صدرت حديثا الطبعة الثانية (فبراير 2017) من كتاب “كذلك كان … مذكرات من تجربة الإنصاف والمصالحة” لمؤلفيه امبارك بودرقة وأحمد شوقي بنيوب. ويتضمن الكتاب، الذي يقع في 496 صفحة من القطع المتوسط، أربعة كتب وسبعة ملاحق، فضلا عن فهرس أعلام وملحق الصور وملحق ثان بصور تقديم الكتاب في طبعته الأولى (يناير 2017). وأوضح المؤلفان في “استهلال” الكتاب سياق تأليفه مشيرين إلى أن هذا النص كتب ، على مدار سنوات، بين الرباط وباريس وأزراراك بحوض سوس ماسة درعة، وأخذ صيغته النهائية بعيون الساقية الحمراء ووادي الذهب، ما بين صيفين، بفضاء مركز النخيل للدراسات والتدريب والوساطة. وبعد جرد للمتابعات الخاصة للمواقع الإلكترونية والمواكبات الصحفية واللقاءات التلفزيونية، ذكر المؤلفان بحفل تقديم إصدار “كذلك كان…” يوم 19 يناير المنصرم بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بحضور وزراء أولين سابقين، وأعضاء سابقين بهيئة الإنصاف والمصالحة وأعضاء هيئة التحكيم المستقلة، وأمناء عامين لأحزاب سياسية، ووزراء وقضاة وشخصيات سياسية ومدنية وحقوقية ونقابية، وفنانين ومثقفين وإعلاميين وغيرهم وجاء في كلمة تمهيدية لحسن نجمي، منشط الجلسة، أنه كتاب مرجعي فكري يضم أكثر من أربعة كتب، ويوفر دليلا لكل راغب أو طالب أو مهتم بمسار تطور الحراك المجتمعي، ويوفر مدة خصبة للمعنيين بالحكي التاريخي والإنساني وبالمادة السردية، ويتوفر على عدد وافر من المداخلات البيوغرافية، بكثير من الصدق والالتزام الإنساني والأخلاقي، والنزوع الوطني، وهو كتاب متوازن، وحقيقي بلغته وكتابته ونبرته القائمة على روح الإنصاف والمصالحة والحقيقة، لايتغيا إعطاء الدروس لأحد ما أو لجهة ما. وفي مداخلة بعنوان “عن الذاكرة والحكي في (كذلك كان…)”، قال محمد نور الدين أفاية “قد يبدو البعد الأخلاقي حاضرا في مقاربة هذا الموضوع، وهذا صحيح، لأن لحظة الانتقال إلى الديموقراطية في كل الحالات، تحتاج إلى درجة كبيرة من السمو ومن أخلاق الاعتراف بتأسيس رأسمال ثقة جديد يمثل قوة دفع لدولة حديثة تقر لناسها بصفة المواطنة وتنشر قيم التمدن والعدالة والحرية”. أما المحجوب الهيبة فتحدث في مداخلة معنونة ب”المذكرات – السياق والمؤتمرات” عن الأهمية والقيمة المضافة للمذكرات (قوة الموضوع، والفضل في التوثيق التحليلي للسياق والمفاوضات، ومصدر اساسي للباحثين)، والسياق الوطني للمذكرات (الآثار على مستوى الإصلاحات الديمقراطية، الإصلاحات المتواصلة للقوانين المهيكلة، التطور الملحوظ الذي عرفته الحكامة الأمنية، التربية على ثقافة حقوق الإنسان، تزامن عمل الهيئة مع عمل التنمية البشرية، إعداد واعتماد قانون خاص بالأرشيف)، وأهم الخصائص المميزة للتجربة المغربية والمذكرات. وقال حسن طارق “في الكتاب الأخير لمبارك بودرقة وشوقي بنيوب، “كذلك كان” مزيج آسر من طراوة الشهادة، جمالية السرد، غزارة التفاصيل وعمق التحليل، على أنه في الوقت ذاته، ليس بمجرد محكيات ويوميات فاعلين مركزيين في تجربة الإنصاف والمصالحة، ولا بمجرد بحث عن سياقاتها ومآلاتها، أبعد منذلك، يتعلق الأمر بإعادة بناء لتجربة العدالة الانتقالية المغربية، بمرجعياتها، محطاتها، وجوهها، مخاضتها، ومخرجاتها”. وتوزعت عناوين الكتاب ما بين مفاوضات المجلس الاستشاري في شأن إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة (الوضع عشية دورة المجلس الاستشاري، افتتاح الدورة، المرافعة دفاعا عن مشروع التوصية، لجنة التنسيق والحسم في التسمية….)، والكشف عن الحقيقة (منهجية الكشف عن الحقيقة، اللبس التاريخي وإشكالية السياق، جلسات الاستماع العمومية….)، والرحلة إلى الصحراء (قرارات إدريس بنزكري حول عمل الهيئة في الصحراء، المعالم الرئيسية للسياق التاريخي، الحوار مع مسؤولي الإدارة الترابية ….)، وأمور أخرى وضمانات عدم التكرار (اختيار أعضاء الهيأة، بروفايلات عن شخصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ….). ووردت في الملاحق إضاءات من سيرة إدريس بنزكري، ومن حركة المنفيين السياسيين إلى عودة السرفاتي، والمنظمة على عهد رئاسة المرحوم عبد الله الولادي، والمناظرة الوطنية مصدر أساس في دينامية العمل الحقوقي، واستئناف المسيرة من داخل المجلس الاستشاري، وسيرتا امبارك بودرقة ومحمد شوقي بنيوب، والنظام الأساسي لهيئة الإنصاف والمصالحة. وتضمن الكتاب أيضا فهرس الأعلام، وملحق الصور، وملحقا ثانيا بصور تقديم الكتاب في طبعته الأولى بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية. أعد لوحة الغلاف الفنان التشكيلي الراحل محمد شبعة لفائدة هيئة الإنصاف والمصالحة بوصفه مستشارا لها بمناسبة إعداد جلسات الاستماع العمومية، وتصميم فكرة الغلاف لعبد المجيد الهواس ومهدي دكالي.