تعاون أمني مغربي-إسباني يفضي إلى تفكيك خلية إرهابية تنشط شمال المغرب وإسبانيا    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني شي جين بينغ في زيارة تاريخية للمغرب    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني            تراجع معدل التصخم في المغرب إلى 0.7%    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    انهيار سقف مبنى يرسل 5 أشخاص لمستعجلات فاس    مكناس.. رصاص تحذيري يوقف شخص متلبس ب"السرقة" رفض الامتثال    أمن سيدي البرنوصي… توقيف شاب للاشتباه في تورطه بإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة    صفعة جديدة للجزائر.. بنما تقرر سحب الاعتراف بالبوليساريو    استئنافية طنجة توزع 12 سنة على القاصرين المتهمين في قضية "فتاة الكورنيش"    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    كيوسك الجمعة | إيطاليا تبسط إجراءات استقدام العمالة من المغرب    لقجع يؤكد "واقعية" الفرضيات التي يرتكز عليها مشروع قانون المالية الجديد    السلطات الجزائرية توقف الكاتب بوعلام صنصال إثر تصريحات تمس بالوحدة الترابية لبلده    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    البحرين تشيد بالدور الرئيسي للمغرب في تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرواية الشابة
بين مدركات الحس والتأويل
نشر في طنجة الأدبية يوم 07 - 05 - 2009

في هذا الجزء من دراستي في الرواية العربية أتناول: مدركات الحس فيما يوحي لما بلغ معه السَّعْيَ من الظاهر، أي ما توضح للكاتب من محققات الإلهام، من وحي متناولات البعد الايعازي، بين تغذية قوة الإدراك، ووسيلة التصرف في الجملة وعناصرها، والبحث في الخلق الانسيابي للأحداث، وتسوية تنفيذ فعلية للواقع وتحويلها إلى تصميم يقرأ المتغيرات، ويفهم دلالاتها.
كل هذه الأمور جعلت من الرواية العربية محور تجديد للحبكة التحديثية في تهذيب البرمجة الذاتية. وتشذيب البرمجة العضوية الوظيفية. في مكونات الرواية الشابة، مولعة بتقنيات الأسلوب الشبابي المجدد في مؤثرات اللقطة اليومية السريعة، التي تتفاعل ايجابياً مع المشخصات الأدبية واتصالها بالمظاهر المجتمعية. والملاحظ أن الروائي العربي عبر مسيرته الروائية بّرز قوة العناصر الدالة على براعتها أو سذاجتها، من مبدأ مسيرة اتصالها ببيئتها ومحيطها، وفي هذا المجال حدد الروائي قصي الشيخ عسكر الذي أنا في صدد تناوله في هذا الجزء من دراستي: الارهاصات الواقعية التي تناولها ودرسها في عمومها، من الجوانب المعنوية ومؤثراتها النفسية. شأنه شأن المجددين أمثال: الروائي الياس خوري، وواسيني الأعرج، وأحلام مستغانمي، ومهدي علي الراضي، الذين تناولوا الكائنات بالتحليل والتفسير والموازنة والاستنباط فأبدعوا في هذا الشأن.
وكذلك هو الشأن في تناوله للعملية السياسية القائمة حينها، فقد برّزَ الصراعات الحزبية بين الحزب الشيوعي، الذي كان له وقع مؤثر وقبول الناس به، حتى أنه كان يتسيد الشارع بدون منازع، وبين حزب البعث القومي ذي النزعة الشوفينية المؤذية للنفس البشرية، وكان مرفوضاً لدن العراقيين عامة، باستثناء مجموعة صغيرة من الضباط، ذوي الميول الانقلابية على نظام ابن الشعب عبد الكريم قاسم، تلك الخلافات التي ذاع صيتها في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، شكلت عاملا مهماً لإنتاج ومعالجة هذا الصراع بوعي الأجناس الأدبية: شعرا، وقصة، ورواية.
ولملاءمة الاتجاه الجديد، وبلوغ الروائي مراده المرن، فقد أسس الشيخ عسكر حبكة مثيرة البناء في حداثتها الموزونة بإسقاطاتها اللغوية والبنائية، التي كرس فيها أسس محاور ذات قيمة عالية الدقة منها:
- أن الأدب فن ذكي، وهو يتقدم كل الفنون الأخرى، عبر طرق وأشكال الوحي الذاتي.
