاغ الرسمي لتعيين جطو. «عرضت عليه الاستفادة من فيلا ضخمة بالرباط مثلما ظل معمولا به مع كل الوزراء الأوائل من قبله، لكنه اعتذر ولم يقبل. اكتفى فقط بشراء شقة متوسطة بحي بوركون مساحتها 110 أمتار بالدار البيضاء، حيث لا يزال يقيم. وتوصل من الملك محمد السادس بهديتين فقط، عبارة عن ساعتين يدويتين لا غير». المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، قال ل»أخبار اليوم» إنه وقبل حدث حضور اليوسفي بطنجة إلى جانب الملك أثناء زيارة الرئيس الفرنسي هولاند العام الماضي، «كان الملك قد أمر جطو بتنظيم حفل بفيلا رسمية بالرباط، احتفالا بعيد ميلاد اليوسفي 91، وحضره عدد محدود من المدعوين، كان ضمنهم المستشاران الملكيان الهمة وعزيمان. وخلال ذلك الحفل قدم له الهمة هدية الملك وهي ساعة يدوية (الساعة الأولى كانت سنة 2002)». مستشار فوق العادة علاقة الملك بوزيره الأول السابق لم تنتقل فقط من الغضب والتشنّج الذي أثاره التعيين الملكي لوزير أول غير سياسي عام 2002، إلى ودّ ومجاملة متبادلة؛ بل أصبحت أقرب إلى علاقة الملك والمستشار غير المعلن. عبدالرحمان اليوسفي ورغم خروجه النادر للحديث إلى الصحافة، كشف العام الماضي في حواره مع جريدة «العربي الجديد»، كيف أن الملك طلب مشورته عام 2011، بعد ظهور نتائج الانتخابات، وقبل تعيينه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، رئيسا للحكومة. استشارة تلتها أخرى من بنكيران نفسه، حيث حلّ يوم فاتح دجنبر 2011، أي بعد يومين من تعيينه، ببيت اليوسفي المتواضع بالدار البيضاء، بمعية رئيس الحكومة، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، والمصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وعبدالقادر اعمارة، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية. المسار الطويل من التفاوض الذي جرى في التسعينيات لإنهاء القطيعة بين الملك ومعارضيه، انتهى بذلك القسم الذي قبل عبدالرحمان اليوسفي أداءه سرا مع الملك الراحل الحسن الثاني، وكان تعبيرا عن دخول زعيم الاشتراكيين تجربة «التناوب» بناء على الأعراف المرعية للبلاط العلوي، وليس النصوص والوثائق والدساتير التي تحكم وتنظم الدول الحديثة. وكانت تلك الخطوة امتدادا لهذا الانخراط في تلك الأعراف التقليدية، إذ احتفظت الدولة المغربية بطقوسها وقواعدها المنحدرة من هذا الموروث التقليداني. وتكرّس هذا البُعد لدى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، واللجوء إلى أسلوب البيعة التقليدية، وتقدّم الوزير الأول حينها، عبدالرحمان اليوسفي لائحة الموقعين، مع تسجيل سابقة إشراك الجنرالات وكبار الضباط العسكريين في العملية. إذا كان هناك هاجس أساسي ميّز قيادة عبدالرحمان اليوسفي لتجربة «التناوب التوافقي»، فهو هاجس بناء الثقة مع القصر الملكي، والتضحية بالباقي من أجل هذا الهدف. «لقد وجدنا أنفسنا أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول تمليه المصلحة الوطنية والثاني يميل إلى الاعتبارات السياسية والحزبية، فكان علينا إذن أن نختار بين المشاركة في الحكومة في الوقت الذي كنا نعرف فيه أن الحالة الصحية لعاهلنا مثيرة للقلق وأن المغرب من جراء ذلك سيواجه موعدا عصيبا أو ننتظر تولي عاهلنا الجديد العرش من أجل التفاوض معه حول إجراءات وطرائق مشاركتنا، فاخترنا تحمل مسؤوليتنا الوطنية وفضلنا مصلحة البلاد من أجل المشاركة في انتقال هادئ والتجاوب في نهاية الأمر مع نداء ملكنا الذي كان يدعونا – نحن المغاربة قاطبة – إلى إنقاذ البلاد من السكتة القلبية التي تتهددها بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة»، يقول شيخ الاشتراكيين المغاربة، عبدالرحمان اليوسفي في محاضرته الشهيرة ببروكسيل. فترة رمادية العارفون بأسرار وكواليس تلك المرحلة، يميّزون منذ الوهلة الأولى، بين فصلين اثنين، الأول هو فترة حكومة اليوسفي خلال حياة الملك الحسن الثاني، والثانية في عهد خليفته محمد السادس. «المرحوم الحسن الثاني كان شديد القرب من اليوسفي، ومستشاروه على اتصال دائم بالوزير الأول ويُطلعونه على جميع الأسرار والتفاصيل والملفات الكبرى للمملكة»، يقول مصدر اشتغل بالقرب من اليوسفي حينها. مصدر آخر يقول إن عبدالرحمان اليوسفي «حظي بالثقة الكاملة من لدن الملك الراحل، وتسلّم جميع مفاتيح المملكة، وكانت له قنوات مباشرة للاتصال بالملك والحديث إليه». أما المرحلة الثانية فبدأت بوفاة الملك الحسن الثاني، وتولي محمد السادس ورفاقه سلطة