أحس بالغيظ الشديد وبعد أن سرت في نفسه نوبة غضب مفاجئة... إنه يعمل بستانيا رغم أنه يتوفر على دبلوم جامعي... قرب نافورة المياه الإصطناعية التى آنعكست عليها الأضواء الملونة الكاشفة وقفت نسوة بدلال زائد ...كانت طنجة في ذاك اليوم عارية تماما متجردة من لباسها بالكامل ...نهداها...شفتاها...بل حتى مؤخرتها الملتصقة بسروال الجينز كانت بمثابة بطاقة دعوة إلى نزهة على شاطئ البحر في منتصف ليل ...أخفى وجهه بين أكمام قميصه الرث ...شعر أن الدنيا أضيق من كفه لكنه وسى نفسه بكلمات تدفقت إلى مخيلته الثكلى فجأة قال في نفسه " العمل ليس عيبا " إنهمك في عمله ...المداعبات لا تخلو من مكان ...قبلات تصفق في كل لحظة إنه ليل طنجة الذي يأبى الرحيل من فناء المتعة واللذة ...محجبة تسقط غريقة في بحر من اللمسات اللاهبة والمداعبات الليلية مع شاب بدا في عمر آبنها البكر ...اللعنة إنه لباس وكفى أليست بشرا ؟؟إنها تتقنع في لباس بينما تخفي في طيات جسدها قنبلة تفجرت من دون سابق إنذار .
نكّس رأسه... أحسّ بالخجل قال ذات ليلة إنه من المستحيل أن يجد فتاة بلا ماضي غرامي أسود لذا فهو ليس بحاجة لزواج ...دقت ساعته على زمن الثانية صباحا ...لكن زمن طنجة لم ينتهى بعد ظلت شوارعها مزدحمة بساكنيها إنهم مثل جيش من النمل الأسود...الأرصفة ...الكورنيش...الحدائق العامة كلها أمكنة محجوزة إلى ما بعد طلوع الشمس ...رجال الشرطة لا يستطعون مقاومة السحر الأنثوي... عبثا إنهم بشر بعيون زائغة مكبلين بأصفاد زيهم البوليسي.
الثالثة صباحا ...الحانات والديسكوهات المنتشرة كالفطر السام تلفظ السكارى إلى الخارج والعاهرات يمسحن ما علق بهنّ من ماء رجولي ...ويشرعن في صيد جديد (كاين شي حد كره الزيادة ) وغالبا ما ينجحن ويكلل بفرملة قوية وآستعراضية أو قرع لزامور سيارة الجالية ...إنهم بارعون في آستغلال اللحم الرخيص المعروض في كل مكان ...كل يقول عن نفسه صياد...المومس ...وصاحب السيارة ...لكنه حقيقة لا يعلم أيهما آصطاد الأخر ؟ربما لخبرته القليلة في عالم الليل .
لاحت في الأفق شمس يوم جديد ...آختفت المومسات والنسوة وظلت الأمكنة كما هي ...أضحت طنجة مدينة أشباح غادرها الكل إلى غاية ليلة أخرى بنفس الطعم ونفس المشهد.