- وهو فن يعتمد على الجمال في التعبير عن العواطف والمشاعر الإنسانية.
- وهو فن ينير السبيل إلى أن تكون الآثار اللغوية مفيدة ومؤثرة وممتعة تغذي العقل والشعور والأذواق.
فالسرد في رواياته وخاصة في رواية :"نهر جاسم" جاء متنقلاً في دائرة المعاني حول موضوعاتها، منشطا محاور الوصف، والجدل، ومشخصاً قوة الإدراك المستقل في المكون الروائي، مستفيداً من معالجات الروائي الذكي غائب طعمه فرمان، والروائي المعروف عالميا ماركيز، اللذين اشتغلا على تشخيص المجرد الحداثي، وسبر أغوار الجملة، وتكثيف إرهاصاتها، وجعلها تتبني أسلوب الحوار السريع. والتأثر ليس عيباً، كون التأثر يعتبر من المسائل الفطرية التلقائية، إذا توقف عند الإعجاب فقط، ولكن المأزق أن يبقى هذا الأديب أو ذاك متأثرا طول حياته، وتابعاً مطيعا لنصوص الآخرين، إذا لم يتحرر كلياً ويصنع له أسلوبه الخاص، معتمداً على التجديد العلمي والفني المفتوح على قريتنا العالمية الصغيرة، الذي أصبح الممول والمحرك الدائم لحركة التنشيط والتهذيب للنص الأدبي، ولكي لا يكون الكاتب تابعا مطيعا ومتأثراً بالتلقائية المباشرة، عليه أن ينفصل بذاته الإبداعية، كونه يمتلك نواصي المعرفة بهذه الأمور المتصلة بالمسؤولية اتجاه أدبه وسمعته وشخصيته الأدبية، كما هو الحال في روايته "نهر جاسم"، لما لهذا التوجه من ايجابيات تنعكس على ترتيب نصوصه وثقافته ولغته، لأنه القادر على تفعيل إحساسه ومشاعره، وتدبير هذه القيمة الفنية أو تلك بالخلق والموازنة، لما يكتسب أسلوبه من تميز عن الآخرين، وقول القرآن: " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت" وإن أختلف مفهوم الآية القرآنية بمضمونها التوحيدي الفقهي، بين الحق والباطل، إلا أن إيعاز مضمونها الذاتي الذي اخترناه جاء مطابقاً لتحليلنا، هذا إذا اعتبرنا النفس وما كسبت، أي الملكية الذاتية في محاور تفكيره وإعداداته البيانية للعقل، هي ملائمة لمقتضى الحال الإبداعي لأنه مردود إيجابي، فمسألة النية في تحييد الكاتب بشخصه عن المغريات ووسائلها الكتابية الأخرى، وإبقائه في ما اكتسب، هي حالة يجب أن تكون صافية ونقية فيما يؤرخ لإبداعه.
والوارد الذي حققته وكشفته الرواية الموسومة ب "المكتب" للروائي قصي الشيخ عسكر، التي اقتضت طرح أهواء الطلبة ومزاجهم، تلك التي تضع الشاب في مثل هكذا عمر، يبحث عن الجديد والمتغير، في الثقافة والعلوم وشغف المراهقة العاطفية. وفي ذات السياق زاوج الكاتب تأثير إرهاصات الثورة اليسارية الطاغية على الشارع العراقي آنذاك، التي كانت تتصدر الأفكار والسياسات المختلفة قومية وأممية. خاصة من خلال معالجات محاور القوة المحركة، في الأدوات والمفردات التي تشكل القدر الموضوعي للمجتمع. كان هذا ومازال مبدأ التصالح والتلاقي في الرواية العربية عامة، التي تبحث عميقا في العادات والتقاليد بلغة شعبية، متبنية الأعراف الدينية المتخلفة بقوة، وحتى الخرافية، فهي أي الرواية العربية لم تنتقد هذا الأيمان بالشئ ومثيله المتخلف، بل العكس من هذا تجدها ترسخه بقوة في العقل العربي الموغل في الجهل، غير المؤهل وعيا وثقافة، والمؤمن بالغيب والشعوذة. في حال تجد الرواية الأوربية عند جيمس جويس، الايرلندي أحد أبرز مجددي الرواية الأوروبية، كما في روايته الشهيرة "يقظة فينيجان" وروايته الأخرى "أوليس" التي تناولت مفهوم ما سميّ في حينها "بتيار الوعي" الذي عمد الأسلوب المتمثل في سرد الشخصية للأحداث والأفكار بشكل عفوي، في حين شخص الجوانب التجديدية الإيحائية التي تقوم على مفهوم توارد الأفكار وترابطها، بتراتبية تتخذ من البنية الثقافية طابعا معلنا في وحدة السرد، مطابقا بين اللفظ والمعنى في الحدودية اللغوية وكما يقول أبن رشيق: "اللفظ جسم وروحه المعنى".