الحكم. «كنا أمام ملك جديد ومعه جيل جديد من المسؤولين الطموحين والراغبين في رسم حدود البيت الملكي وإعادة ترتيبه، فعرفت البدايات انفتاحا حذرا من الحكام الجدد على الوزير الأول وحكومته، وتدريجيا أخذ الحذر يتزايد ويشدد الخناق على عبدالرحمان اليوسفي»، يقول مقرّب من زعيم تجربة التناوب التوافقي. مصادر أخرى قالت إن ما صعّب مهمة اليوسفي «وجعله يفقد الكثير من الملفات التي كانت بين يديه، ويجد صعوبة حتى في الاتصال بالملك والحديث إليه مباشرة، حيث كان في بعض المرات ينتظر شهرا أو شهرين لكي يحصل على موعد؛ هو ظهور لوبيات جديدة قوية لها مصالحها وأطماعها». لوبيات امتدت لتشمل ممثلي الملك على الصعيد الترابي، أي الولاة والعمال، حيث كان اليوسفي يعتزم الاجتماع بممثلي الملك في العمالات والأقاليم، لكي يعرض عليهم تصوره واستراتيجية حكومته التنموية والاقتصادية والاجتماعية. وفي قرارة نفسه يعتبر أن المقاربات الأمنية هي ما تحكمت لمدة عقود في أجهزة وزارة الداخلية، والتي حولت بعض العمالات إلى أداة إعاقة السياسات الحكومية وتركيز الواقع، عوض أن تنخرط العمالة والولاية في خدمة التنمية كما تتصورها الحكومة. ورغم لجوء اليوسفي حينها إلى قواعد حزبه وجريدته للاحتجاج على فيتو إدريس البصري، فإن الوزير الأول لم يُلق كلمته أمام العمال إلا بعد أن افتتح إدريس البصري ذلك الاجتماع التاريخي. وواصل اليوسفي مسيرته الحكومية منذ ذلك الحين، وهو يعلم أن الولاة والعمال لا ينفذون سياساته ولا قراراته. وكان هذا أحد التنازلات التي قادته في الأخير إلى خطبة بروكسيل الشهيرة. الرجل المحترم رغم عودته إلى المغرب واستفادته من المعاش الاستثنائي وعودة علاقته بالملك إلى سابق عهدها، بل أفضل مما كانت عليه؛ ظلّ اليوسفي محتفظا بتقدير واحترام الجميع. وحده بقي قادرا على الجمع بين مصداقية المعارض الثائر وحكمة السياسي المهادن. اللحظة التي جسّدت ذروة هذا الجمع بين النقيضين، كانت العام الماضي في ذكرى اختطاف المعارض المهدي بنبركة، حين تولى اليوسفي تلاوة رسالة ملكية أمام المدعوين إلى القاعة الكبرى للمكتبة الوطنية. واليوسفي وحده كان صيف 2012 قادرا على إعطاء شحنة عاطفية وأخوية لحفل تأبين أحد ألذ أعداء الملكية في المغرب، الرئيس الجزائري الراحل أحمد بنبلة. هادئا وقورا كما كان في زمن حكومة «التناوب»، صعد المنصة بتأن، والتقط بسرعة إشارة رفيقه فتح الله ولعلو، باتخاذ مقعد يتوسط المقاعد المخصصة للضيوف. وبعد دقائق قام متوجها نحو منبر الخطابة. اعتقد البعض أنه سيرتجل كلمة قصيرة، يقدم فيها شهادته حول الراحل أحمد بنبلة، محور هذا التأبين، لكنه أدخل يده تحت سترته، وأخرج من جيبها الداخلي أوراقا مطوية، فتحها وشرع يقرأ منها. الصوت نفسه الذي كان يتردد على أسماع المغاربة ما بين 1998 و2002، لوزيرهم الأول الذي ضمن انتقال العرش من ملك إلى ملك، ومرور حزب من عهد إلى عهد. لكنه الآن يبدو مُتعبا، يسترسل الحديث لبضع عبارات، قبل أن يتوقف ليبلع ريقه، ويداه كما صوته ترتعدان وهما تمسكان بالأوراق. فتح الله ولعلو كان هنا لإمداده بجرعة ماء كلما توقف لاستعادة أنفاسه. حديثه كان عن الراحل أحمد بن بلة، لكن جل من جاؤوا مساء تلك الجمعة إلى مسرح محمد الخامس، جاؤوا لرؤية اليوسفي والاستماع لما سيقول. «ملكية دائمة ومجتمع مسؤول» لقطة القبلة الملكية فوق رأس اليوسفي، وثّقت رسميا لحضور قوي ودائم لهذه الشخصية في قلب الأحداث الوطنية لما يفوق 60 عاما. فبعدما توفى محمد الخامس، استدعى الملك الحسن الثاني ممثلي الهيئات السياسية ليستمع إلى آرائهم حول الوضع الجديد الذي ترتب عن وفاة محمد الخامس، وأوفد الاتحاد الوطني وفدا مكونا من كل من عبدالرحيم بوعبيد، ومحمد البصري، وعبدالرحمن اليوسفي، والدكتور بلمختار، فشرحوا له نظرية الاتحاد أثناء المقابلة التي أجروها معه يوم 8 مارس 1961. طلب الحسن الثاني يومها من مخاطبيه أن يرفعوا له مذكرة رسمية تسجل ما بلغوه إياه. وقد رفعت هذه المذكرة بتاريخ 13 مارس وفي أسفلها توقيع عبدالرحمان اليوسفي. هذا الأخير خاطب العاهل الجديد حينها، قائلا إن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية يرى أنه لا مناص لنظام ملكي «يتوخى الاستقرار والاستمرار على تقاليدنا الصالحة من إنشاء مؤسسات تمثيلية، تلبي رغبة الشعب الأكيدة في المشاركة في الحكم، ومراقبة أعمال الحاكمين وبذلك يصبح المجتمع المغربي مجتمعا مسؤولا، يمارس مسؤولياته في السياسة الداخلية أو الخارجية بواسطة ممثليه المنتخبين».