ثمة ألمٌ كثيرٌ يقترب، كما هي الموسيقى في أصابع يد العازف، حيث ينزف الألم. وما من أحدٍ يسمع غير الموسيقى. قد تفهمها أو قد لا تفهمها. لكن ثمة ألمٌ عالقٌ بين الأصابع، هو يخرج منها، من القلب، من العين، من الجسد، ولكنه يحمل صوتَ الموسيقى، حيث العازف شهيد اللحن . أختارُ أكثرَ اللحن ضراوة وأشده قسوة وأهديك الذي في قلبي، أنت عازف اللحظة وسارقها، قناص الحقيقة الشهيدة في جسد الآلات، حيث تسكن فيها عذاباتك أيها العازف. ثمة رجلٌ وامرأة في ثياب الخريف. عراة إلا من الحب والضوء. أشعلوا الجسد. وكان خريفاً على باب الخريف، وكان اللحن يبكي ويصرخ مستعينا بالعازف ذي الشعر الطويل، حسبته شحاذ الأيام ولكنه كان عازف اللحن، حسبته بسيطاً، لكنه كان كالماء . لا تركضي أيتها الموسيقى، هو العازف التعب، وأنا المستمعة الأكثر تعباً، ثمة تعبٌ لا يشبه تعبي . اعزف أيها العازف، أصابعك التي تعزف، هي نفسها التي تكتب بها، هي نفسها التي تقتل بها، هي نفسها التي تأكل بها، وهي نفسها التي تجرحك. ثمة ألمٌ وثمة عشاقٌ له . ثمة موتٌ وثمة محبون له وأنا لستُ واحدةً منهم . ثمة ليلٌ طويلٌ ولكن الدروب أطول منه، وخطوتي إليك هي بداية قتلك لي، وأعلن عنك في مواسم الحداد، صياد العمر وقناص الفرح، وما شئت وما أبيت اخترتك. أنتم تسمعون الموسيقى الآن وتشعرون بها ... أحدكم يقول : الربيع يتفتح الشتاء يقترب الخريف على الأبواب أحدكم يقول : هو العمر زنزانة تعزف أناشيد البقاء. لم يكن لي بيت ولا جار... أنا التي سرقت في الصمت أحزانَ البشر .