والمراد من هذا الاختلاف إضافة الخلق والتجديد، وتقديره أن النص المجدد مؤثراً في الوجود لذاته، وهذا يقودنا إلى مفهوم هادي العلوي: "كل ما هو مؤثر بأحداثه، ومبدع في خلقه فهو حداثوي"، وهذا يؤدي بالنتيجة إلى أن يجعل من الكاتب يبحث في التخيل أقصاه، ويأخذ بمعطيات البحث عن الغرابة من واقعه المحيط به، حتى يكتشف ما أراده من نحو بليغ في تركيبة الصورة التي تبوح للمعنى دقته وإخراجه وتباينه. وفي هذا الخصوص ظهرت تيارات فكرية ثقافية مناهضة للجيل الروائي الأول، الذي وضع الرواية العربية على مسار الشهرة، خاصة عند توفيق الحكيم، والتكرلي، وحنا مينا، والطيب صالح، وسميرة عزام، فأدت هذه الرواية إلى نتيجة ظهرت آثارها على القارئ العربي في تجلياتها بعيدة المدى، فخلقت تجديداً متطوراً ملحوظاً في الوعي الشبابي، في فوران الرؤية المثالية والمادية معاً في عصر النهضة العربي.
أما الرواية الشابة فقد حققت في مسارها الحداثي توسعا دراماتيكيا، مما ترتب عليه نشوء مصطلحات جديدة ومتغيرات فكرية، تبعا للأحداث السياسية والاجتماعية، فتباينت الأحداث على ضوء ما انعكس عليها الأسلوب الحياتي المتغير، وهذه الضغوط التحديثية شكلت عاملا ايجابيا، لأن تخلق نصاً روائياً مختلفاً، ذا نكهة سريعة الإيقاع، في تبسيط الحدث وشروع متانته اللغوية، في اطر سردية تأخذ باستمرارية النص مشبعاً بأحداثٍ متوازية في الخلق الإبداعي، وعالية النفس في تزيين وتحسين مضامينها الروحية، من خلال عملية التناقض والربط المجرد، كونها مقنعة الهدف بشيئية بيئتها، كما هو الحال عند الطاهر بن وطار، وجيلي خلاصي، وحنان الشيخ، وقاسم قاسم.
أي أن الهدف الأصلي من خلق منظومة سردية بلغة رصينة، توصل المعاني خفيفة وسهلة إلى القارئ، هو سر النجاح والتحديث، الذي يأخذ بفاعلية عناصر التمييز الإبلاغية التي تمثل الانشغال بمدلولات النص، والتأكيد على أنها أصيلة صافية الجنس الأدبي لكاتبها، فتعني وتمثل الجانب الحيوي الإلهامي منه، أي أن هذا الكاتب يدلنا إلى المزايا الإيجابية والسلبية في ما يدور في مسالك مجتمعه، عبر منظور فني مقارب تحدده القيمة السردية، من خلال انسجامه الروحي والمعنوي مع الحدث، ليبرزه لنا بأحداث تستقطب المتلقي وتأسره في معانيها وألفاظها البينة، التي تؤسس للعمل الروائي تباينه الفكري والفني في لغة الإخصاب والاختصار والتكثيف، عبر الحوارات السريعة المفيدة في توصيل معانيها، لكي تؤسس لسلطة أقناع القارئ بأهمية وفحوى طبيعة الأحداث ومبتغياتها. كما هو الحال في رواية "خلف السدة" للكاتب: القاص والروائي عبد الله صخي. الصادرة حديثا عن دار المدى. ورواية "هوركي أرض آشور" للروائي صبري هاشم الصادرة عن دار كنعان. بعكس ما يظنه البعض من الكتاب، أن كثرة الرموز والتهويم والتعقيد، هي نصوص متينة وحديثة الأسلوب، وحصيفة المعاني، وبليغة الألفاظ. أما السر الحقيقي في هذا التوجه الكتابي إنما يدلنا هذا المؤلف أو ذاك إلى حضوره الشخصوي الذاتوي المغلق لا غير.
