تنثر الفنانة التشيكية منى العمري، ورودا وأزهارا في طريق المتلقي بالرباط رغم الصقيع، وبهذا تطلق من خلال أعمالها الجديدة نوعا من التحدي الحالم، الذي يصنع من اللوحة التشكيلية عالما شعريا ومورقا بامتياز، سيزهر في الربيع المقبل. بهذه الديباجة الفنية الزاهية، تفتح الفنانة منى العمري نافذة أخرى من ألوانها البهيجة، برواق قيس باكدال الرباط، على نسيم الحس الفني الجميل، وهو المعرض، الذي يقدم للمتلقي فيضا من الألوان المبهرة، التي توحي بسخاء أكثر ما تقول الحقيقة، ما يجعل من اللوحة التشكيلية في حضرتها قصيدة شعرية مفعمة بالحب والمودة ونبض الفؤاد، ونشوة الحياة. وبهذا الانسياب الفني الرقيق، الذي تطلقه الفنانة من نبع قاموس طبيعي مزهر في كل الزوايا، تكون منى التي تقيم معرضها الفني ضمن معرض بدون حدود، قد تمكنت من كسب رهان مشروع تشكيلي حصري تحتفي فيه بكل ما هو رومانسي، وطبيعي، وبكل ما هو تجريدي وتشخيصي رمزي في بعض الأحيان، فتكون بذلك تلك الفنانة المشاءة بين الفنون، التي حين ترسم، ترقص من حولها الظلال والألوان، وترفرف العصافير في الخيال، فيما أريج الإبداع الذي يتولد من ثنايا أناملها المشمسة والمضيئة يعبق في الزمان والمكان بفوح الورود. ان الفن لدى الفنانة ليس من اجل المال والشهرة، بل الفن ينبغي عليه ان يجلب السعادة والخير والمتعة البصرية والفرجة للمتلقي وللناس، فمن خلال تجربتها فهي ترسم لنفسها ولأقربائها ولكل من تحب، انها ترسم للناس أجمعين، ترسم كل ما حولها بشكل واضح أحيانا وبشكل رمزي أحيانا أخرى، فيها يجد الزائر ما يريد من أحلام وتصورات وأماني، ويجد فيها مصيره، وربما ما يحب بشكل كبير. هذا هو جزء من نبض اعمال الفنانة منى العمري الذي تطرحه في معرضها الجديد بعد الكثير من المعارض الفردية والجماعية، نبض يزاوج بين الرومانسي والشاعري وبين التجريدي والمنطق الفلسفي، والذي يجعل من اللوحة مادة لمحبة الحكمة، وذلك عبر شطحات فنية صوفية تختلف زواياها وطقوسها، الأمر الذي يجعل من الفنانة التشكيلية الفنانة "المجذوبة" في محراب الرسم، وفي مناسكها فيض طقوس، وابتهالات، تحيل اللوحة التشكيلية إلى طقس صوفي منه تفيض الكثير من الكرامات. بهذا يكون سحر هذا المعرض الذي افتتح في وجه العموم منذ السادس من الشهر الجاري، ويستمر حتى ال 25 من نفس الشهر، إضافة نوعية للحركة التشكيلية النسائية المغربية بشكل خاص، وهو ما يؤكد ان منى العمري التي تجدد في تجربتها من معرض الى اخر، واحدة من فنانات المستقبل، التي تجعل من الرسم مطية للحلم والبحث عن السعادة لتهديها للمتلقي، وذلك من خلال فيض ألوانها الزاهية والدافئة، التي بها تذيب بشكل رمزي صقيع فن تشكيلي نسائي مغربي يحتاج إلى كثير من النشاط والدعم، والى كثير من الفضاءات الدافئة من اجل العرض، وتقريب المتعة الفنية والبصرية الى المتلقي بشكل عام. عموما يمكن التأكيد ثانية ان معرض الفنانة التشكيلية منى العمري احتفال إبداعي ممتع بكل ما هو طبيعي، والذي برعت فيه، ما يحول اللوحة التشكيلية الى بطاقة بريدية، تقدم فيها الفتاة، سحر الطبيعية في قمة عطائها حيث أريج الإزهار الفواحة، وعبق المزهريات، بألوانها غاية في الجمال والأناقة، سحر على سحر، يرسخ لروح الحب والسلام والتعايش وبهاء الفنون الذي يقرب ثقافات الشعوب، وحضارات العالم هنا وهناك.