وهو ممدَّدٌ فوق سريره، التفت ناحيتها وشرع يمرِّرُ راحته بين نهديها، انتفضت البومة وابتعدت عنه ُ قليلاً وردَّت بعبوس: لن تمسني مرة أُخرى ما لم أر شعبا آخراً يثور كما ثار الشعب التونسي، وما لم أرَ دولة أخرى تنفطر كما انفطرت السودان (أنا كنتوحَمْ). قهقهَ حتى ظهرت مؤخرة لسانه ، وسَحب راحتهُ القرمزية وشرع يهمسُ في أدنها: إن استمر الوضع هكذا يا حبيبتي فسترين عشرات الشعوب الثائرة وعشرات الدول المنشَطِرة !. وهَمْهَم مكلِّما نفسه: حمداً لله فلو كانت قد طلبت مني عنقود عنبٍ لكان أشقٌ عليَّ من هذا. ومع هبوب كل نسيمٍ خفيف، كانت عناقيد العنب تتدلى متمايلةً بين أوراق الكرْمة التي كانا قد بنيا فيها عشهما.