وما يفسر رغبة القارئ وانجذابه للرواية الناجحة هو تميز الكتابة وإثراء النص بفكر معاصر يأخذ باللغة إلى الإحاطة بدراسة جوانب الشخصية: أن تكون بالمستوى المطلوب في تكوينها وترابط لغتها العاطفية منها والعملية، وغرابة الفهم في الأسلوب وعناصر تكوينه، كما هو الحال عند الطاهر بن جلون وغائب طعمه فرمان. وبهذا يستحق النص الروائي التأمل في قراءته ودراسته، لما ينقله هذا السرد من تحول في الرؤية الايجابية بطريقة النقلة الحداثوية السريعة، ومفهوم التحديث هنا هو التميز الإبداعي في بلاغة السرد من خلال الخصائص والمستلزمات التجديدية، وتلازم العناصر العقلية والانفعالية والسلوكية، والمهم هنا الأخذ بنظر الاعتبار الابتعاد عن السرد الروائي الخاضع لأسلوب السلف التقليدي الصارم.
ولهذا فالدخول إلى عالم القاص والروائي قصي الشيخ عسكر يجب أن يعتمد على التركيز في المحصلة الأولى، على المنهج المعتمد في تحليلاته لجوانب غامضة في الشخصية مثل:
- الميول إلى الصمت بدون هدف مسبق يعنيه.
- الصوت غير المنطوق، ودلالات منطوق الإيماءة.
- أشكال السماع التي أراد لها الكاتب أن تتوزع في ثلاثة مقاصد: من يستمع بعقله، ومن يستمع بقلبه، ومن لا يرغب أن يستمع بالاثنين معاً.
بمعنى أن الكاتب استحدث تحليلاً فسيولوجيا للحواس التي تتعاطى مع طبيعة الخواص العاطفية في الضمير غير المعلن:
المتمردة على الأسلوب الحياتي اليومي:
أيجاب = لأنها تأتي بخواص حياتية جديدة، الأمر الذي يجعل هذه الشخصية في مرتبة فكرية رفيعة.
أو المتحدة معه:
سلب = لأنها تتطابق مع الخواص الروتينية للحياة. وهذه الخاصة تجعل من الإنسان مطيعاً وخاملاً وغير فاعل.
هذه الخواص التي تنتجها الأحداث والتطورات الاجتماعية والعائلية منها، وما يحيط بها من منعطفات نفسية غير مستقرة تستعرض حالة الشخصيات بقوانينها الملزمة عنوة.
ولكي أوصل القارئ إلى ما أنا قاصده ندخل إلى أحداث الرواية " المكتب " الصادرة عن "مطبعة أبن حيان" في أيلول من عام 1989، صمم غلاف الرواية أحمد معله.
وفي هذا العمل أستطاع الروائي أن يلزمنا بتجانس رؤيته التحليلية في بلاغة وأهمية الرواية الشابة، وتطابقها مع نظرته التجديدية التي تعلن عن تجانسها مع دراستي هذه،
والمقطع التالي يجعلني أنا القارئ منسجماً مع النص الروائي حيت يطلعني الكاتب على:
" معدله العام دون شروط الجامعة.
علق سلمان العلي على كلام زوجته، موجها سؤاله لكريم:
ماذا تنوي أن تفعل؟
لم يكن ينتظر الوقت ليفكر. قال على الفور:
أعمل في محل أهلي. وظيفة الحكومة لا تنفع. أشتغل مدة واجمع مالاً، ثم أرحل لأكمل دراستي.
