جربت النوم، هيهات !! .. كانت تتخبط في السرير كسمكة أخرجت للتو من وعاء، كيف لها أن تنسى ما حدث ذلك الصباح. " نفيسْتو دْيالو " التي حطت بنيويورك كطائر السنونو قادمة من غينيا، وهي في سن مبكر لا تفرق فيه بين القارات وعالم الخرائط ، ها هي الآن في سن الثلاثين يشتهيها الرجال كفاكهة طازجة سقطت في صحن من العسل الأسود الحر، بجسدها المنحوت كعارضات الأزياء ، وضحكتها المجلجلة التي تبرز فيها كل أسنانها الناصعة البياض المتراصة كجيش يقوم بتحية علم. -غدا صباحا يستقبلك بمكتبه، لقد قال لي بالحرف : -لو لم تكن عزيزا علي ما قبلت بتشغيل عشيقتك هاته ، -لا تخيبي ظني فيك لقد رغبته كثيرا ليقبل ان تشتغلين في هذا الفندق ، مضيفا بلكنته الزنجية: -إنه" السوفيتال "يا نفيستو يصل سعر الغرفة فيه الى مرتب سنتين لموظف عمومي بغينيا هاهاهاها... و ينخرط الاثنان في موجة ضحك هستيرية، ويذوبان فوق السرير في أشياء عابرة. في بعض الأحيان، تثقل كاهلنا الايام، تجثم على صدورنا كجبل عظيم، نحس بالاختناق و بصعوبة في التنفس نسأل أنفسنا ما بنا؟ ولا نعرف الجواب، رغم أن كل شيء على ما يرام ينقصنا شيء ما هو ؟ و سرعان ما يتضح لنا أن المرض الذي أصابنا يسمى الروتين، بحيث تصبح الأيام متشابهة كالنعجة البريطانية دولي، هذا حال نفيستو ذلك الصباح وهي في طريقها إلى" السوفيتال "تعرف مسبقا أنه في مكتبه المعتاد يدخن سيجارته الأمريكية " كينت " يحملق في شاشته المسطحة التي تظهر له الغرف الفارغة وأخرى أفرغت للتو يسجلها في أوراق ويضع على كل ورقة رقم الغرفة واسم الخادمة التي ستتكلف بتنظيفها، يرد تحية الصباح نافثا دخانه في السقف كقطار قديم، يوزع الأوراق ، يستلطف و يستعطف ثم يقول : أيتها البنات الجميلات كالملائكة ، رفقا بشيخوختي ، لا تكلفوني وزر الصعود إلى الغرف للتفتيش يجب أن يكون العمل متقونا كالساعة السويسرية ولا يقبل أي عذر فإن اتصلت بي الإدارة او تقدم زبون نازل بشكوى فسأحرمكن من العلاوة، وكل المميزات ، ولن تكن قريبات من قلبي فلا تخسرن ودّي إذن، هيا انتشرن وبسرعة. دخلت" نفيستو ديالو "الغرفة رقم 2820 ربطت المكنسة الكهربائية بالمأخذ الكهربائي وبدأت تمتص الغبار كما تمتص النحلة الأقحوان، جددت السرير ودخلت لتنظف الحمام ، واذا بها ترى ما لم يكن في الحسبان، " دومينيك " كالبزاقة العريانة، عار من كل خيط ، كما ولدته أمه، ابتسم لها وقال : -صباح الخير أيتها الفراشة. هي المواقف مواقف، في بعض الأحيان إذا فوجئنا بموقف تجلى فجأة، عجزنا عن التعبير، ويصبح موقفنا رغم جدية الموضوع وحساسيته موقفا هزيلا يغري بالضحك. ضحك دومينيك وربث على كتف نفيسة وقال : -لم تتوقعي وجودي هنا أليس كذلك ؟ قالت متلعثمة : -بلا سيدي اتجهت نحو المأخذ الكهربائي لتفك خيط المكنسة الكهربائية، مسكها من يدها وجرها نحو السرير مازحا : -اتركي هذه الأشياء الجدية وتعالي لنمزح بعض الوقت -عفوا سيدي يجب أن اغادر المكان قالتها بلطف وهي على علم أن أي شجار مع الزبون قد يعرض عملها للخطر. ألقى بها فوق السرير و نط فوقها كقط عجوز حاولت التملص دون فائدة ، لم تتوقع قط أن تمر بموقف كهذا حاولت لاستعطاف والترجي دون جدوى ، فقد كان جوعه أقوى من أي مقاومة تركها تتخط في دموعها ، حمل حقيبته، مرتبكا ، أكمل قفل أزراره في المصعد ، ألقى ببطاقة الغرفة على المنضدة وقال : سأطير الى باريس، لقد تأخرت على موعد الطائرة عافت نفسها الأكل ، دخلت غرفتها أغلقت الباب بإحكام ، أسدلت الستار ، أحست أنها فيه أمان ، دفنت وجها في الوسادة وكأنها تريد أن تستر عارها ، بكت بكاء الصغار، جربت النوم، لكن ، هيهات !! .. أينام من اغتصب ، شعلت التلفاز لعل ذلك يشغلها بالتفكير في شيء آخر ولو لي دقائق. آلو..آلو: - أنا نفيستو ديالو خادمة غرفة في السوفيتال لقد اغتصبت قبل ساعة من طرف النازل في الغرفة 2820 قفلت السماعة وانخرطت في البكاء وإذا أردتم أن تعرفوا القصة كاملة أكتبوا في محرك البحث الالكتروني اسمي فقط نفيستو ديالو.