شوكي: "التجمع" ينصت إلى المواطنين وأساسه الوفاء ببرنامجه الانتخابي    مؤتمر البيجيدي: مراجعات بطعم الانتكاسة    منتخب الجيدو يحصد 5 ميداليات في اليوم الأول من البطولة الإفريقية    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يبدأ تحضيراته الأخيرة لكأس إفريقيا بمصر    فليك: الريال قادر على إيذائنا.. وثنائي برشلونة مطالب بالتأقلم    سيرخيو فرانسيسكو مدربا جديدا لريال سوسييداد    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    ولاية أمن الدار البيضاء تنفي مزاعم سرقة هواتف تلاميذ    مصدر أمني ينفي اعتقال شرطيين بمراكش على خلفية تسريب فيديو تدخل أمني    كيوسك السبت | القطب المالي للدار البيضاء الأول إفريقيا وال 50 عالميا    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    فعاليات ترصد انتشار "البوفا" والمخدرات المذابة في مدن سوس (فيديو)    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" بالناظور    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    دول الساحل تعلن دعمها الكامل للمغرب وتثمن مبادرة "الرباط – الأطلسي" الاستراتيجية    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    مؤتمر "بيجيدي".. غياب شخصيات وازنة وسط حضور "طيف بنكيران"    هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب والسرد
نشر في طنجة الأدبية يوم 22 - 06 - 2012

تعددت في الآداب العالمية النصوصُ الروائية التي تناولت ظاهرةَ الحرب ، ملتقطة ما يتمظهر فيها من نقائض الوضع البشري بما يحمله من آلام وآمال، وشر وخير، وخسة وبطولة، ووهدة وسموق...
أجل للحرب قدرة كبيرة على استدعاء السرد، واستجاشة الشعور والخيال. فلا يمكن للحرب ، ولو كانت محدودةً في توقيتها الزمني ، أن تمر كلحظة عابرة ؛ لأنها تختزل أكثر اللحظات والمشاهد إيلاما . والألم مختبر فعلي للنفس البشرية، إذ فيه تتجلى حقيقتها سافرة بلا رتوش.لذا تبقى الحرب ماثلة في الذاكرة ، حاضرة في الحكي باستمرار.
وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للحروب الخاطفة الوجيزة في حجمها الزمني وامتدادها المكاني، فإن الأمر يصدق أكثر على الحروب الكبرى ؛ لأنها لحظات مفصليةٌ في الصيرورة التاريخية للإنسانية، يجاوز تأثيرُها ساحَ العراك إلى ساح التاريخ بكل امتداده؛ حيث تحول مجراه ، وتغير من أوضاع المجتمعات والدول، بل تصل أحيانا إلى أن تبدل من إطاراتها الجغرافية على نحو جذري؛ ولذا فمثل هذه الحروب الكبرى يكون لها وقع خاص على الأدب بمختلف أشكاله وأجناسه، وخاصة في الجنس القصصي. حيث يستجيب لها السرد متوسلا مختلف طرائقه وأساليبه (تسجيلا ووصفا، أو تخييلا وإبداعا ).
وأشهر نموذج تناول هذا الموضوع المغري للمخيال السردي هو رواية "الحرب والسلام " لتولوستوي، الذي اتخذ نموذج الحرب النابليونية مادة بلور من خلالها مشهدا بالغ التنوع والتركيب والتعقيد، إلى حد اقتداره على اختزال واقع المجتمع الروسي بكل فئاته وأذواقه ومواقفه وهواجسه...
كما كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية مادة استفزت المخيال السردي ، فنتجت عن ذلك عشرات بل مئات من النصوص الروائية في مختلف اللغات ( الروسية والفرنسية والانجليزية والألمانية واليابانية والعربية...).
وإذا كان الأدب في أجناسه السردية قد تناول ظاهرة الحرب بنمط الحكي ، فإن الأبحاث الفلسفية والسيكولوجية قد تناولتها بطرائقها الخاصة ، فحللت المفهوم وانشغلت ببحث الدوافع والأسباب ، كما نَظَّرَ بعضها - أحيل هنا على سبيل المثال على كانط في دراسته المعنونة ب"السلام الدائم"- لمستقبل تنتفي منه الحروب ويزول الصراع العنفي المادي بين الدول.
وكشأن كل المفاهيم والألفاظ المفتاحية التي تركب بنية الثقافة والوعي ، اختلف الفلاسفة ومفكرو الاستراتيجيا العسكرية في تعريف مفهوم الحرب وتحديد ماهيتها ؛ لكن مثل هذا الجدل اللفظي يبدو لدى من خَبِرَ الحربَ مراء لا قيمة له؛ لأن من عايشها يعرفها ويدرك مآسيها، بحيث يبدو من النافل الإيغال في مقاربة هذا الاختلاف الدلالي . إذ الحرب من نمط تلك الألفاظ التي نحس مدلولها ونستشعره وإن صعب نقله إلى تعابير تبينه وتوضحه. غير أن أشهر تعريف لماهيتها ما كتبه الإستراتيجي كلاوزفيتش، حيث عرفها بقوله :"الحرب هي استخدام القوة لإلزام الخصم بالخضوع لإرادتنا..
غير أن الحروب لا تبدو مجرد استعمال للقوة ، بل إيغال في توحش القوة ؛ ولذا نتيجة لفظاعة فعلها وساديته ووحشيته ، اتجه بعض الفلاسفة إلى النظر إلى الحرب بوصفها مخالفة للماهية الإنسانية ، بما هي ماهية عاقلة تتمايز عن الحيوانية .
لكن المفارقة هي أن الحرب التي يُزعم أنها مضادة للعقل ، ما خدمها سلاحٌ أمضى من سلاح العقل ذاته. والنظر اليوم في تقنية صناعة الحرب سيلاحظ ولابد، أن مختلف العلوم البشرية ، من رياضيات وكيمياء وفيزياء وبيولوجيا وغيرها ، صارت تخدم هذا الجانب الوحشي في الإنسان على نحو يكشف تسخيرا مطلقا للعقل من قِبَلِ غريزة التوحش !
ترى لم يلجأ الكائن الإنساني إلى الحرب ؟
هنا أيضا تختلف الأجوبة وتتباين ، ومن أطرفها جواب من يختزل الغاية من الحروب والدافع إليها على حد سواء في الحاجة النفسية التي تتمثل في مجرد الإحساس بنشوة الانتصار . وقريب من هذا المعنى ما ذهب إليه هيجل في تحليله لما سماه بجدلية السيد والعبد، حيث اختصر الدافع إلى الحرب في حاجة الأنا إلى انتزاع اعتراف الآخر به. وفي سياق التحليل النفسي يذهب سيجموند فرويد – انسجاما مع نهجه "الفلسفي" القائم على تحليل السلوك الفردي والجمعي بإرجاعه إلى عقدة أوديب – إلى تعليل الحرب بالدافع الغريزي ، منطلقا في تحليله من غريزتي الحب والكراهية، فيتخيل بداية صراع الإنسان مع شبيهه بوصفه صراعا جنسيا ، ناقدا بذلك التخيلات الفلسفية الأنثروبولوجية التي جعلت بداية الصراع البشري مرهونة ببداية نظام الملكية الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.