قالت خديجة، وقد عادت علامات الفرح ترتسم على وجنتيها:
أنت وحيد لن يأخذوك إلى خدمة العلم.
قال الزوج كأنه يطمئن امرأته:
لو كنا نسكن البصرة لوجد عملا في شركة أجنبية.
ثم عقبت بعد فترة صمت:
سأحاول اتصل بمعارفي عسى ولعل. "
إذا أمعنت التدقيق في هذا الحوار، والحوارات التي سوف نأتي على ذكرها لاحقاً، تجدها في عمقها موضعاً قد خلا منه كبار السن، أو على الأقل حيّدَ الكاتب هذه الفئة البشرية من روايته، وصار يشار إليها بالتداعي، فأصبحت الرواية في الغالب الأعم تختزل الفئة الشبابية، وفقاً لمعطيات الأحداث التي أراد لها الكاتب أن تُؤَرخْ مجريات الخلق الفني ضمن مناخ اجتماعي مفتوح على آخره، فتلاقح صرفاً في موضوعاته السرمدية التي عاشرت وأطاعت بنيويتها الاختزالية، في سياق خصوصية المبدع، كونها العين التي تبصر الموضوعات وتحاور شيئياتها، ولهذا فالتأسيس الكتابي يعتمد بالمطلق على الثقافة الذاتية في البنية الجينية في خلايا التفكير، والمكتسبة من فعل الموجودات ومتغيراتها الايجابية أو السلبية منها،
وهنا لو تحدثنا عن علاقة الكاتب بالشخصية. نجده ومنذ حواره الأول قد عاصر الشخصية في قربه التاريخي الزماني والمكاني، ولهذا فقد حدد الأبعاد النفسية كالمشاعر واللذات، منذ البداية لشباب كان همهم الوحيد التعليم، متأثرين بالطفرة الثقافية والصناعية الأوروبية في قوله:
"كانت أوروبا الغربية المثال الأول المرسوم أمامه، والمثال الثاني المنظومة الاشتراكية."
كان هذا هو الهدف المرسوم في وعيه وثقافته، وقوة إيمانه بتحدي الصعاب المادية، التي تقف في كثير من الأحيان عائقاً بطريق النشاط المحسوب، لذا فقد أصبحت أوروبا مثاله، الذي يطمح لأن يبني مجتمعاً حضارياً وصناعياً مثله، حضارة مبنية على حرية المهارات، والإبداع، والتشريع الإنساني، لكي تصلح لكل زمان ومكان. وهي خاصية أراد الروائي أن يعالجها على أسس موضوعية التطور الانفعالي، وليس بالتشابه أو التقليد مع حضارة أوروبا.
وعودة للحوار الأول فقد أدخل الروائي الشخصيات في حوار تجده عادياً جدا في بلد من بلدان العالم الثالث "بتعبير ماوستي تونغ". الذي أراد أن يظهره من خلال ثقافة الحوار، المبني على جدل داخلي يقوم على صراع تناقضي في اتجاه واحد، يؤسس لجدل خارجي يقوم على تلاؤم الحضارتين، حضارة وادي الرافدين، والحضارة الأوروبية الحديثة في قوله:
"شدته الأفكار والمناقشات، كما شدت بعض الطلبة، وظل الحديث يأخذ طابع التمثل بما وراء الحدود من خصب ومثال لحياة أفضل، في وقت انتشرت كتب رأس المال، وقصص مكسيم غوركي، وفكتور هيجو، وكتاب دارون، وروايات أميل زولا، والبورتومورافيا، وازدحمت في مكتبات بغداد."
أراد الكاتب "البطل" أن يأخذ بالمفروض الواقعي إلى الوعي المصوغ من خلال وعي المثقف العراقي، وارتباطه بهموم الناس، ومعاناتهم اليومية، التي تميزت برفضها المعلن. عندما تلقف الراوي النشاطات الثقافية والسياسية اليسارية القادمة من أوروبا على يد الليبراليين أمثال: بوب بلاك. وهو من الجدليين المعاصرين، وتورغونييف الذي بشر بالعدمية "النيهلستية" في روايته "الآباء والأبناء" وبطلها العدمي بازاروف. والشيوعيين أمثال كارل ماركس، وانجلز. والأناركيين أمثال: ليساندر سبونر، وبنجامين توكر. الذين طوروا مفهوم فلاسفة وأدباء عصر النهضة العربي من خلال البوابة الأوروبية الثقافية والتنويرية منها.
