هذه اللوحة ليست للتسلية، وإنما تهم المادة 70 من قانون المسطرة الجنائية الذي دخل حيز التنفيذ يوم فاتح أكتوبر 2003 دون أن توفر له وزارة العدل آليات ترجمته على أرض الواقع، حيث تطلب تفعيله 800 قاض، و 1000 موظف، ومبالغ مالية مهمة حسب تصريح وزير العدل السابق. وإذا كان عدد من مقتضيات القانون يولد ميت لعدم مراعاة الإمكانيات المادية والبشرية والتقنية فإن تعقيد الإحالة على مواد نفس القانون وقوانين أخرى تزيد من تعطيلها وتعقيدها، حيث يستحيل على ذوي الاختصاص فك طلاسم شبكتها العنكبوتية. وهكذا مثلا نلاحظ أن المادة 70 تحيل لوحدها على 20 مادة، منها 19 مادة تحيل على مواد أخرى، ومادة واحدة ترجعنا الى القانون المتعلق بالبريد (رقم 69.24 المؤرخ في 7 غشت 1997، بل إن الرجوع الى كل مادة من المواد الآنفة الذكر نجدها مرتبطة هي الأخرى بإحالات. كما أن الواقع العملي أفرز إشكالات تضارب بشأنها العمل القضائي، مما أدى الى «اجتهاد» خارج عن النص القانوني، وهو ما دفع في وقت سابق وزارة العدل الى تشكيل لجينة لرصد الاختلالات. وعليه فإن وزارة العدل بحكم وصايتها مطالبة أولا بتعزيز طاقمها برجال القانون من ذوي الاختصاص الذين تفتقر لهم جل الإدارات العمومية ولجنتي العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلسي النواب والمستشارين، وثانيا خلق مركز للبحوث والدراسات القانونية كمؤسسة قائمة الذات بإمكانياتها المادية والبشرية، وتشكيل خلية مثلا فيما يخص مراجعة جذرية لقانون المسطرة الجنائية، بدءاً بتجميع الأشغال التحضيرية بما في ذلك الندوة المنعقدة بالبرلمان وما نشر حول الموضوع الذي كان جريدة «العلم» قد أولته اهتماما خاصا ، حيث أن مجمل المقتضيات التي كانت قد تطرقنا إليها أُعيد فيها النظر، وثالثا دعوة كل مساعدي القضاء دون استثناء لتقديم مقترحاتهم بشكل مستقل، ثم تجميع المعطيات، وعقد ندوة وطنية مفتوحة للخروج بتصورات واضحة بهدف صياغة مسودة مشروع قانون يعرض على البرلمان، وليس تقديم توصيات تظل عالقة، كشأن التوصيات الهامة للندوة الوطنية المنعقدة بمكناس سنة 2004 في موضوع، السياسة الجنائية: واقع وآفاق». كما نقدم ضمن هذه الورقة المادة 208 من قانون المسطرة الجنائية التي تحيل بدورها على 39 مادة استناداً الى الجرد الذي كان الأستاذ الحسين الملكي قد قام به وأعد بشأنه مؤلفا في جزءين لم يكتب له النشر، ونتمنى أن ينفض عنه الغبار لأهميته القصوى لفهم مفاتيح هذا القانون. عبدالله الشرقاوي