تلتقي الفنانة التشكيلية نعيمة اشركوك في الثالث شهر يناير المقبل، وحتى الحادية عشر من نفس الشهر، برواق المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، مع الجمهور في معرض فردي جديد، تقدم فيه، فيضا من أشعارها الملونة التي تسافر به إلى عوالم غيبية لا يعلمها احد مهما اختلفت التأويلات والقراءات العاشقة لتجربتها التي تعد إحدى التجارب الفنية الرائدة في المشهد التشكيلي المغربي. وتعرض الفنانة اشركوك بأناقة المبدعات، في هذا المعرض الذي يقام تحت شعار"رقصات الألوان"، جانبا مضيئا في تجربتها الفنية التي تعتبر واحدة من العلامات المهمة والساطعة في المدرسة المستقبلية، حيث التمرد على الواقع كوسيلة فنية من اجل الحياة، ومن اجل استكشاف عوالم الروح وما تختلجه العواطف والمشاعر الإنسانية، أنها صورة رائعة من صور البوح التشكيلي الشعري لدى الفنانة التي تجد في اللوحة السحر الإبداعي الذي يقود الى ابراز مكنونات الذات بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ان تجربة الفنانة من خلال هذا المعرض، تحاكي رقصة "ايروسية" لنحلة تفتح شهد نوافذ عسلها الحر مع اشراقة كل صباح من أجل ان ترى شمس الحياة ترفرق بين اناملها كفراشة، انها رقصة لونية توحي بالهادئ البنفسجي الشفيف أكثر من تقول الحقيقة، انها قصائد شعرية لها رقة الصبايا حين يعشن لون الربيع، كي يحتفلن احتفالا رائعا ليس ككل احتفال، ان لوحات الفنانة التي ستتراقص بين العشرين والثلاثين في المعرض رفرفات في كل زوايا المسرح الوطني، وعرضا شعريا ممسرحا بطريقة رائعة لا يعدله اي توصيف، انها الوان لها بريق التجريد، وسحر السوريالية، ووداعة احتفالية شاعرية تراقص الظلال الحالمة، وتعانق فيضا من الأشكال والوجوه الآدمية التي تحيا حياة لا يمكن ان يعرفها احد... انها علامات سيميائية تشرق بالرقة، وتمسي على هودج ليلكي يرقص معه الغروب، فيما الشمس تغادر هذا العالم، وهي تغطس في بحر الجمال كصحن ليمون...يا لها من صور رائعة للغاية. هكذا تبسط الفنانة التشكيلية جزء من سحر لوحاتها، التي تتمرد على الواقع وعلى الإبداع السائد من أجل الإبداع الحقيق، انه ابداع جديد فاتن، ليس ككل إبداع، انه إبداع مميز للغاية لا يريد ان يعيش في جلباب الاخرين، بل ابداع يريد ان يرقص في احتفالية تقيمها الفنانة بنسق خلاق، يعيد الحياة الى سحر الوجود والوجدان، ويمنح لكل لوحة نصا شعريا مطلعه"جمعتني بكل بلية الشعر أيتها الألوان، التي ترقص مع هبة نسيم كل فرشاة كلما تمايلت ذات ليلة بين اناملها المدربة في خيلاء. هكذا تقيم الفنانة التشكيلية في كل طقوسها حدود الممكن والمحال، فيطرح المتلقي السؤال، كما تمعن وتأمل في تلك النصوص اللونية التي تمجد في العمق الفن في علاقته بكل اشكال الحياة والذات والاخر، بحثا عن جوهر الوجود، انه سؤال فلسفي يعمق نقاش اللوحة التشكيلية في حضرة التجربة الفنية للفنانة نعيمة وهو ما يجعل تجربتها الفنية احدى التجارب النسائية الفريدة في المشهد التشكيلي المغربي والعربي، انها تجربة تعبر عن لواعج النفس والمسكوت عنه، وخبايا الروح بطريقة فنية مختلفة، وذلك باسلوب فني يكرس قيمة التعبير التشكيلي البهي، واللغة التشكيلية الراقية كنسق معرفي، يجعل من الفنن التشكيلي لديها رسالة الى العالم، بحثا عن الحقيقة في زمن التشظي. ها هنا تتحول لوحات الفنانة التشكيلية مع خلال هذا المعرض الى ترجمة شاعرية لما تحسه، وتحاول ان توصله الى الاخر وفق طريقة فنية احترافية غاية في الأناقة والسحر الفني الخالص، انها بكل اختصار، تجربة تشكيلية تراقص اللون، وتصنع منه ما تشاء، وفي لحظة انتشاء تركبه صهوة طائعة بحثا عن تلك الأضواء الليلكية الرائعة حيث معها يحلى الشعر الراقص بقشيب الأحلام. الى هنا يمكن اعتبار لوحات الفنانة التشكيلية الراقصة في كل اتجاه، بوح ابداعي آت من كوكب لوني مبهر، فيه يفيض البوح الفني بكثير من الهبة الصوفية التي تجعل من اللوحة التشكيلية في حضرتها مشبعة بفيض من القدسية التي تضيء بنور ألوان زاهية لها الكثير من الكرامات، حيث في لوحات يدخل المتلقي في محرابها الشريف عاكفا هناك، انها لوحات تنتصر لقيم الحس التجريدي الملتفع ببلاغة الغموض والابهام، وفي ذلك لذة العسل الذي تصنعه تلك النحلات الراقصات بين كل الزوايا، انها عناق سرمدي بين الوان الشكل، ومشاهد المعنى الحية، انها اسئلة فلسفية تبحث عن محبة الحكمة، في مدينة فاضلة لها أسوار عالية يصعب الولوج إليها مهما تسلقتها المشاعر كاللبلاب. هكذا يمكن اعتبار تجربة الفنانة التشكيلية من خلال هذا المعرض احتفال كبير بمشروع فني مميز|، تشتغل عليه الفنانة بحثا عن بصمة تميزها عن باقي الاخريات، انها ترسم وفي رسمها ترسيخ لروح المتعة البصرية التي تبتغيها، ويرضى عنها المتلقي، انها ترسم وفي رسمها أناقة فنية ليس لها مثيل، رسم جميل، يراقص سحر الربيع، فيجتمع من حولها الفراش والنحل والطيور، في مشهد إبداعي لوني ليس له مثل.