والملاحظ أن الكاتب بدأ جهده مركزاً على الطفرة العضوية للجملة، التي تأخذ بالسرد إلى اختصار تداعيات الماضي، والتركيز على الحاضر والمستقبل، وهو في حالة من الوثوب الدائم واليقظ، والعزم على مسك الخيط من أوله، ولكن تبقى البداية دائما غير مثالية عند أغلب الكتاب في بداية كتاباتهم لهذا الجنس الأدبي أو ذاك، سيما وأن الاعتماد الملاحظ نجاحه جاء في صيغة تبني الاستنتاج الضمني لطبيعة الحالة الاجتماعية، ومؤثراتها الذاتية، وإسقاطها على الحوار من خلال الإحساس العام الذي يملأ النفوس بالاهتزاز المادي في قوله:
" أعمل في محل أهلي. وظيفة الحكومة لا تنفع. أشتغل مدة واجمع مالاً، ثم أرحل لأكمل دراستي."
هو اليأس النفسي إذن، الذي يحيط تفكير الشباب بعدم الثقة بهذه السلطة القاهرة لشعبها، ومحاولة الوقوف بمواجهة التردي المعاشي والسياسي لبلده العراق، إلى درجة اكتشف أنه يعيش في بلد يفتقر إلى أدنى حالات التطور التنموي الخلاق، وإغفال حقوق الإنسان، والتعدي على الحريات العامة، وعدم الالتزام برأي الأغلبية "الديمقراطية"، خاصة وأن الكاتب من سكان الجنوب وبالتحديد من محافظة البصرة، قضاء التنومة، فشعوره بالغبن والإهمال وبعده الثقافي التنويري والأدبي، مكنه من الدخول إلى الكشف عن معاناة شعبه، وافتقار مجتمعه إلى ابسط حالات الرفاهية والسمو الإنساني.
الملاحظ أن الرواية مكتوبة في أيلول من عام 1989، وهو عام قريب من الأعوام القلقة، التي شهدت بها كل الأجناس الأدبية غفوتها واستهلاكها، بمتأثرات عديدة منها:
- بلوغ السلطة البعثية الدموية الظالمة في العراق غاياتها القصوى، في ملاحقة واعتقال الوطنين الأحرار من الكادر الثقافي، والأكاديمي، والعسكري، ورؤساء العشائر، والكادر العمالي، وزجهم في غياهب المعتقلات القذرة وإخفائهم للأبد.
- حرب الثماني سنوات، وما خلفته من تدمير معنوي في كل المجالات، بين إيران والعراق، والتي انتهت بهزيمة الدولتين.،
- نكسة الحروب مع إسرائيل، والاجتياح الإسرائيلي للبنان، كان ومازال يحقن النفوس ويعذبها، ولبنان كان وقتها هو البلد العربي الوحيد الذي صنف من البلدان الديمقراطية في العالم، وهو هكذا لحد هذا اليوم يعتبر بلد الحريات كلها.
ومع هذا فقد حقق الكاتب لروايته القسم العفوي، في تنامي الجزء الظاهر في الخصائص البنيوية، التي تجمل وظائف الحبكة الدلالية في تنامي النص، خاصة عندما أجاز للأسلوب تبني المحلية، في بنية النص العفوي، بدون هدف واضح يميز هذه الاستقلالية، مما شكل تنامياً متعثراًً ظاهراً في الانسجام الداخلي وتلازمه، كونه نشط من الوصفية التحليلية الشاملة لمضمون السرد المباشر، أي التصوير، بتعبير أخر أن الكاتب لامس طرف: محور القوة المحركة، أي العملية الإبداعية، التي من المفترض أن ترسم الأحداث ودلالاتها بريشة تطابق الخيال مع الملموس الإبداعي الذاتي، وليس الملموس المكتسب، الذي ينحى بالأسلوب الروائي إلى القلق الوظيفي، والغاية هي فك الالتباس بين الحقيقة الإبداعية، وبين الوهم، لتحقيق بناء جملة واضحة التركيز على معانيها المرتبة بعموم واقعية الحكاية، التي من المفترض أن تؤدى إلى تلازم النسيج المكون من الأدوات المحلية الأصيلة، لما يتوافق مع إيقاعاته الوجدانية في المسار الذاتي للأبطال، في قوله:
"معدله العام دون شروط الجامعة."
