سيشرع هذا الأسبوع العمل بالقانون الجديد للمسطرة الجنائية، وهو القانون الذي أدخلت عليه عدة تعديلات في الولاية التشريعة السابقة وتمت المصادقة عليه ليخرج إلى حيز التطبيق في فاتح أكتوبر الجاري. ولم يسلم هذا القانون من عدة انتقادات أثناء عرض مشروعه على البرلمان، إلا أن أغلب الباحثين ذهبوا إلى أنه يتضمن عدة إيجابيات. وفي هذا السياق، قال الأستاذ عبد الرحمان بن عمرو، نقيب سابق بهيأة المحامين بالرباط وناشط حقوقي، في تصريح لالتجديد، أن القانون الجديد يحمل إيجابيات قليلة وسلبيات كثيرة، وذكر من بين الإيجابيات أنه أصبح من الممكن حضور المحامي البحث التمهيدي الذي تقوم به الضابطة القضائية، إلا أن الأستاذ بنعمرو، استدرك قائلا إنه يمكن إفراغ هذه الإمكانية من محتواها، حيث يحق للضابطة أن تعمل على تأجيل حضور المحامي للبحث التمهيدي، مما يعطيها الفرصة لصنع الملفات. وأكد المحامي المذكور أن استئناف قرارات الغرفة الجنائية تعتبر إيجابية جديدة أتى بها القانون الجديد، لكنه أضاف أنه مع ذلك تبقى هناك سلبيات أخرى صاحبته وهي متعلقة بتوسيع إمكانية التفتيش، وإمكانية المس بالسر المهني وأحكام التنصت وغيرها. وفيما يخص تاريخ تطبيق قانون المسطرة الجنائية، فقد صرح بنعمرو أنه وقع تعديل بشأنه، حيث كان من المنتظر أن يبدأ تنفيذه في بداية شهر يوليز القادم، غير أن الأحداث الأخيرة التي عرفها المغرب والمصادقة على قانون الإرهاب، صدر قانون جديد بتعجيل تطبيق المسطرة الجنائية في فاتح أكتوبر الجاري، مع العلم أن جزء من هذه المسطرة بدأ العمل به منذ 29 ماي المنصرم ضمن الجانب الشكلي لقانون الإرهاب. وللإشارة، فإن القانون المذكور أسال العديد من المداد بشأنه على صفحات الجرائد الوطنية، كما أقيمت حوله عدة لقاءات ودراسات مختصة، ونقاشات واسعة على مستوى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان أثناء عرض المشروع عليها. ولم يختلف المختصون في هذا المجال أن التعديلات التي أدخلت على المسطرة الجنائية جاءت بجديد، وإن كانوا يختلفون حول بعض القضايا التي يعتبرها البعض أنها تمس بالحقوق الشخصية للأفراد كمسألة التنصت التي يمكن أن تأمر بها النيابة العامة. وحول هذه المؤسسة الأخيرة، فقد لوحظ أنها توسعت في بعض الاختصاصات، حيث يتعرض لها القانون الجديد في 240 مادة من أصل ,757 وتدخل في إطار تخويلها بعض الاختصاصات كالأمر بانتزاع الحيازة العقارية بعد التنفيذ، حيث بإمكانها اتخاذ أي اجراء تحفظي تراه ملائما لحماية الحيازة وإرجاع الحالة الى ماكانت عليه، والأمر برد الاشياء التي ضبطت اثناء البحث ما لم تكن لازمة لسير الدعوى أو خطيرة أو محل المصادرة.. ويجوز للنيابة العامة عندما تكون أمام مخالفة يعاقب عليها القانون بغرامة مالية فقط أن تقترح على المخالف بمقتضى سند قابل للتنفيذ أداء غرامة جزافية تبلغ نصف الحد الأقصى للغرامة.. وبصفة عامة فقد جاء القانون الجديد ببعض المستجدات كالرجوع إلى القضاء الفردي في بعض القضايا المعروضة، وإحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة والقضاة المكلفين بالتحقيق في المحاكم الابتدائية وغيرها... ومن الأمور التي يعتبرها البعض إيجابية كالمادة 51 من القانون الجديد التي تنص على أن وزير العدل يشرف على تنفيذ السياسة الجنائية ويبلغها الى الوكلاء العامين للملك الذين يسهرون على تطبيقها، وعلى وجوب أن تكون التعليمات التي يعطيها للنيابة العامة مكتوبة. والشروع في تطبيق القانون الجديد يحتاج إلى إمكانيات مادية وبشرية وتقنية هامة لتنزيل فصوله على أرض الواقع، فمثلا يحتاج الأمر إلى قضاة إضافيين يقاربون الألف وكذا الشأن بالنسبة للموظفين. وللإشارة، فإن عدد القضاة الحاليين يبلغون حوال 3000 قاض، وتصل القضايا التي تعرض على محاكم المملكة بالملايين، فمثلا في سنة 2002 وصلت إلى ثلاثة ملايين قضية، تروج منها أمام المحاكم الابتدائية 2 مليون و 500 ألف قضية، حسب تصريح صحفي سابق لوزير العدل. عمر العمري