ترجم العربي مموش أستاذ اللغة الفرنسية كتاب الأمير الصغير «le petit Prince» للكاتب الفرنسي أنطوان دي سانت إكسبيغي إلى اللغة الأمازيغية وهو مؤلف أدبي مشهور ترجم إلى مئات اللغات المعروفة عالميا و حتى لغات الأقليات. و قصة الكتاب في غاية الجمال والروعة من الناحية السردية والجمالية، رغم بساطة أسلوبه، فانه يتسم بعمق فلسفي كبير و يطرح قضايا إنسانية كونية عميقة لها حضور كبير في الثقافة الأمازيغية. ويعتبر مموش الترجمة عملية تواصلية، حتمتها منذ زمن بعيد العلاقات بين الشعوب والمبادلات التجارية والثقافية بين المجتمعات. إنها تستند على حضور الآخر والرغبة في التواصل معه وفهم ونشر منتوجه الفكري واللغوي والثقافي. إنها تساهم في اكتشاف لغة و ثقافة الآخر، و إدراك نمط تفكيره و مستوى تقدمه الحضاري والفكري. ويضيف أن الترجمة وسيلة مهمة لتجاوز العائق اللغوي الذي يحول دون الاطلاع على المؤلفات والمنتوجات الفكرية في مصادرها الأصلية. فهي تساهم في الإشعاع الفكري والعلمي متجاوزة بذلك الحدود اللغوية والجغرافية. وهكذا فعملية نقل نص كيفما كان من لغة إلى لغة أخرى تصاحبها عملية تحويل أفكار و عادات وتقاليد وأنماط معينة تغذي المجتمع المستقبل و ثقافته وتؤثر فيها. إنها تعيد هيكلة اللغة والثقافة باستمرار عن طريق ضخ مؤثرات و مقومات جديدة في بنيتها، يتم استهلاكها و استعمالها كاملة و دون تغيير لتتأصل في نمط عيش و تفكير المجتمع الذي يكتشفها عبر الترجمة. لكنه قد يقوم بتكييفها مع تربته الثقافية والسوسيولوجية عبر عمليتي الرفض والاحتفاظ. و تبقى ثقافته مفتوحة على تأثيرات المثاقفة التي تحتمها الترجمة. ومن دواعي ترجمة هذا الكتاب ما يتعلق بتنمية اللغة و تجريب قدراتها التعبيرية و تطعيم الأدب الامازيغي بأجناس أدبية أخرى و ضخ قيم إنسانية جديدة. ترجمة هذا الكتاب «Amnukal mzz?iyn» هو الإصدار الثاني لجمعية «أفراك» في ظرف سنتين بعد نشر أعمال ندوة حول المنتزه الوطني لسوس ماسة (غشت 2004) وهناك كتاب ثالث خاص بالأطفال قيد الطبع، يخص أناشيد المخيمات من تأليف رشيد أوبغاج. ولهذا قررت جمعية «افراك» أن تستثمر وسيلة جديدة في إغناء و تطوير اللغة والثقافة الامازيغيتين و هي النشر، وعيا بمشاق وصعوبات الطبع والنشر والتوزيع في غياب الدعم والتسهيلات و البنيات الأساسية، خاصة ما يتعلق بالكتاب الامازيغي. لكن الرأسمال الذي يعتز به هو صمود الفاعلين وتضحياتهم المادية والمعنوية و مساهمات المتعاطفين مع الجمعية والمقتنعين بجدية وجدوى العملية و أهمية أهدافها. وتضيف هذه الترجمة قيمة للأدب الأمازيغي تتمثل في إغناء الخزانة الأمازيغية و المساهمة في الإشعاع الثقافي الامازيغي و تنويع وتطوير الأجناس الأدبية الأمازيغية، بالإضافة إلى المساهمة في تطوير الترجمة الأدبية باللغة الأمازيغية وكذا توفير الوسائط الديداكتيكية والنصوص الأدبية التي ستحتاجها البرامج التعليمية، و المساهمة في تقديم حلول لبعض الصعوبات التي تعترض الترجمة الى الامازيغية و توفير نصوص للاشتغال و الممارسة النقدية التي تواكب عملية الترجمة و المساهمة كذلك في اغناء الثقافة الامازيغية بالموروث الإنساني الكوني في جوانبها الايجابية.