وبعد سطور معدودة تصافى الكاتب مع تداعيات الأسلوب باتجاه الماضي قائلا: "كثيرا ما منعته من الخروج واللعب في الشارع، تفكيرها يقتصر أن تحفظه من مآسي الطريق، وأخطار العجلات، وتمنعه من الاختلاط بأبناء الشارع، حتى تؤدي أمانة الأم فيشب."
من دون شك استخدم الفلاسفة الأقدمون كما هو الحال عند أفلاطون في المدينة الفاضلة، أسلوب التداعيات منهجاً وصفياً يربط أجزاء بنية الموضوع بالوظيفة الإبلاغية، وقد أخذ المعاصرون هذا البناء الأفلاطوني لبلورة ملامح النص وتبيان السياق العام للبناء، وهو صناعة نسيج فني يتابع مسيرة ارتباط المعاني مع خصائصها بوجوب سياقاتها المختلفة، وقد حقق قصي الشيخ عسكر هذه الإفادة، ولكن بخلاف بسيط، حيث أنه لم يمفصل التقنية التناسجية التلازمية في الرؤيا الداخلية في تراكيب المعاني، تأكيداً لتحقيق الوظيفة الروائية، التي تتبنى تتبع الأحداث في سياقها العام في وحدة المعنى، وذلك من أجل أن تحقق متلازمات الأسلوب في ترابط البناء صرفياً، ومنها تتوحد الوصفية الوظيفية مع البنية اللغوية لتبيان الانسجام العام في خصائص الموضوعات. وفائدتها أن لا تتشتت أفكار القارئ التي من المفترض أن تنسجم مع المسيرة السردية.
لقد حفزني الشاعر والروائي قصي الشيخ عسكر عبر أجناسه الأدبية المنوعة، إلى طرح تساؤلات عديدة منها:
- لماذا يتجه البعض من الشعراء إلى كتابة الرواية، ويضعها بلغة شعرية معقدة، فيفقد السرد قانون صراع المتناقضات الداخلية أهميته؟
- لماذا اللسان العربي "عند البعض" لا يتجه إلى التبسيط واغناء المعاني بسهولة اللفظ والإيعاز؟
- لماذا لا نضع نصوصنا ضمن خصائص السياق البنيوي المحلي، ونتجه عوضاً عنه إلى السياق البنائي الأوروبي؟ وحاله يزرع في حقل ويجني ثماره من حقل آخر، فتصبح العبارات والجمل مركبة تركيبا مشتتاً ومعقدا، وبهذا يبتعد القارئ عن النص!!
كل هذه الأسئلة تقودنا إلى دراسة نتوسع فيها إلى أبواب ومحاور عديدة في الأجزاء القادمة من دراستي هذه في الرواية العربية. ولكي نبين نقاط الاختلاف والمطابقة مع هذه الأسئلة نقرأ هذا الجزء من الرواية:
" دخل المنزل الساعة العاشرة، ما كاد ينتهي من خلع ملابسه حتى أقبلت أخته كعادتها تلقي عليه أسئلة يضجر منها، فيخفق تأففه بإجابات مقتضبة.
– أتعشيت في السوق أم في بيت صديقك صالح الذي حدثتني عنه؟
كان يحرك رأسه بالإيجاب أو النفي، ويغلف ضجره بابتسامة واسعة، بينما واصلت أخته:
- راع نفسك بالأكل خارج البيت، فربما لا تهتم البيوت والمطاعم بنظافة الأكل مثلنا! خرجت لتتركه وحده. أحس بصفاء ذهن بعد تحقيق قصير. أخرج الكتاب ، وبدأ يقرأ عبارات سمعها من إذاعات مختلفة، ومصطلحات بعضها عرفه وآخر مر به، ولم يجد إلا القليل الذي يخالف رأيه وتعاطفه، لقد ورث عن أخته وزوجها، ووالديه قبل الرحيل كرهاً لحكومات أسقطت العهد الجمهوري الأول. كان أهله يتعاطفون مع اليسار، فالشيوعيون، والوطنيون، وقفوا جنب عبد الكريم قاسم في محنة رمضان وظلت صورة الزعيم في عيني والديه رمزا لحامل سيف الحق على الظلم، وكانت أخته مثال أمه لا في تفكيرها فحسب بل تصرفاتها. أما زوج أخته وأن لم يتحدث بالسياسة إلا قليلاً، فأمنيته أن يبصر آل عارف معلقين بالساحات التي علق فيها أنصار الحكم الملكي."
اعتمد الروائي في هذا البناء: خصائص البنية الصوتية التي تعكس محاكاة السمع في قوله:
"أقبلت أخته كعادتها تلقي عليه أسئلة"
أما الصمت فجاء ملحقا ثانوياً لنشأة اللسان بفاعلية النطق والصوت، في قوله:
"كان يحرك رأسه بالإيجاب أو النفي."
لأن الإجابة لا تحدد النطق في اللسان وحسب، إنما هناك أكثر من عامل للرد بوضوح على الأسئلة، ومنها الإجابة في حركة الرأس كما أشار لها الكاتب، أي الإشارات الدالة على المعاني غير المنطوقة، وحركة اليدين، والعينين، والتأفف كما أحالها الكاتب إلى تبني الإشارة. وقد تكون هذه الإجابات حركة وصفية مقنعة، بخلاف تحديد وحدانية بقية الحركات في فسلجة العقل وايعازاته: كالسمع، والأكل، والنظر، والشم، والمشي، وأخرى وظيفية داخلية، في حدود تبيان وتمييز تطبيقاتها الإبلاغية. وقد بين السكاكي في هذا الاتجاه في كتابه " مفتاح العلوم":
"حيث بين أن علم المعاني في مفهوم الإشارة "الإجابة" على الشئ تتجلى في تتبع كيفية ارتباط الإسناد بالإفادة عن طريق مفهوم الإشارة في سياقاتها المختلفة".
أراد الروائي هنا أن يطرق المحلية بلغة تتبنى المفردة الشعبية المدنية، حين سألته أخته:
"أتعشيت في السوق أم في بيت صديقك صالح الذي حدثتني عنه؟".
فالكلمة "أتعشيت" شعبية تدل على التخصيص الزمكاني، أي تناول وجبة العشاء المسائية في مكان ما، هذا لأن البناء التخصصي في هذا المقطع يتحد مع مضمون السياق العام للرواية، كونه يحجب الشكل، ويبين المضمون ولذا فالتناسق تركب ذاتياً، وهو غير ملزم بالتلاقي العضوي بين الشكل والمضمون، لأن حال هذا المقطع شكله لونه الخاص، وكأنه بنية فنية منصرفة بتركيبها ونجواها ودلالاتها الإيقاعية، التي يجب أن تنسجم انسجاماً شيئياً في دواخلها الروحية وخوارجها الشكلية للدلالة الصوتية، وهو تخزين الخوف في عقل الأخت، للحفاظ على الترابط العضوي في وحدانية البناء للمخصص النفسي لهذه الرواية. ويظهر من ذلك أن الانسجام الذي اعتمدته كلمة "أتعشيت" لها صلة بالعوامل النفسية الصامتة التي يشتكي "يضجر" منها البطل "الأخ" في أمنيته الدائمة الملحة في نفسه أنه أصبح شاباً يعتمد عليه، خاصة وأن "الأخت":
"مثال أمه لا في تفكيرها فحسب بل تصرفاتها."
هذه الدقة في التشبيه الجلالي بين "الأخت" و "الأم" مؤثرة في موقعها وفعلها، واختصار المعاني زاد من فعلها الإنساني التربوي تألقا، يعني ذلك أن التدفق الفسلجي عند الروائي في لغته الرصينة، جعلها مبنية دائرياً في ديمومة مسارها المكاني الخاص. فالرواية التي تحاكي الواقع عبر مكونات عناصره، بروحية شفافة، وتعالج موضوعاته، تجد تأثيرات الواقع معكوسة فيها كالمرآة وهي تحاكي المتلقي.
يتبع : الجزء الثالث من دراستي في الرواية العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.